تحمل التربية اللطيفة صاحب السلوك غير السوي مسؤولية وعواقب سلوكه، كما يفضل الاباء استخدام اسلوب المرح والفكاهة والمزاح مما يجعل الاباء متمكنين من التحكم بمشاعر ابناءهم والنتيجة تحقيق احد اهداف التربية دون عناء وبعيداً البطش وفرض السلطة بالقوة كما كان سائداً في التربية القديمة...
تتغير التربية تبعاً للتعاقب الزماني والاختلاف المكاني، فالمقبول تربوياً في مجتمعنا مرفوض في مجتمعات اخرى وما كان بالأمس متفق عليه صار اليوم منتقداً والعكس يصح، وليس من الضروري ان تطبق تجربة تربوية ناجحة في مكان ما في نفس مجتمعنا، لان القواعد والمحددات تختلف وتتنوع، وحتى تنجح التربية وتكون ذات فاعلية يفترض ان تجاري واقع المجتمع ومستحدثاته. فمع التعقيدات التي حصلت في كل اوجه الحياة والتشابك الذي يطغي على عموميات حياتنا فرضت الحاجة انماطاً تربوية جديدة تواكب عصرنا الذي نحياه الان غير تلك التي اندرست واصبحت من الماضي.
التربية الحديثة التي نحتاجها الان لأطفالنا هي التربية التي يُسخر فيها الوالدين إمكانيّاتهما، وطاقتهما، وقيَمهما، وشغفهما، ومعتقداتهما من اجل اتباع افضل الطرق التربوية التي تبقى الاطفال منجذبين لا جواء العائلة ومنسجمين معها ولا يعانون من أي ضغوط نفسية او تعنيف او مصادرة لميولهم ورغباتهم وآراءهم لان مثل هذه السلوكيات ضدهم سيولد استجابة عكسية رافضة واحياناً منتقمة حين تسنح الفرص، فيجب تحديد سلوك الابناء بقواعد تفادياً للعشوائية والتخبط في السلوك وهو ماينتج شخصية عبثية غير منضبطة.
من الاخطاء الشائعة في التربية وهي ان يقوم الاباء بأزالة جميع العقبات التي تعترض سبيل ابناءهم في محاولة منهم لمشاركتهم الاعباء وتخفيفها عليهم حتى في واجباتهم المدرسية، هذه التصرفات تصنف ضمن التصرفات السلبية التي تعطي للفرد صورة ضعف عن ذاته بكونه عاجز التعامل مع مشاكله الخاصة وحلها وهو ما يؤدي الى تدنّي تقديره لذاته، ويفضل ان يحذر الاباء من الغاء وجود ابناءهم ازاء ميولهم ورغباتهم وتجاربهم العاطفية فلا ينبغي ان يقلل الوالدين من شأن تجارب الاطفال او اهمالها فقد يتسبب في اضطرارهم الى اخفاء مشاعرهم وربما معالجتها بطريقة تفتقر إلى الفعالية مما قد يزيد من سوء حالتهم النفسية.
يمثل عدم توافق الوالدين فيما يتعلق بأسلوب التربية المقدمة الى الابناء من تفضيل المدح او العقاب او النصح سبباً هاماً في التشويش على ذهنية الطفل وخلق بيئة فوضوية لا تصلح لبناء انسان سليم، فوضع اساسيات متفق عليها يؤسس حدود للطفل لا يتجاوزها وهو ما يعزز شخصيته ويقويها، والدلال الزائد هو ايضاً خطئ نقترفه بحق ابناءنا فنجهد انفسانا من اجل توفير كل ما يحتاجونه من مستلزمات مادية واخرى معنوية، وهذا الدلال المفرط للطفل قد ينمي فيه روح الكبر او انه يرى نفسه مميز عن اقرانه ويستحق معاملة خاصة، وهو ما يؤدي إلى فشل علاقاته الشخصية، فالمعطيات الناتجة عن الدلال المفرط تقودنا الى تساؤلات وهي هل يعي الوالدين نتائج دلالهم الزائد لا بناءهم يعطي في الغلب نتاج سلبي؟.
من الطرق الحديثة في التربية هي: التربية الايجابية التي تعتمد مبدأ التشجيع والثناء على السلوكيات الايجابية وعدم التركيز على السلبيات ومعاقبتها، ومساعدة الطفل على كيفية البحث عن الحلول، وتستخدم التربية الإيجابية الاجتماعات كنهج لتعديل السلوك وهذا المنهج يستخدم في حالة قيام الطفل بالعناد او الرفض مثلاً يرفض حل واجباته المدرسية البيتية وهنا نستخدم التعزيز او المحفز كي يقتنع الطفل بحل وجابته بدل من اجباره والتسلط عليه وهذا هو المعنى التام للتربية الايجابية، وثاني الطرق التي تنادي بها التربية الحديثة هو ما يعرف بالتربية اللطيفة التي تحاول جاهدة لمنع الوقوع في المشكلات عند الطفل ومبدأ هذا النوع من التربية قائم على استخدام اسلوب تكرار التوجيه للطفل خاصة في حالات عدم تقبل التوجيه الاول وعندما يتصف الطفل بصفة العناد، حيث تحمل التربية اللطيفة صاحب السلوك غير السوي مسؤولية وعواقب سلوكه، كما يفضل الاباء استخدام اسلوب المرح والفكاهة والمزاح مما يجعل الاباء متمكنين من التحكم بمشاعر ابناءهم والنتيجة تحقيق احد اهداف التربية دون عناء وبعيداً البطش وفرض السلطة بالقوة كما كان سائداً في التربية القديمة.
ثالث معالم التربية الحديثة هي التربية التي تقوم على الحدود بمعنى وضع قواعد واضحة للسوك وهنا نبين للطفل الحدود التي يجب ان يلتزم بها في كافة سلوكياته وهو من سيواجه عاقبة سلوكه السيء في حالة قام به وليس الاهل من يتحملون نتائج سوء السلوك، ويعد منهج تعديل السلوك الانساني هو احد مناهج التربوية الحديثة ومفاده اننا نقوم بمكافئة السلوك الايجابي لضمان تكراره واطفاء السلوك غير المرغوب فيه ، كما التدريب العاطفي هو الاخر يعتبر احد معالم التربية الحديثة و يركز على فهم مايشعر به الاطفال و مساعدتهم على الافصاح والتعبير عن تلك المشاعر بدل ان تكون تصرفاتنا كوالدين بشكل انفعالي كردة فعل على سلوكياتهم وبذا يتعلم الطفل عدم الخوف من مشاعره، او عدم الخجل منها، و ينبغي الانتباه الى ان روح العصر هذا فرضت لباس وقصة شعر وحتى ربما طريقة كلام مختلفة عن سابقتها في ازمنة ماضية وان تكون هذه الامور بما يلائم عمر الطفل ولون الشارع شريطة عدم النشوز والخروج عن المألوف الذي يقيس المقبولية المجتمعية من عدمها من خلال الاقران في نفس العمر والمكان لتفادي عزله من محيطه، هذه السلوكيات الوالدية اذا طبقناها في تربية الابناء سنضمن نمو انسان متصالح مع نفسه ومع محيطه، ومتبنياً لسلوكيات حضارية متزنة وهادفة.
اضف تعليق