نحو دولة واحدة من بين كل ثماني تنفق على الديون أكثر مما تنفقه على الخدمات الاجتماعية، وفقا لتقرير جديد صادر عن اليونيسف يوم الخميس. ودعا التقرير إلى تخفيف عبء الديون وإعادة الهيكلة لتمكين البلدان من التعافي من الجائحة. ويشير التقرير المعنون \"كوفيد-19 وأزمة الديون التي تلوح...
نحو دولة واحدة من بين كل ثماني تنفق على الديون أكثر مما تنفقه على الخدمات الاجتماعية، وفقا لتقرير جديد صادر عن اليونيسف يوم الخميس. ودعا التقرير إلى تخفيف عبء الديون وإعادة الهيكلة لتمكين البلدان من التعافي من الجائحة.
ويشير التقرير المعنون "كوفيد-19 وأزمة الديون التي تلوح في الأفق" إلى أنه في عام 2019 أنفقت 25 دولة تعاني من الفقر، نسبة أعلى من الإنفاق الحكومي على خدمات الديون مقارنة بالتعليم والصحة والحماية الاجتماعية مجتمعة.
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف، هنرييتا فور: "إن التكاليف الشخصية والعامة هائلة، مما يترك أملا ضعيفا لدى الأطفال ومجتمعاتهم وبلدانهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة".
يقول التقرير إن هناك حاجة إلى بذل جهود عالمية لحماية الإنفاق الاجتماعي، ومعها حق كل طفل في الضمان الاجتماعي والتعليم والخدمات الصحية.
وحذرت السيّدة فور قائلة: "إنه من غير المرجّح أن يتحرر الأطفال الذين يعيشون في البلدان التي تعاني من أعباء ديون عالية وموارد محدودة للحماية الاجتماعية والتعليم والصحة من الفقر والحرمان".
قيود الديون
يسلّط التقرير الضوء على البلدان المعرّضة للخطر ذات المستويات المرتفعة من الفقر وتلك الأقل احتمالا للاستفادة من سياسة تجميد الديون الخاصة بمجموعة العشرين والتي تم الاتفاق عليها في نيسان/أبريل الماضي لتخفيف أزمة كـوفيد-19.
ورغم أن دولة واحدة فقط من كل ثلاثة بلدان مؤهلة شاركت في المبادرة، يقرّ التقرير بأن ذلك ساعد في الحفاظ على الإنفاق على الصحة والحماية الاجتماعية في 46 دولة مشاركة.
ومع ذلك، يلاحَظ انخفاض الإنفاق على التعليم وحماية الطفل والتغذية والصرف الصحي وخدمات النظافة.
كارثة تعليم عالمية
تتفاقم أزمة الديون التي تلوح في الأفق للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بسبب جائحة كوفيد-19، التي تهدد بمزاحمة الإنفاق الاجتماعي للأطفال. وبحسب التقرير، فإن ربع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل – التي تضم 200 مليون طفل – تعاني حاليا من ضائقة ديون أو معرّضة لضائقة الديون.
وقبل الجائحة، كانت البلدان صاحبة أعلى مستويات خدمة ديون تنفق ما لا يقل عن ثلاثة دولارات على الديون، مقابل كل دولار يُدفع للخدمات الاجتماعية الأساسية.
وأشارت مديرة اليونيسف إلى أن الجائحة تسببت في "كارثة تعليمية عالمية تحتاج بشدة إلى معالجتها لتجنّب تحوّل جيل كوفيد-19 إلى جيل ضائع".
وأضافت تقول: "مع ذلك، نظرا إلى كوفيد-19 وأعباء الديون التي تواجهها هذه البلدان، فإننا نشهد بالفعل انكماشا في ميزانيات التعليم في وقت تحتاج فيه البلدان إلى الاستثمار في تحسين المدارس وأنظمة التعليم".
الهيكل الدولي لإعادة هيكلة الديون
علاوة على ذلك، يشير التقرير إلى أن الاستجابة العالمية لأزمة الديون صغيرة جدا مقارنة بالاستجابة المالية العامة لكوفيد-19، ولا تغطي الديون المستحقة للدائنين التجاريين – مما يعرّض بشكل متزايد البلدان ذات الدخل المتوسط لضائقة الديون.
وقالت السيّدة فور: "من الضروري أن تعمل الوكالات الدولية والدائنون والحكومات الوطنية معا لتقليل عبء الديون وتوجيه المدخرات نحو الاستثمارات الاجتماعية الشاملة".
ويخلص التقرير إلى أهمية وضع هيكل دولي جديد لإعادة هيكلة الديون من أجل حماية حقوق الأطفال في أعقاب كوفيد-19، على أن يتضمن هذا الهيكل دعما أكبر للبلدان الفقيرة والمثقلة بالديون، مع مزيد من الشفافية بشأن الديون كجزء من عمليات الميزانية الوطنية، وعمل منسّق من جانب الدائنين.
وشددت المديرة التنفيذية لليونيسف على أن "التخفيف الشامل للديون وإعادة الهيكلة أمر ضروري لضمان الانتعاش الشامل والمستدام حتى لا يتحمل الأطفال العبء المزدوج المتمثل في تقليص الخدمات الاجتماعية الآن وزيادة الديون في المستقبل".
تراكم ديون الدول النامية المتفاقمة
وشدد اجتماع رفيع المستوى على الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات جريئة وملموسة لتوفير السيولة النقدية ومعالجة تراكم الديون، وذلك مع تخلّف 6 دول نامية حتى الآن عن سداد ديونها منذ ظهور جائحة كوفيد-19، ويزداد عدد البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل التي من المرجّح أن تتخلف عن السداد هذا العام أيضا.
وفي الاجتماع الافتراضي رفيع المستوى الذي تم تنظيمه بالاشتراك مع رئيس وزراء كندا، جاستين ترودو، ورئيس وزراء جامايكا، آندرو هولنيس، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن العالم يمرّ الآن بأسوأ ركود منذ الكساد الكبير، مع تعرّض ثلث اقتصادات الأسواق الناشئة بدرجة كبيرة لخطر الأزمة المالية.
وأضاف يقول: "بينما استفادت الدول الأكثر ثراء من تدابير دعم طارئة غير مسبوقة بقيمة 16 تريليون دولار، مما يمنع حدوث تدهور ويمهد الطريق للتعافي، أنفقت الدول الأقل نموّا 580 مرة أقل - من حيث نصيب الفرد - على استجابتها لجائحة كـوفيد-19، مقارنة بالاقتصادات المتقدمة".
بعد مرور عام على تفشي الجائحة، تُهدد مناطق بأكملها في العالم بالتخلف عن ركب التقدم، مع تراكم ديون جديدة على بعض البلدان لبناء جسر التعافي والحصول على اللقاحات، واضطرار بلدان أخرى إلى تخصيص حيّز مالي محدود لتسديد ديونها بدلا من دعم شعوبها.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة اليوم إلى أن العديد من البلدان النامية غير قادرة على الاستثمار في التعافي والمرونة بسبب قيود التمويل. وقال: "يجب على المجتمع الدولي أن يقدم الدعم اللازم على وجه السرعة لجميع البلدان النامية المحتاجة".
وأضاف أن الدول الأقلّ نموّا والدول منخفضة الدخل "تواجه تعافيا بطيئا بشكل مؤلم من شأنه أن يجعل أهـداف خطة التنمية المستدامة لعام 2030 واتـفاق باريس للمناخ بعيدة المنال تماما".
حاجة "لنهج شامل" يدعم البلدان
وفي إحاطتها، قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغيفا: "نحن بحاجة لنهج شامل لدعم البلدان والأشخاص المعرّضين للخطر، ويجب أن يتضمن (النهج) تدابير داخل البلدان لتحسين تحصيل الإيرادات، وكفاءة الإنفاق، وبيئة الأعمال، فضلا عن الدعم الدولي الكبير للغاية، والمنح والإقراض الميّسر".
من جانبها، قالت المديرة العامة لمنظمة التجارة الدولية، نغوزي أكونجو-إيويلا: "قبل 20 عاما، مهّد تخفيف الديون متعددة الأطراف الطريق لنمو أسرع وتنمية بشرية. حان وقت العمل مرة أخرى. العقود الضائعة هي خيار سياسي. يمكننا ويجب علينا أن نفعل ما هو أفضل".
ويدعو الأمين العام للأمم المتحدة من خلال موجز سياسات جديد الحكومات إلى تقديم تمويل جديد بشروط ميّسرة للبلدان النامية، ولاسيّما أقل البلدان نموّا والدول الجزرية الصغيرة النامية.
إجراءات حاسمة لدرء أزمة الديون في العالم النامي
على الرغم من اتخاذ خطوات مهمة لمنع أزمة الديون في جميع أنحاء العالم التي أثارتها أزمة كوفيد-19، إلا أنها غير كافية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي في العديد من البلدان النامية، بحسب موجز سياسي أصدره الأمين العام للأمم المتحدة يوم الاثنين.
ويأتي موجز السياسات بالتزامن مع اجتماع رفيع المستوى لرؤساء الدول والحكومات حول تمويل التنمية في عصر كوفيد-19 وما بعده.
وبحسب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بعد مرور أكثر من عام على انتشار جائحة كـوفيد-19، تسببت الآثار المالية للأزمة في ضائقة ديون في عدد متزايد من البلدان وحدّت بشدة من قدرة العديد من الدول على الاستثمار في التعافي بما في ذلك في أهـداف التنمية المستدامة والعمل المناخي المطلوب بشكل عاجل.
ووفقا لموجز السياسات، شهد 42 اقتصادا، يقترض من أسواق رأس المال، انخفاضا في التصنيف السيادي منذ بداية الجائحة، بما في ذلك ستة بلدان متقدمة و27 من اقتصادات السوق الناشئة وتسعة من أقل البلدان نموّا.
يؤدي خفض التصنيف السيادي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، خاصة بالنسبة للبلدان النامية، والتي يمكن أن تزيد بدورها من خطر تحوّل المزيد من البلدان إلى ديون غير مستدامة – خاصة إذا استمرت آثار جائحة كوفيد-19 لفترة أطول وأعمق مما كان متوقعا.
عقد ضائع آخر
وقال السيّد غوتيريش: "ما لم نتخذ إجراءات حاسمة بشأن تحديات الديون والسيولة، فإننا نخاطر ’بعقد ضائع آخر‘ للعديد من البلدان النامية، مما يجعل تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول الموعد المحدد لذلك في عام 2030 بعيد المنال بالتأكيد".
يقيّم موجز السياسات، المعنون "حلول السيولة والديون للاستثمار في أهداف التنمية المستدامة" استجابة السياسة العالمية منذ نيسان/أبريل من العام الماضي، ويقيّم الفجوات والتحديات المتبقية أمام تنفيذها، وكذلك اقتراح تحديثات للتوصيات التي قُدمت العام الماضي في ضوء التطورات التي حدثت خلال الاثني عشر شهرا الماضية.
الحاجة لتخفيف الديون
ويسلط موجز السياسات الضوء على الحاجة إلى تخفيف أعباء الديون لإفساح المجال أمام الاستثمارات في التعافي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأشار التقرير إلى أنه حتى في حالات الديون المرتفعة، يمكن أن يؤدي الاقتراض الجديد إلى تحسين الجدارة الائتمانية إذا كان يمول استثمارات منتجة. ويمكن لتخفيف عبء الديون أيضا تحرير الموارد، وخلق الظروف التي يمكن للبلدان في ظلها العودة إلى الوصول الطوعي للأسواق وقد يخفّض تكاليف الاقتراض الإجمالية للبلد، مع تأثيرات إيجابية على الاقتصاد بأكمله.
وحثّ الأمين العام أيضا الحكومات على تقديم تمويل جديد بشروط ميّسرة للبلدان النامية، ولاسيّما أقل البلدان نموّا، والدول الجزرية الصغيرة النامية، وإعادة تمويل البنوك الإنمائية متعددة الأطراف وتسريع الجدول الزمني لتجديد التمويل، والوفاء بالتزامات المساعدة الإنمائية الرسمية، وتوفير التمويل طويل الأجل للبلدان النامية للاستثمار في النمو طويل الأمد.
ودعما للتأييدات الأخيرة التي أطلقتها مجموعة الدول السبع، دعت الوثيقة أيضا إلى تخصيص عام جديد لحقوق السحب الخاصة، مؤكدة على الحاجة إلى الجمع بين إعادة التوزيع الطوعي لحقوق السحب من البلدان المتقدمة إلى البلدان النامية.
كما حثّ موجز السياسات مجموعة الدول العشرين على تمديد مبادرة البنك الدولي لتعليق الديون حتى نهاية عام 2022، وتشمل البلدان ذات الدخل المتوسط، ولاسيّما الدول الجزرية الصغيرة النامية التي تأثرت بشدة بالأزمة.
كما حثّ الموجز الدول على تمديد الأهلية لتخفيف أعباء الديون بموجب إطارها المشترك لمعالجة الديون إلى ما بعد مبادرة تعليق الديون للبلدان الضعيفة الأخرى على أساس كل حالة بمفردها، والنظر في آليات أخرى من شأنها أن تسمح للبلدان بالوصول إلى إطار العمل، دون المساومة على التصنيف الائتماني.
اضف تعليق