جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب تزايدت بشكل خطير في السنوات الاخيرة ولأسباب مختلفة، حتى باتت ظاهرة مخيفة تهدد امن واستقرار بعض المجتمعات، ولا تزال هذه الظاهرة محط اهتمام متزايد لدى العديد من المنظمات الدولية التي تخشى من استفحال وتفاقم هذه الظاهرة الخطيرة، وخصوصا في المجتمعات المحافظة التي تعاني وبحسب بعض المراقبين، العديد من مشكلات وازمات السياسية والامنية والاقتصادية، يضاف اليها الانفتاح الكبير والتطور التكنلوجي الذي غزى هذه المجتمعات والذي ساعد على افراز وانتشار ظواهر جديدة وغريبة بين الشباب يصعب معالجتها او التغلب عليها، بسبب ضعف المؤسسات التربوية والامنية المتهمة اصلا بارتكاب مثل هكذا جرائم.
هذه الظاهرة الخطيرة وبحسب بعض الخبراء، دفعت بعض الدول والحكومات الى اعتماد خطط واجراءات خاصة، في سبيل محاربة جرائم التحرش والاغتصاب وحماية الفئات المستهدفة وخصوصا النساء والاطفال، يضاف الى ذلك التحركات الواسعة التي تقوم بها بعض المنظمات الحقوقية والتي تهدف الى توعية المجتمع وتفعيل قوانين الحماية الشخصية، خصوصا وان هذه الجرائم قد امتدت الى المكالمات الهاتفية والعالم الافتراضي، حتى أصبحت ظاهرة تؤرق العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المواقع الاخرى.
الاطفال أول الضحايا
وفي هذا الشأن فقد طلبت السلطات الأمريكية من المواطنين الأمريكيين التقدم بأي معلومات تفيد في التعرف على أكثر من 90 ضحية وقعوا في براثن متحرش جنسي بالأطفال عمل في مدارس أمريكية ودولية في تسع دول على الأقل. وقال مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي (إف.بي.آي) ان المدرس المشتبه به وليام جيمس فاهي (64 عاما) الذي عمل في المدارس منذ عام 1972 انتحر في ولاية مينيسوتا.
وجاء في بيان مكتب التحقيقات انه قتل نفسه بعد يومين من سعي ضباط في هيوستن للحصول على أمر قضائي لفحص شريحة ذاكرة (فلاش) لجهاز الكمبيوتر الخاص به. وذكر مكتب التحقيقات انه حصل على شريحة الذاكرة من موظف يعمل في المدرسة الامريكية في ماناجوا عاصمة نيكاراجوا التي عمل فيها فاهي مدرسا للتاريخ والجغرافيا.
وقال ان موظفا بالمدرسة تقدم بشكوى قال فيها ان شريحة الذاكرة "حوت صورا اباحية لأولاد قصر وهم نيام أو غائبون عن الوعي فيما يبدو." وجاء في الشكوى ان اعمار الاطفال تراوحت بين 12 و14 عاما. وأضاف مكتب التحقيقات الاتحادي انه حين حدثت المواجهة بين الموظف والمدرس اعترف الاخير بأنه يتحرش بالأولاد طوال حياته "كما اعترف انه كان يعطيهم حبوبا منومة قبل التحرش بهم." بحسب رويترز.
وطردت المدرسة فاهي في وقت سابق، وقال مكتب التحقيقات ان ضباطه اطلعوا على صور ترجع الى عام 2008 تكشف عن 90 ضحية محتمل على الأقل. وذكر مكتب التحقيقات ان فاهي عمل في المدارس الامريكية الدولية في تسع دول على الاقل هي السعودية ولبنان وايران واليونان واسبانيا واندونيسيا وفنزويلا والمملكة المتحدة ونيكاراجوا.
قتلى بسبب التحرش
من جانب اخر أدت "معاكسة" شاب لفتاة في مصر، إلى سقوط 5 قتلى و6 جرحى في "حرب" بين أهل الفتاة والشاب. وذكرت مصادر أمنية، أن شوارع غرب مدينة إيتاي البارود، بمحافظة البحيرة، شهدت اشتباكات بالأسلحة النارية، نتج عنها مقتل 5 وإصابة 6 بطلقات نارية، وذلك إثر وقوع اشتباكات مسلحة بسبب قيام أحد شباب غرب إيتاي بـ "معاكسة" إحدى فتيات قرية الحرمل. وأشارت المصادر إلى أنه إثر ذلك، حرق أهالي الفتاة محل الشاب، وتحولت الشوارع الجانبية في إيتاي البارود إلى ساحة حرب بين الجانبين.
الى جانب ذلك اكتشف شاب مصري طريقة جديدة للتحرّش بالفتيات، من خلال إخافتهن بواسطة ثعبان ضخم يلقيه على أجسادهن. وقال موقع صحيفة "الشروق"إنه أثناء مرور قوة أمنية في منطقة الحدائق استغاثت بها فتاتان، قالتا إن شخصاً حاول التحرّش بهما، وقام بتهديدهما بثعبان ضخم كان بحوزته. وألقت القوة الأمنية القبض على الشاب البالغ من العمر 20 عاماً. واعترف الشاب بحيازة الثعبان بقصد "معاكسة" الفتيات عن طريق إلقائه على أجسادهن.
على صعيد متصل طالبت منظمات حقوقية مصرية بالتحقيق في واقعة مقتل فتاة ألقت بنفسها في مياه النيل فرارا من التحرش الجنسي بها، داعية إلى أن تشمل التحقيقات ضباط بالشرطة، في حين تتوجه أحزاب مصرية إلى إعلان ما وصفته بـ"موقف موحد" حيال تصاعد العنف الجنسي في البلاد.
وقالت مبادرة "شُفت تحرش" التي تقوم برصد حالات التحرش الجمسي في البلاد، إنها تابعت ما نقلته وسائل الإعلام عن إلقاء الفتاة لنفسها بالنيل هربا من شخص تحرش بها جنسياً وقام بملاحقتها، وقد تأكدت المبادرة من ذلك عبر مراجعة شهود العيان، مضيفة أنه يجب التحقيق مع بعض ضباط قسم شرطة المنطقة التي جرت فيها الواقعة "بتهمة الإهمال الجسيم نظراً لمحاولتهم طمس الحقيقة والادعاء كذباً بأن الفتاة حديث الموضوع قد انتحرت نتيجة خلافات أسرية."
وتابعت المبادرة بالقول: "هذه الفاجعة يتحمل مسؤوليتها كل ذي سلطه وكل ذي منصب في الدولة المصرية، فالجميع مسؤولون، والجميع مقصرون.. فالنساء والفتيات في مصر يتعرضن يومياً لويلات العنف الجنسي والتحرش بهن في المواصلات العامة وأماكن العمل وفى أروقه الجامعات، حتى الإناث من الأطفال لم يسلمن من ويلات العنف الجنسي واستباحه أجسادهن." بحسب CNN.
أما "بوابة الأهرام" المصرية الرسمية فقد ذكرت أن ستة أحزاب تعقد مؤتمرا صحفيا للخروج بموقف موحد حيال "تصاعد العنف الجنسي وكيفية تعامل أجهزه الدولة مع هذه القضية التي تتصاعد بدرجه بالغه الخطورة." ومن المقرر أن تعلن الأحزاب المشاركة، وهي "التحالف الشعبي الاشتراكي" و"التيار الشعبي" و"الدستور" و"العيش والحرية" و"المصري الديمقراطي الاجتماعي" و"مصر الحرية والمشاركة" عن ورقه موقف تتضمن "إجراءات محدده من أجل وضع سياسات محدده للقضاء على العنف الجنسي."
10 ساعات من التحرش
الى جانب ذلك يلقى شريط مصور يظهر فتاة تتعرض لمضايقات لفظية من الرجال لدى تنقلها في شوارع نيويورك رواجا كبيرا على الانترنت، ما اعاد الجدل بشأن التحرش الذي يطال النساء والاقليات الاتنية. ويظهر هذا التسجيل البالغة مدته دقيقتين الممثلة شوشانا روبرتس تسير بهدوء في شوارع مانهاتن مرتدية سروال جينز اسود وقميص "تي شيرت"، وتصادف على طريقها رجالا يبادرونها بتعليقات تنطوي على تحرش لفظي.
ونظرا لتجاهلها مطلقي هذه التعليقات، تم وصفها من جانب هؤلاء بقليلة الادب وبادرها احدهم بالقول "عندما يبدي احدهم اعجابه بجمالك عليك بشكره". كذلك يظهر في التسجيل الذي يحمل عنوان "عشر ساعات مشي لامرأة في نيويورك"، رجلا يسير بشكل متلاصق جنب هذه الشابة على مدى خمس دقائق من دون التفوه بكلمة، ما اثار قلقا واضحا لديها.
وقد شوهد الفيديو اكثر من 13 مليون مرة بعد اقل من يومين على تحميله على موقع يوتيوب. وانتج التسجيل المصور من جانب منظمة "هولاباك" الخيرية الساعية الى القضاء على التحرش في الشوارع. وبحسب المنظمين، تعرضت الممثلة لأكثر من مئة ملاحظة وصفت بالتحرش اللفظي خلال تجربتها التي استمرت عشر ساعات، من دون احتساب الغمز والصفير. بحسب فرانس برس.
ومنذ نشر الفيديو، اكدت الممثلة انها تلقت تهديدات عبر بريدها الالكتروني لكنها اقرت بأن اكثرية التعليقات جاءت "ايجابية". واشارت منظمة "هولاباك" الى ان النساء والاقليات الاتنية والمثليين والمتحولين جنسيا هم الاكثر عرضة للتحرش في الشوارع. من ناحيته قال روب بليس الذي صور الفيديو بواسطة كاميرا مخبأة في حقيبة ظهره خلال ملازمته للممثلة في سيرها في الشوارع، "ينتابكم بسرعة شعور بأنكم تحولتم الى سلعة، وهذا قبيح جدا".
تزايد التحرش الالكتروني
على صعيد متصل قالت جماعة (بايتس فور اول) لحقوق الانترنت إن التحرش بالنساء عبر الشبكة الدولية يقود لممارسة عنف ضدهن على أرض الواقع في حين يتسم تحرك شركات التواصل الاجتماعي الكبرى مثل فيسبوك وتويتر لوقف هذه الممارسات بالبطء. وتوجه تهديدات للنساء على الانترنت في كل مكان في العالم ولكنهن معرضات للخطر بشكل خاص في باكستان حيث تسمح التقاليد للرجال بقتل النساء فيما يسمى بجرائم الشرف.
ويحول ضعف الأجهزة المكلفة بتطبيق القانون دون مكافحتها العنف الناجم عن الحملات الإلكترونية ومن ثم يطالب نشطاء شركات الانترنت العملاقة بتوفير حماية أكبر لمستخدمي الشبكة من خلال تبسيط اجراءات فحص الشكاوى والتحرك السريع ضد التهديدات باللجوء إلى العنف.
وقال جول بخاري من بايتس فور اول الذي كتب تقريرا وسط تصاعد للكراهية الطائفية والهجمات على الاقليات والجدل العقائدي "هذه التكنولوجيا تسهم في تزايد العنف ضد المرأة ولا تعكسها فحسب." وتابع "عدد كبير من الجرائم التي نشهدها لم يكن ليقع لولا هذه التكنولوجيا."
وتقول وكالة التحقيقات الاتحادية إنها تلقت العام الحالي أكثر من 170 شكوى خاصة بجرائم الكترونية ضد المرأة في البنجاب أكبر اقليم باكستاني من حيث عدد السكان. ولا تتوفر بيانات عن عدد الشكاوى في الاقاليم الثلاثة الاخرى. وقال سيد شهيد حسن المسؤول في مكتب جرائم الانترنت في لاهور عاصمة الاقليم إن جميع هذه الشكاوى لم تكلل بالنجاح لان الشاكيات عادة ما يتوصلن لتسوية مع المشتبه بهم.
ويقول نشطاء إن عدد الحالات التي يتم الابلاغ عنها قليل جدا لان الشرطة نادرا ما تتحرك في قضايا التحرش عبر الانترنت. وذكرت جماعة بايتس فور اول في تقريرها إن نحو 32 مليونا من تعداد سكان باكستان البالغ 180 مليون نسمة يستخدمون الانترنت. وفي حالة وثقتها الجماعة استهدفت حملة كراهية الكترونية مدافعة بارزة عن حقوق الانسان العام الماضي. بحسب رويترز.
شملت الدعوة الى اغتصابها وقتلها وأسفرت في نهاية المطاف عن اطلاق الرصاص عليها وعلى زوجها. وتلقت المرأة مئات التهديدات ونشرت على الانترنت عناوين أفراد أسرتها الى جانب صور لها ولابنتها. وقالت بايتس فور اول "عاشت كابوس التعرض للاغتصاب أو تعرض أفراد أسرتها للأذى بسببها."
إجراءات وتوصيات
الى جانب ذلك أعلنت الحكومة في نيبال، عن إطلاق خطة للحد من التحرش الجنسي والجسدي من خلال تسيير حافلات خاصة بالنساء في العاصمة كاتماندو، وقال مسؤول بارز في حكومة نيبال، إن حافلات خاصة بالنساء ستبدأ العمل في العاصمة كاتماندو في محاولة لتخفيف حالات التحرش الجنسي والجسدي في المواصلات العامة.
ويتوقع أن تبدأ المبادرة بحافلات تتسع لست عشرة راكبة ستتخذ المسار الأكثر ازدحاما والذي يصل بين شرق المدينة وغربها خلال ساعات الذروة الصباحية والمسائية. وقال المسؤول البارز في وزارة المواصلات تولسي باراساد ستاولا "تلقينا شكاوى من تعرض النساء للتحرش الجنسي والجسدي بينما كن على متن حافلات مكتظة."
ولا توجد أرقام رسمية لحالات التحرش الجنسي في نيبال لكن الشرطة قالت إن محاضر العنف ضد النساء التي تشمل الاغتصاب والعنف المنزلي والتحرش ارتفعت إلى 6800 في تموز/ يوليو 2014 مقابل 1800 للعام الذي سبقه. وتعزى زيادة الإقبال على تحرير محاضر في حالات التحرش إلى ارتفاع مستوى الوعي العام للجرائم ضد النساء. وقال مشغلو الحافلات إن جميع سائقي الحافلات سيكونون في بادئ الأمر من الرجال في مقابل امرأة واحدة بين محصلي التذاكر لكنهم يطمحون لتوظيف المزيد من النساء.
وقال دارما راج ريمال من الاتحاد الوطني لرجال الأعمال العاملين في قطاع النقل الذي يتبنى المبادرة "نريد أن نوظف تدريجيا المزيد من السائقات والمراقبات على متن هذه الحافلات لكن من الصعب العثور عليهن." وأضاف "اذا وجدنا أن هناك إقبالا وأن الخدمة لاقت شعبية فنحن نخطط لتوسيعها إلى طرق أخرى في المدينة وتمديد أوقاتها." ورحبت مستخدمات الحافلات في كاتماندو بالخطوة. بحسب فرانس برس.
وقالت بارباتي جورونج (17 عاما) وهي طالبة "إنه أمر أكثر أمانا وأكثر راحة لكن يجب أن تستمر الحافلات حتى وقت متأخر من الليل عندما يصعب على النساء التنقل." وقالت الغالبية العظمى من النساء اللواتي استطلعت آراءهن في أكبر 15 عاصمة في العالم إنهن يشعرن بالأمان أكثر في المناطق المخصصة للنساء فقط على متن الحافلات والقطارات.
من جهة اخرى قالت وسائل إعلام صينية إن الشرطة في العاصمة الصينية حثت النساء على عدم ارتداء تنورات او سراويل قصيرة او غير ذلك من الملابس الكاشفة في الحافلات ومترو الأنفاق تفاديا للتحرش الجنسي. ونقلت صحيفة تشاينا ديلي عن إرشادات أصدرتها إدارة المرور بمكتب الأمن العام في بكين أن على النساء تغطية انفسهن بالحقائب او الصحف والجلوس او الوقوف في الأماكن المنخفضة وليس المرتفعة تجنبا لتصويرهن دون علمهن.
وتتكرر شكاوى النساء من التحرش الجنسي وسط زحام الحافلات ومترو الأنفاق في بكين. ونقلت الصحيفة عن شينغ وي الضابط بالشرطة قوله إن معظم الحافلات في العاصمة غير مزودة بكاميرات وبالتالي من الصعب على السلطات جمع أدلة على التحرش. وقال شينغ إن أقصى عقوبة للتحرش الجنسي هي السجن 15 يوما.
اضف تعليق