في العيد تتجلى اجتماعية الانسان ورغبته في الوصل والتقارب على الود بعد افتراق لتقاطع او لانشغال فرضته تعقيدات الحياة ومتطلباتها التي تتزايد بصورة مرهقة جدا وهو ما يجعل الانسان في انشغال دائم لسد هذه المتطلبات وتلبيتها لذا صار العيد فرصة لاجتماع الاقارب على طعام او حلوى...
في العادة بعد ان يدخل المسلمون الايام العشرة الاخيرة من شهر رمضان المبارك يبدأ الاستعداد للعيد ما بين شراء الملابس لاسيما الاطفال ومابين ترتيب المنازل وتغير اثاثها او تنظيفها على اقل تقدير، ومن ثم صناعة معجنات العيد (الكليجة)، وتجري هذه السلوكيات وسط الامل الذي يحدوا الناس والفرحة التي تسير يومهم من دون ملل او كلل لاستقبال العيد الذي يعطي جرعة تنشيط للنفوس التي اتعبتها الحياة وافقدتها بريقها، وبذا تمارس الأعياد وظيفة هامة وضرورية للنفس البشرية.
في العيد تتجلى اجتماعية الانسان ورغبته في الوصل والتقارب على الود بعد افتراق لتقاطع او لانشغال فرضته تعقيدات الحياة ومتطلباتها التي تتزايد بصورة مرهقة جدا وهو ما يجعل الانسان في انشغال دائم لسد هذه المتطلبات وتلبيتها لذا صار العيد فرصة لاجتماع الاقارب على طعام او حلوى وهذه احدى ابرز ايجابيات العيد.
اما المعنى الانساني للعيد فيبدوا جلياً عند المجتمع المسلم اذا يشترك المسلمون بحملة لإعانة فقرائهم عبر زكاة الفطرة تجمع قبل شروق اول يوم عيد وبذا تجتمع الناس الشعور المشترك بأبناء مجتمعهم وبمثل هذا تقوى الروابط الاجتماعية والفكرية والروحية.
دائماً نقول ان الانسان مدني الطبع اجتماعي الفطرة لذا هو بحاجة دائمة الى الاتصال والتواصل وهذا ليس ترفاً بل حاجة فطرية ضرورية للبقاء كحاجته الى الطعام والشراب والملبس وغيرها من الحاجات الانسانية، في هذا الاطار يقول علماء النفس والاجتماع: إن إغلاق منافذ الاتصال مع الآخرين يؤدى بالفرد إلى معاناة نفسية وبدنية قاسية يفقد معها غالباً مناعته النفسية والعقلية مما يقوده إلى الانهيار التام، فالفرد مهما كانت درجة انطوائيته وعزوفه عن مخالطة البشر لابد وأن يضيق بوحدته بعد فترة تطول أو تقصر ويبحث لنفسه عن قرين يأنس به ويتفاعل معه.
اتذكر حين كنا صغاراً نستيقظ مبكراً لنرافق آباءنا لزيارة الجيران وكان السيد في المنطقة يحظى بالمعايدة الاولى تقديرا واحتراماً له، ثم يزور الاصغر الاكبر ويبادله المعايدة وتستمر المعايدات والزيارات حتى اخر ايام العيد، لكن مثل هذه الامور بدأت تنحسر فلماذا باتت مثل هذه العادات غير موجودة اليوم او انها قتلها التقدم المزعوم، اليس من الاهمية ان تستمر مثل هذه العادات التي وتقوي الروابط والاجتماعية وتعود الأطفال على أصول مخالطة الناس وآداب المجالس والحديث والزيارة وإتاحة الفرصة لهم لاكتساب المزيد من المهارات المعرفية والسلوكية والاجتماعية وتقوية ثقتهم بأنفسهم؟
رغم ايجابية الاجتماعات في الكثير من المناسبات والعيد احداها فأنه يشكل في بعض الحالات حرجاً لمن في الاجتماعات فعلى سبيل يسأل العاطلين عن العمل والعزاب والمطلقين يوضعون بأحراج ويجعلهم غير مرتاحين نفسياً بل مستفزين وباحثين عن اقرب فرصة للمغادرة، ففي الكثير من الحالات يحصل تفاعل غير مريح في هذه اللقاءات وهو اشبه ما يكون بالتحقيق، وأسئلة لماذا لم تتزوج او تتزوجين؟، لماذا لا تعمل؟، وماهو سبب الطلاق؟، ماهو مقدار مرتبكم؟، وغير ذلك من الاستفسارات التي لا تنم عن ذوق المتقدم بها ما قد يؤثر على الأشخاص وعلى رغبتهم بحضور مثل هذه المناسبات.
ولأننا في بلد ما ترك من بيت الا وفيها نائحة بسبب الحروب والويلات واخرها مرض كورنا فقد اصبحنا ربما اكثر البلدان فقداً، وافتقاد الاعزاء واصبح من بديهيات اعيادنا استذكار الموتى، هذا الموقف يدعى بمتلازمة (المقعد الفارغ) والتي يبرز فيها غياب شخص متوفي وخاصة في العيد حيث تلتقي العائلة وتتذكر وتحزن على الغائب.
ويشكل العيد بالنسبة لأصحاب الدخول البسيطة عبئاً اضافياً بدءاً من شراء ملابس الاطفال واخراجهم الى اماكن الترفيه او المطاعم وتوزيع ما يعرف عراقياً بـ(العيدية) وانتهاء بتوفير وجبات الضيوف المفروضة عليهم، لذا يكون مثل هؤلاء الاشخاص في حرج كبير من اهل بيتهم وضيوفهم وليت الناس تقدر حجم العناء الذي يتركه الهم العيد.
في الختام نعرض جملة من الوصايا لعلها تنفع من يقرأ وهي: ضرورة المحافظة على التواصل بين الناس كي تدوم العلاقات الانسانية الجميلة ويرمم ما فسد منها وفي العيد اكبر فرصة لهذا الترميم، ومن المهم جداً الاعتدال في نفقات العيد لكي لا يشعر الجار او الاقارب المطلعين على الترف والبذخ في الوقت الذي يعجزون عن شراء ابسط الحاجيات، ومن المهم الالتفات الى عوائل الشهداء والايتام والعمل على تكريمهم بالممكن البسيط لإسعادهم، ولابأس من مساعدة المعوزين من عامة الناس لان ذلك يعمل على قتل عقدة النقص التي تتولد حين لا يجد الانسان ضالته، هذه الجزيئيات وغيرها اذا ما طبقت او طبق شيء منها فأنها تضمن ابقاء الرحمة سائدة في المجتمع وتبقي الالفة والتعاون ولمثل هذا فليتنافس المتنافسون.
اضف تعليق