تشغيل الموارد البشرية والايدي العاملة العاطلة وتقليل نسبة البطالة المقنعة، ولتكتمل حلقة إنتاج وتصنيع الحديد بكل الاختيارات والأنواع وهذه المصانع نُفذت وفق أحدث الخطوط الإنتاجية من المناشئ العالمية، وهي فرصة ثمينة لتغطية حاجة السوق المحلية من هذه المادة المهمة للصناعة والبناء، والخطوة البكر لإحياء القطاع الصناعي...
يقول المثل الانكليزي (ان تصل متأخرا خير من ان لاتصل ابدا)، فقد بقي الاقتصاد العراقي يترنح بالريعية رغم التحذيرات المتواترة من المختصين بحتمية ابتعاد ارتهان أي اقتصاد عن النفط الذي تشير جميع التقارير الى انه من المحتمل ان ينضب في العقود المقبلة مع توجه العالم نحو استخدام الطاقة المتجددة، ولكون النفط من الاسباب التي تؤدي الى الاحتباس الحراري وما يسببه من تدمير للبيئة ويشكل تهديدا ليس للمناخ والبيئة بل وللأمن الغذائي ايضا.
من المؤكد ان حكومة السيد السوداني لاتمتلك عصا سحرية لتغيير الواقع الاقتصادي ـ البيئي نحو الاحسن لكنها تحاول جاهدة قدر الممكن ذلك من اجل استعادة الثقة بالعملية السياسية وبالاقتصاد العراقي، وان كانت قد رفعت شعارا في برنامجها الحكومي انها ستكون حكومة خدمات واصلاح ملف الاقتصاد عن طريق تنويعه وكسر احتكار الريع النفطي بتنويع بقية القطاعات الاقتصادية مع تنشيطها، فالتنويع الاقتصادي يسهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية والمحلية ويلعب دوراً كبيراً في جعل قطاعات الاقتصاد غير الرئيسة تسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسب كبيرة تصل إلى 50 بالمئة (بحسب خبراء الاقتصاد).
يدفعنا القول انه لايمكن غضّ النظر عن هذا الخبر النوعي والحدث الاستراتيجي في مضمار التحول التدريجي الى تنويع الاقتصاد العراقي غير النفطي مع تسجيل نمو في الناتج المحلي الاقتصادي غير النفطي في العراق ليصل الى 6 بالمئة (بحسب المؤسسات المالية الدولية) وهي نسبة مشجعة وإيجابية وقابلة للزيادة ولأول مرة منذ عقود حين دخلت القطاعات الاقتصادية الموازية للنفط مرحلة السبات والاهمال المتعمد وتشير التقارير الى مايقرب من 6 آلاف مصنع تعرض للغلق في عموم العراق، ولم تفكر جميع الحكومات المتعاقبة بتنشيط مفاصل أي قطاع واكتفت بما يدره برميل النفط مع استمرار الاهمال للقطاع النفطي ذاته، وترك الغاز ليحترق عبثا لتضيع المليارات في الهواء، فهذا الاسلوب وان كان متخلفا ويخلو من البعد الاستراتيجي في ادارة وتوجيه وتخطيط الاقتصاد ومفاصله في بلد يمثل عملاق النفط في العالم وقد يربو عدد سكانه على الخمسين مليون نسمة في المستقبل المنظور.
الباكورة كانت من البصرة والطموح هو تشغيل مصنع "الدرفلة" الذي سيمكّن العراق من تقليل استيراد مادة الحديد مستقبلا ناهيك عن الحفاظ على العملة الصعبة وتوفير منتج وطني مهم مع توفير فرص عمل جديدة، يعني تحقيق اكثر من هدف في هذه الخطوة الاولى عسى ولعل ان تتبعها خطوات اخر -اضافة الى القطاع الخاص المختص بالحديد- ليس على صعيد الصناعة بل في التصنيع الغذائي ايضا والتي قال عنها السوداني (سيكون صوت المكائن هو الاعلى) في اشارة الى الشروع الجاد في هذه الخطوة وتحقيق (الاكتفاء الذاتي من الحديد الصلب) وان تشغيل هذين المصنعين (الدرفلة والحديد الصلب مع الخدمات الهندسية الملحقة بهما) سيمكّن العراق من تقليل استيراد مادة الحديد مستقبلا.
والهدف الثاني هو الحفاظ على العملة الصعبة من الهدر، وثالثا تشغيل الموارد البشرية والايدي العاملة العاطلة وتقليل نسبة البطالة المقنعة، ولتكتمل حلقة إنتاج وتصنيع الحديد بكل الاختيارات والأنواع وهذه المصانع نُفذت وفق أحدث الخطوط الإنتاجية من المناشئ العالمية، وهي فرصة ثمينة لتغطية حاجة السوق المحلية من هذه المادة المهمة للصناعة والبناء، والخطوة البكر لإحياء القطاع الصناعي العراقي وصولا الى تحقيق الحلم الجماهيري لمطلب (صنع في العراق).
اضف تعليق