العنوان: الاعلام والعمليات النفسية في ظل الحروب المعاصرة واستراتيجية المواجهة
المؤلف: سامية ابو النصر
الناشر: دار النشر للجامعات
عدد الصفحات: 224
عرض: زهراء هادي
اللغة على لسان الاعلامي والقلم في يد الصحفي لا يقلان اهمية عن خطورة السلاح في يد العسكري، فالأعلام اصبح علماً يمارس على اسس علمية وعلى نظريات تستقي مرجعتيها وقوتها من نظريات علوم انسانية واجتماعية اخرى، ليس فقط من خلال امتلاك تكنولوجية متقدمة، مما يؤكد اهمية الاستعانة بالخبراء والمتخصصين في المجالات المختلفة لإنتاج برامج على اعلى مستوى شكلا ومضمونا يخاطب عقل ووجدان المشاهد العربي.
وتوظيف الاعلام في الدعاية يتمثل في جزء منه في الدعاية التي عن طريقها تستطيع ان تحشد الرأي العام حول قضية عن طريق المبالغة والتضليل والكذب في اسلوب عرض القضية، كما برعت الدول في الاستعمال المتقن للإعلام والعمليات النفسية كالدعاية النازية التي اصبحت تدرس في الجامعات كمادة مهمة لفهم اليات العمل الاعلامي الدعائي.
يقول هتلر عن الاعلام في كتابه كفاحي "الاعلام يستطيع ان يبني دولة او يهدم دولة" لذلك تعد الية العمليات النفسية التي تستعملها الدول حاليا في ادارة الحروب الحديثة، لذا تعتمد العمليات النفسية على مجموعة من الخبراء والمحللين والمعلومات النفسية، فضلاً عن وجود اقتصاديين وعسكريين واجتماعيين بهدف وضع استراتيجية وخطة متكاملة على المديين الطويل والقصير من اجل العداد البيانات والمعلومات.
واسهمت ثورة المعلومات والاتصال في احداث تحول على المشهد الاعلامي في العقد الاخير من القرن العشرين، وشهد العصر الذي نعيشه تطورات هائلة، واضحى يطلق عليه الاعلام الجديد، وعصر المعلومات والاعلام الاجتماعي واعلام الوسائط المتعددة، وقد ادت هذه التطورات في وسائل الاعلام الى تغييرات في قدرات الدولة، اذ باتت المعلومات عناصر مهمة ومؤثرة في تامين استقرار الدولة، ودعم نفوذها الاقليمي.
واختارت المؤلفة حربان العراق 2003 ولبنان 2006 وذلك بسبب قوة وتأثير العمليات النفسية عن ذي قبل اذ ان اللغة تؤدي دوراً مهماً ومؤثراً في العمليات النفسية ومن ثم توظيفها في اساليب التحريض وصياغة الشائعات واطلاق الشعارات بأسلوب محكم وهذا ما ظهر واضحا في هذين الحربين.
وهدفت هذه الدراسة الى معرفة مفهوم الاعلام ووسائله وامكانياته المختلفة وخاصة في ظل الثورة التكنولوجية والاعلامية في الآونة الاخيرة والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، كذلك التعرف على المفهوم الشامل للعمليات النفسية وعلاقتها بالإعلام والدعاية والاعلان والعلاقات العامة ،فضلاً عن عرض لبعض الامثلة التطبيقية لدور الاعلام والعمليات النفسية في الحروب المعاصرة : مثل حرب العراق وحرب لبنان، وكذلك الكشف عن الدروس المستفادة من استعمال العمليات النفسية في الحروب المعاصرة، واخيرا تحديد الخطوط الرئيسة في في تنظيم وادارة الحملات الاعلامية والنفسية لمجابهة تطور الازمات المؤثرة على الامن القومي.
واشتملت الدراسة على ثلاثة فصول تضمن الفصل الاول "الاعلام والعمليات النفسية" يبحث في التعاريف المختلفة للإعلام ووظائفه المعاصرة وشروط الاعلام الناجح، فضلا عن نشأة وتطور العمليات النفسية والتعاريف المختلفة لها، والفرق بينها وبين الحرب النفسية، واشهر قادة العمليات النفسية عبر التاريخ، كما تتطرق الفصل الى الطرق المختلفة للعمليات النفسية ومن اشهرها الاعلام والدعاية، والدعاية المضادة والخداع والشائعات، وجاء هذا الفصل في ثلاث مباحث ركز الاول على مفاهيم الاعلام ووظائفه وضم المبحث الثاني المفاهيم المختلفة للعمليات النفسية اخيرا المبحث الثالث احتوى على طرق العمليات النفسية.
توصل هذا الفصل الى ان تقدم تكنولوجيا الاتصال وعصر المعلومات الذي نعيشه الان اضحى لوسائل الاعلام تأثيرات قوية على الجمهور يقابلها على الجانب الاخر قوة افراد الجمهور ونشاطهم وقدرتهم على الانتقاء من بين المضامين المختلفة التي تقدمها لهم وسائل الاعلام وفقا لدوافعهم ولاحتياجاتهم، كما ان للأعلام دورا مهما في تكوين الرأي العام عن طريق اجهزته العديدة المؤثرة كالصحافة والاذاعة والتلفزيون والمسرح والكتب التي تعد من اهم وسائل الاتصال الجماهيري.
ويرجع خطر العمليات النفسية الى انها غير محددة المصادر فالعدو غير معروف وغير محدد اذ تستهدف الجانب النفسي والمعنوي للإفراد للتأثير في افكارهم واتجاهاتهم كما تستهدف المدنيين والعسكرين ومرت هذه العمليات بثلاثة مراحل هي مرحلة مزاولة العمليات النفسية دون علم او دراية، والمرحلة الثانية مرحلة شن العمليات النفسية بناء على خطة فردية والثالثة مرحلة شن العمليات النفسية المخططة.
وقد ظهرت العديد من المصطلحات للعلميات النفسية منها حرب الاعصاب، حرب المعنويات، حرب الافكار، حرب الدعاية، او غسيل المخ، حرب العقول والقلوب.
ومن اهم اهدافها:
1- بث روح الهزيمة في الخصم.
2- تنمية مشاعر الصداقة والود مع المجتمعات والدول المحايدة.
3- تدعيم الروح المعنوية المساندة للجيش والدولة.
4- تعبئة واثارة الشعور بالكراهية والحقد وتوجيها نحو العدو.
ومن اهم طرق العمليات النفسية هي الاعلام – الاعلان – الدعوة – الدعاية – العلاقات العامة .
فيما تناول الفصل الثاني "دور الاعلام والعمليات النفسية في ادارة الصراع" يتناول هذا الفصل دور الاعلام والعمليات النفسية خلال المراحل المختلفة بدا من المرحلة التحضرية للحرب، ومرحلة ادارة العملية، ومرحلة ما بعد الحرب، كما يتطرق للعوامل التي اثرت على العمليات النفسية، وكذلك اهم الدروس المستفادة من العمليات النفسية التي شوهدت في حرب العراق ولبنان، وانسب طرق احتواء العمليات النفسية المعادية.
واحتوى الفصل الثاني على ثلاثة مباحث جاء المبحث تحت عنوان دور الاعلام والعمليات النفسية في حرب العراق واحتوى المبحث الثاني دور الاعلام والعمليات النفسية في حرب لبنان، واخيرا المبحث الثالث بعنوان الدروس المستفادة من حربي العراق ولبنان.
اثبت كل من حرب العراق ولبنان ان حرب المعلومات اصبحت اكثر قوة وشراسة من الحرب النظامية، ولديها القدرة الفائقة على تحقيق النصر واستطاعت التأكيد على الكراهية التي ملأت قلوب الجماهير العربية الاسلامية ضد السياسة البوشية الجمهورية، تلك الكراهية التي كانت من الممكن ان تنسحب الى امريكا ذاتها بما تنطوي عليه من ردود فعل جامعة، لذا نجد ان الكره لكل ما هو امريكي يتزايد في جميع الدول العربية والاسلامية، وان التفوق العسكري والتكنولوجي لا يكسر أرادة الشعوب في البقاء ولا يستطيع بث روح الياس والخضوع او زرع بذور الفرقة بين كل عربي واخر بوسائل مختلفة، وبدليل استمرت المقاومة العراقية لحين خروج الجنود من العراق ، ويعرض الفصل الثالث والاخير "الاستراتيجية الاعلامية والنفسية المقترحة في اطار تفعيل دورها للمواجهة في الحروب المعاصرة".
ويتناول الاهمية القصوى للتخطيط لحملات الاعلام والعمليات النفسية المعادية من اجل التعريف بأهمية اعداد الدولة لكل اشكال الصراع المسلح مع الالتزام بالأهداف القومية للدولة، وضرورة وضع استراتيجية محددة الاهداف، وتحقيق التوازن في العمل الاعلامي بين المجالات الاعلامية والثقافية والتعليمية، مع التركيز على القضايا القومية وتعميق التمسك بالقيم الدينية، كما يتطرق لاهم المحددات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والاعلام ويتم معالجة هذه الموضوعات عن طريق مباحث:
جاء المبحث الاول بعنوان اهداف ومحددات الاستراتيجية في المجالين الاعلامي والنفسي، ومن ثم المبحث الثاني تحت عنوان الركائز والاستراتيجية الاعلامية المقترحة، وتناول المبحث الثالث والاخير الاستراتيجية المقترحة لتفعيل العمليات النفسية في الحروب المعاصرة.
ويمكن تلخيص هذا الفصل ان العمليات النفسية اشد خطراً، وتأثيراً من الحرب الميدانية، لان اثارها ترتبط بالجوانب النفسية والمعنوية لدى المدنيين العسكريين في ان واحد، فهي تسعى في الكفاءة العقلية والادائية والانتاجية لدى الافراد، في نفس الوقت غير محددة المصدر اذ من الصعوبة تحديد الجهات التي تنشها فقد تكون من داخل المجتمع او خارجه.
واضحت العمليات سلاحاً فعالاً تلجا اليه وتمارسه الدول والنظم السياسية صديقة كانت ام عدوة باتجاه ايجاد تفعيل للأفكار وتكوين قناعات تؤمن مصالحها، ويتضح مما تقدم ان الاعلام والعمليات النفسية يؤديان دوراً مهما ًفي العلاقات الدولية، كما ان الاختراعات الحديثة والانجازات التكنولوجية الضخمة ووسائل الاتصال بالغة التعقيد والسرعة يمكنها بث المعلومات على افور بين مختلف مناطق الكرة الارضية، كما ان نظام الاعلام الدولي الحالي يتسم باختلال عميق بين البلدان المتقدمة والنامية ،ومن خصائص هذا الاختلال سيطرة الدول الكبرى على دورة المعلومات من البداية الى النهاية(وكالات – صحافة – اذاعة وتلفزيون – الافلام).
وتبين من خلال الحروب المعاصرة حرب العراق ولبنان اهمية الاعلام والعمليات النفسية في تحقيق ودعم الاعمال العسكرية، يمكن ان يطلق عليها حربا اعلامية تكنولوجية استعملت فيها جميع وسائل الاعلام والعمليات النفسية من خداع ودعاية وكذب وتضليل الرأي العام والشائعات من قبل امريكا واسرائيل.
اضف تعليق