لا يزال الجدل القائم حول مسألة التمرد لدى المراهقين ان كانت طبيعية نتيجة للمرحلة العمرية التي يعيشونها ام انه صنيعة السلوكيات التي تصدر من البيئة الاجتماعية المحيطة؟، لكن رغم هذه الجدلية هناك اجماع على ان التمرد في المراهقة يعد من اكثر الازمات التي تستدعي التعامل معها بحرفية نفسية وبذكاء عاطفي...
لا يزال الجدل القائم حول مسألة التمرد لدى المراهقين ان كانت طبيعية نتيجة للمرحلة العمرية التي يعيشونها ام انه صنيعة السلوكيات التي تصدر من البيئة الاجتماعية المحيطة؟، لكن رغم هذه الجدلية هناك اجماع على ان التمرد في المراهقة يعد من اكثر الازمات التي تستدعي التعامل معها بحرفية نفسية وبذكاء عاطفي فريد لتطويق النار وقبرها لئلا تحرق الاخضر واليابس دونما تفريق وهو هذا هو الاهم، فما هو التمرد؟، وما هي انواعه لدى المراهقين؟، وكيف نعدل سلوك المتمردين من المراهقين؟
ولو اردنا تعريف التمرد نفسياً لقلنا انه العصيان والامتناع الذي يبديه الانسان للأوامر التي تصدر اليه، ويعد انتهاك ورفض لمحددات الجماعة ورفض التعامل معها، وذلك يحصل بمداد عدم الرضا النفسي والذي قد يتحول الى سلوكيات محيرة ومؤذية قد تصل الى استخدام الاسلحة او العراك بالأيدي او ما شاكلها من صور العدوانية.
انا شخصياً ومن خلال عملي في احدى المدراس الثانوية تعاملت مع احد الطلبة المؤذين في المدرسة وبعد ان فشلت ادارة المدرسة في ارغامه على بعض السلوكيات او الضوابط المدرسية التي يراها هو غير مبررة، حاولت التقرب منه بصفة الصداقة ومع الزمن ولله الحمد نجحت في اخماد جذوة العدوانية المتقدة في داخله وحولته من انسان متمرد رافض لكل ما يصدر ومن ادارة المدرسة الى انسان وديع هادئ الطباع يهمه كثيراً ان يرضى عنه المدرسين والادارة لكي لا يظهر بصورة الناشز بين زملائه، وهذه واحد من الكثير من الحالات التي تعاملنا معها، وهذا الترويض حدث بفعل التعامل المرن والاحتواء الناجح بدل الفرض والعنت.
لدى المراهقين خصوصاً لم يعد التمرد هو مجرد الخروج عن المألوف بل صار يمارس كعلامة للتميز والاختلاف بينه وبين اقرانه فيصبح الامر وكأنه مطلباً لإحداث توازن نفسي يسعى اليه الفرد عبر تلبية حاجاته التي يراها ضرورية وبدونها يحدث اختلال في السلوك الانساني قد يفقد الانسان صحته النفسية المبينة على اساس الاشباع للحاجات، وفي المحصلة هنا يؤدي التمرد دور البحث عن الذات لكن بطريقة غير مدروسة او غير مقننة تحتاج الى العقلانية اكثر.
ما هي انواع تمرد المراهقين؟
تعددت انواع التمرد لدى المراهقين بتعدد الغايات من وراءها والهدف المقصود الوصول اليها وهي بالمجمل نوعين لا ثالث لهما انواع هي:
التمرد الايجابي الذي يذهب اليه الفرد كخيار لإيقاف تجاوز الاخرين بحقه ومن اجل اثبات الذات، واعتقد ان هذا النوع من التمرد هو ضرورة حتمية يحتاجها كل ذي كرامة يريد لنفسه الصورة الانسانية النقية البهية وهذا النوع للأسف بدأ تتقلص مساحته بسبب خنوع الغالبية من الناس لكل من يحكم او يحاول ان يتحكم بدون ادنى حق او مبرر.
التمرد السلبي وهو ضرب من ضروب التمرد الذي يعتمد على الرفض لمجرد الرفض لا لهدف يسعى الى تحقيقه عبره وهو نوع من الدلع الزائد والمماطلة والسبب قد يكون في التربية عبر تدليل الطفل اكثر مما ينبغي فيصبح شرساً عدوانياً، فيهدف المراهق في هذا النوع إلى إثارة غضب الأهل او المدرسين واستفزازهم، من خلال عدم طاعتهم، عدم الاستماع إلى ما يقولون.
كيف نروض المراهق المتمرد؟
ويمكن عبر استراتيجيات عديدة ان نروضه ونعدل من سلوكه وابرزها:
اول ما يجب ان يتبع في التعامل مع المراهق المتمرد هو الابتعاد عن العقاب القاسي فطريقة عقاب المراهق يجب ان تختلف عن طريقة عقاب الطفل الصغير والشاب الاكبر منه لكونه سيصمم على التحدي وهو ما يأزم المشكلات بدلاً من ان يحلها، كما نفضل ان يتعامل الابوين والمربين مع المراهقين وكأنهم اصدقاء لا بصفة اعلى مع محاولة وضع انفسهم مكانه ليتفهموا افكاره ومشاعره وبالتالي يبتعدون عن فرض ما لا يطيقه بالقوة لان منطق القوة سيولد قوة في الرد عند التمكن.
وحين يبتعد الابوين عن العبارات الاستبدادية مثيلة (عليك التنفيذ فقط، لا تناقش، انت لازلت طفلاً لا تفهم) واستبدالها بعبارات ( افهمني حبيبي، دعنا نتفاهم، نحن نبحث عن مصلحتك) فالنتيجة حتماً تكون موافقته على طرح الابوين والابتعاد عن العناد والتمرد، كما يفضل شرح اسباب المنع لهذه السلوكية او تلك لكون ابنك المراهق لن يفهم توجيهاتك إلا إذا أخبرته بالأسباب الكافية والمقنعة، بهذه الطرق التي اعتقد انها غير معقدة يمكن ان نجعل ابننا المراهق اكثر استجابة لما نريد منه وهذا هو المراد.
اضف تعليق