تعد الجزائر قوةً اقتصاديةً بارزةً وسوق بكر في شمال افريقيا، حيث تتربع على حجم كبير من احتياطات الغاز الطبيعي التي تعد الأكبر في افريقيا بعد نيجريا ثم تليها ليبيا، تورد الجزائر كميات كبرى من الغاز الطبيعي في هيئة مشاريع وعقود عملاقة مربحة الي أوروبا، إذ تُعتبر صادرات الطاقة العمود الفقري لاقتصادها، وسوناطراك، الشركة الوطنية للنفط، هي أكبر شركة طاقة وطنية في أفريقيا...
تُعتد الجزائر قوةً اقتصاديةً بارزةً وسوق بكر في شمال افريقيا. حيث تتربع على حجم كبير من احتياطات الغاز الطبيعي التي تعد الأكبر في افريقيا بعد نيجريا ثم تليها ليبيا. تورد الجزائر كميات كبرى من الغاز الطبيعي في هيئة مشاريع وعقود عملاقة مربحة الي أوروبا. إذ تُعتبر صادرات الطاقة العمود الفقري لاقتصادها، وسوناطراك، الشركة الوطنية للنفط، هي أكبر شركة طاقة وطنية في أفريقيا. كما ان الجزائر هي عضوة بمنظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك).
مع صعود أسعار النفط في عام 2008، اتخذت الجزائر سياسة استثمارية تنموية بديلة عن مصادر الطاقة، لأن الفوائض المالية الكبيرة من عائد النفط بثت مصدر ثقة وجذبت استثمارات اجنبية كبيرة، نزلت بثقلها في السوق الجزائري التقليدي، التي تطمح لخلق بيئة جديدة ومبتكرة وذلك بإنشاء أسواق مالية عالمية لتداول الفوركس الشهير (تبادل العملات الأجنبية) والعملات الرقمية على غرار دولة الأمارات العربية المتحدة. ومن أهم الشركاء الأجانب للجزائر: هما الصيني في مجال الصناعي الاعمار والاتصالات، والفرنسي في مجال المالي والتكنولوجيا والمواصلات.
وطبقاً لتقرير مجموعة تطوير البنك الافريقي، بين يناير وأغسطس 2010، بلغت التجارة الثنائية بين الجزائر والصين 3.98 مليار دولار أمريكي بزيادة 7.5٪. كما أن بلغ العجز التجاري للصادرات الجزائرية إلى الصين 0.8 مليار دولار أمريكي بنسبة 133٪، تمثل 2.3 ٪ من إجمالي صادراتها. استيراد الجزائر من الصين كانت 3.18 مليار دولار أمريكي. في عام 2010، صنفت الصين شريك التصدير الثاني عشر في الجزائر ويليها شريك الاستيراد الثاني هو الشريك الفرنسي.
كما أصدرت مؤخرا الندوة الأممية للتجارة والاستثمار التي عقدت في نيويورك عام 2017، ان مخزون الاستثمارات الأجنبية المباشرة الداخلة الي الجزائر، قد بلغت 27.77 مليار دولار في نهاية 2016 مقابل 19.54 مليار دولار في نهاية 2010 و3.37 مليار دولار في نهاية 2000.
لماذا تراجعت الاستثمارات الأجنبية في الجزائر؟
عادة حكم القانون، ومكافحة الفساد، وفعالية الحكومة، والجودة التنظيمية - كلها عوامل بالغة الأهمية لنجاح التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات. وقد أظهرت هذه التدابير تحسنا ملحوظاً منذ أواخر التسعينات في سياسة الحكومية المتخذة في الجزائر، إلا ان هذه التدابير لم تكفي في تخفيف وطأة تراجع الاستثمارات الأجنبية لهذه الأسباب الرئيسية التالية:
تذبذب أسعار النفط
انخفاض سعر النفط تدريجياً بسبب الازمة الاقتصادية المالية الامريكية في أواخر عام 2010، التي وصلت تبعاتها الي أسواق أوروبا وأسيا والعالم، سبب بإصدار قرار من الأوبك بتخفيض إنتاج الجزائر بسبب الكساد الاقتصادي العالمي. ثم لحقها بالاعتماد الأمريكي على النفط الصخري كمخزون احتياطي بعيداً عن أسواق الشرق الأوسط وشمال افريقيا مما اثرت في تذبذب سعر النفط الحالي وجموده. هذا الجمود مهد لفقد الثقة في السوق من قبل المستثمرين بمواصلة ضخ استثماراتهم إلى الجزائر، وهذا بسبب اعتماد الجزائر على المدخرات والفوائض المالية اثناء هبوط أسعر النفط. كما أن الجزائر قررت عليه خفض استثماراتها الي درجة النصف، حيث خلال سنة 2016 عرفت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الخارجة انخفاضاً بحوالي النصف حيث بلغت 55 مليون دولار مقارنة بقيمة 103 مليون دولار التي تم استثمارها في سنة 2015 بالخارج.
العامل الأمني والظروف الجيوسياسية المحيطة
كما يعتمد النمو الاقتصادي على الأموال والاستثمارات فهو يعتمد كذلك على العامل والظروف الأمنية بدرجة مماثلة. الأمن السيئ عاملاً رئيسياً آخر يثبط الاستثمار. وجدت الجزائر نفسها محاطة بظروف إقليمية مشتعلة في شمال افريقيا والشرق الأوسط بسبب بما يعرف "الربيع العربي"، الذي سبب في اندلاع احتجاجات وحروب أهلية في عدة بلدان عربية ودول النطاق المحيطة بالجزائر مثل ليبيا وتونس.
يمثل هذا الاعتلال حالة لا استقرار تلمس وضع الجزائر الاستراتيجي، حيث مهد للجماعات الإرهابية المتطرفة بالانتشار في الصحراء الكبرى، مما عليه سبب بخروج الشركات الأجنبية وتسريح عمالها المحليين. أضف الي ذلك تشنج الظروف الأمنية في عدة قطاعات، منها النفطية والسياحية. وبالإضافة، حدوث عدة احتجاجات محلية بالجزائر مصاحبة بما يسمي بالربيع العربي، مما ترك عدد قليل من الشركات على استعداد للمخاطرة بالاستثمار في هذه المجالات.
استراتيجية الجزائر حيال تراجع الاستثمارات الأجنبية
اتخذت الجزائر استراتيجية مدروسة براغماتية وفعالة على المدى القصير والبعيد. منها تقليل حجم الانفاق المحلي وجذب أكثر للمستثمرين الاجانب، كما أن الحكومة الجزائرية وضعت حزم قانونية جديدة حول الاستثمار يسهل العمليات الجمركية والبنية الضرورية للمشاريع الاستثمارية الأجنبية بالبلاد. أضف الي ذلك أنها اتخذت طريقة سلسة بالتأقلم مع احداث الغير مستقرة بدول الجوار. حيث تعزز الجزائر الوضع السياسي والأمني بتونس وليبيا، وذلك بإقامة عدة مبادرات لدعم حوار الوئام السياسي والأمني لدى هذه الدول. وكذلك أوجه التعاون الأمني ونشر قوات للجيش لحفظ امن الحدود ومنع تسلل جماعات التهريب والإرهاب عبر الصحراء.
وطبقا للندوة الاممية للاستثمار، بشكل عام فإن ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الجزائر قد تم تسجيله في إطار تحسن التدفقات الاستثمارية نحو شمال افريقيا التي ارتفعت بنسبة 11 % مسجلة 14.47 مليار دولار في سنة 2016 بسبب عودة نشاط الاستثمارات الأجنبية المباشرة الى مصر، الذي انعكس على الجزائر حسب ذات التقرير. فهذا التحسن راجع جزئيا لتحسن السياسات الاستثمارية والارتفاع الطفيف الذي شهدته أسعار النفط مؤخراً.
اضف تعليق