انجزت الحكومة العراقية السابقة (استراتيجية للتخفيف من الفقر في العراق للمدة 2018-2022) في كانون الثاني 2018 وبمشاركة خبراء من داخل وخارج العراق ومنظمات دولية متخصصة. وهي الاستراتيجية الثانية لمواجهة الفقر في البلاد والذي اشرته المسوح والبيانات الاحصائية كمشكلة خطيرة تهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي. الاستراتيجية الأولى...
انجزت الحكومة العراقية السابقة (استراتيجية للتخفيف من الفقر في العراق للمدة 2018-2022) في كانون الثاني 2018 وبمشاركة خبراء من داخل وخارج العراق ومنظمات دولية متخصصة. وهي الاستراتيجية الثانية لمواجهة الفقر في البلاد والذي اشرته المسوح والبيانات الاحصائية كمشكلة خطيرة تهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي.
الاستراتيجية الاولى للمدة 2010 -2014: أكد الممثل الخاص للبنك الدولي في العراق السيدة يارا سالم "ان العراق حقق مكاسب كثيرة في معركته ضد الفقر بين عامي 2007 و2012". ومع إطلاق الاستراتيجية الاولى عام 2010 خصص العراق قرابة (1.5) مليار دولار لتنفيذ الاستراتيجية. واضافت سالم "ان الانشطة المتعددة القطاعات التي نفذت ضمن الاستراتيجية الاولى اسهمت في انخفاض معدل الفقر من (22%) عام 2007 الى (18.9%) عام 2012". ولكن هذا المكسب سرعان ما تراجع بسبب الازمة المركبة المتمثلة بسيطرة عصابات داعش وانخفاض اسعار النفط خلال العام 2014 اذ عاد معدل الفقر ليرتفع الى (22.5%) واجبار أكثر من ثلاثة ملايين شخص اخر على الفقر في عام 2015.
ولهذه المعطيات ونتيجة لتغير الاولويات وتبدل الاوضاع الامنية والاقتصادية والاجتماعية، تم إطلاق الاستراتيجية الثانية للتخفيف من الفقر 2018-2022، لتتبنى هدف رئيس وهو خفض الفقر بمعدل (25%) بوصفه اثرا مباشرا للاستراتيجية. وجاء فيها انها مكملة لاستراتيجيات وخطط العراق الجارية بما فيها اهداف التنمية المستدامة: رؤية العراق 2030، خارطة الطريق الاستراتيجية للحماية الاجتماعية وخطة التنمية الوطنية 2018-2022.
أطلقت الاستراتيجية في الاشهر الاخيرة من عمر الحكومة السابقة وهي لم تستطع ان تحقق نجاحا ملموسا في تحقيق انخفاض ملحوظ في مستويات الفقر في البلاد. اذ أكّد تقرير للبنك الدوليّ في 8 أيّار/ 2018 أنّ عدد سكّان العراق البالغ 38.5 نسمة يقف عند خطّ الفقر المحدّد بـ 22.5%. وأضافت المصادر أن سبب ارتفاع معدّلات الفقر يعود الى الأوضاع الأمنيّة الاستثنائيّة بسبب الحروب وتكاليفها، فضلاً عن انخفاض أسعار النفط، الأمر الذي أدّى إلى توقّف تمويل مشاريع تأهيل العاطلين، وغياب مشاريع الاستثمار، وتعثر النموّ الاقتصادي.
وفي كانون الأول 2018، أجري الجهاز المركزي للإحصاء والادارة التنفيذية لاستراتيجية التخفيف من الفقر في وزارة التخطيط، وبالتعاون مع هيئة الاحصاء في اقليم كوردستان والبنك الدولي، مسحا وتقويما للفقر في العراق لعام 2018، أظهر أن الإنفاق على الغذاء حظي بنسبة 32%، تلاه الوقود والسكن بنسبة 24%.
كما بلغ متوسط إنفاق الفرد الشهري (212.6) الاف دينار/شهريا بالأسعار المدفوعة و(253.3) الاف دينار/شهريا بأسعار السوق. وتبين نتائج الانفاق الاجمالي للفرد:
- أن (45,7%) من الافراد ينفقون اقل من 200 ألف دينار شهريا،
- وان (8,26%) من الأفراد الذين ينفقون ما بين 200 الف الى اقل من 300 الف دينار شهريا. وعلى الرغم من ان الوزارة اعلنت ان المسح لا يمكن ان يعتمد عليه لأنه اعتمد على عينة عشوائية ولم تشمل كل سكان البلاد الا ان نسبة الفقر لم تنخفض عن مستوياتها السابقة.
اما الحكومة العراقية الحالية، فقد تضمن البرنامج الحكومي ان موضوع الفقر وتحقيق اهداف بشأن تخفيض نسبة الفقر هي من الاهداف السريعة. وبخصوص ما عملت عليه الحكومة الحالية بموضوع الفقر، نلاحظ ان تقرير تنفيذ البرنامج الحكومي الذي صدر مؤخرا اشار الى نسب معينة فيما يتعلق بتنفيذ سياسات استراتيجية التخفيف من الفقر. وانه لغاية نيسان 2019 اي ضمن الفصل الاول من العام كان المستهدف تحقيقه هو 5% في حين ان المتحقق فعليا هو 3%، كما ان المستهدف في تموز2019 وفي تشرين الثاني 2019 هو 5% والتقرير لم يغطي هذه المدد.
ويظهر من خلال الموقع الالكتروني للإدارة التنفيذية لاستراتيجية التخفيف من الفقر ان هناك عدد من المشاريع المنجزة في إطار الاستراتيجية، الا انه لم يتم العثور على تقرير مفصل لما تحقق من بنودها ومشاريعها.
سبق للحكومة السابقة ان اصدرت قرارها المرقم 379 في 2017 هو انشاء الصندوق الاجتماعي للتنمية بالتعاون مع البنك الدولي برأسمال أوليّ مقداره 300 مليون دولار، بالتعاون مع البنك الدولي، لتحسين ظروف الفقراء المعيشيّة، استجابة لتحديّات معدّلات الفقر المرتفعة والاسهام في تحقيق التنمية المستدامة الشاملة في المجتمعات المحلية لدعمها وتمكينها من تحسين الحالة المعيشية والوصول الى الخدمات. وتقرر للصندوق ان يبدأ مهامه في ثلاث محافظات هي المثنى باعتبارها اعلى المحافظات في معدلات الفقر، تليها محافظة صلاح الدين التي تحررت من سيطرة الارهاب وتضم الكثير من العائدين من النزوح، ومحافظة دهوك. والى الان لم نطلع على منجزات للصندوق الذي يتبع وزارة التخطيط. وهو الامر الذي يبعث على الشعور بأن هذا المشروع لن يرى النور. اذ اشار تقرير تنفيذ البرنامج الحكومي ان الواقع الحالي يؤشر نسبة صفر بالمائة ويبدو ان الاسباب تنحصر في غياب آليات التنفيذ الواضحة.
في العام 2018 وإذا ما تتبعنا تقرير تنفيذ الموازنة لغاية تشرين الثاني من السنة 2018، نلاحظ ان الانفاق على استراتيجية التخفيف (جزء من الانفاق الاستثماري) من الفقر بلغ (11,264,347,367) مليار دينار عراقي. في حين تم إنفاق 14,385,282,957,670 ترليون دينار عراقي على الرعاية الاجتماعية.
وفي موازنة العام 2019، تم تخصيص مبلغ قدره 22,6 مليون دولار من قروض البنك الدولي للتنمية الاجتماعية. ولكن لا نستطيع معرفة الانفاق الفعلي على هذا المشروع الا بعد اعلان تنفيذ الموازنة الذي يصدر في نهاية السنة المالية في العادة.
وعلى الرغم من عودة الكثير من النازحين الى مناطقهم، الا ان السبب الاساس لاستمرار معدلات الفقر في البلاد هو العدد الكبير من النازحين الذين لا يستطيعون العودة الى مناطقهم لأسباب سياسية لا تستطيع الحكومة تجاوزها، فضلا عن تدهور معدلات النشاط الانتاجي في القطاعين الزراعي والصناعي والذي افضى الى معدلات بطالة مرتفعة.
لذا على الحكومة ان تولي اهتمام أكبر لعودة النازحين وتمكينهم من الاستقرار، كذلك تبرز الحاجة الى تضمين موازنة العام 2020 برامج اقتصادية كسياسات عامة على المستوى الاقتصادي. كذلك تبرز الحاجة الى زيادة تخصيصات تنفيذ مشاريع استراتيجية التخفيف من الفقر، وخطة التنمية الوطنية 2018-2022، واستراتيجية تطوير القطاع الخاص 2014-2030. والاستراتيجيات والخطط الاخرى والتي تصب جميعها في الهدف الاهم وهو الحد من معدلات الفقر في العراق.
اضف تعليق