حتى النواب الكرد كانوا مستغربين من تلك التصريحات النارية التي صدرت من السيد مسعود برزاني التي قال فيها إن الإقليم سينفصل عن بغداد في حال عاد المالكي لرئاسة الحكومة المقبلة! وهذا التصريح كان محط رفض من الكتل الكردية المرتبطة بحركة التغيير في السليمانية التي ترى أن البرزاني يأخذ مسارا بعيدا جدا عن الكتل الأخرى في الإقليم، وترى أن الإنفصال ليس في صالح الأكراد خاصة وإن الدول المجاورة كإيران وتركيا لن تقبل بذلك، وستقوم بفرض حصار خانق لعزل الدولة الناشئة وتعطيلها على المديين القريب والبعيد لتفشل مشروعها الذي سيجد الرفض من الداخل قبل الخارج.
العليم بشؤون السياسة يدرك أن السيد البرزاني يجيد لعبة الهروب الى الأمام، ويحاول في الغالب أن يصطاد الفرص السهلة خاصة حين يضغط عليه الخصوم من داخل الكتل الكردية الذين بدأوا يتململون كثيرا من سلوكيات الرئاسة والتفرد في القرار، والإستحواذ على المال العام في وقت يعاني الإقليم فيه من وضع إقتصادي مترد للغاية، ولاتوجد الكثير من الأموال، وهناك تقشف يضرب في كل مؤسسات ودوائر الحكومة المحلية، بينما يصر السيد البرزاني على الإمساك بتلابيب السلطة مهما كان الثمن، وهذا ماسيؤدي الى إنعكاسات أكثر من سلبية على واقع كردستان ودورها وحضورها.
نواب من كتلة التغيير وسياسيون أشاروا الى وجود قوات تركية داخل أراضي الإقليم، ويبدو أنهم يلمحون الى إن هناك شبه إتفاق بين أنقرة وأربيل على وجود تلك القوات، مثلما أن الرئاسة لم تعترض، في المقابل فإن قوات حزب العمال الكردستاني تعمل على تقويض وجود داعش، وتشارك في القتال، وهناك شبه ضوء أخضر من بغداد لوجود تلك القوات التي تتقاطع تماما مع سياسة البرزاني وترفض النشاط التركي.
وعلى هذا الأساس فإن التحركات التي تشهدها المنطقة تخفي بين طياتها أسبابا شبه مجهولة لمعظم الناس، بينما هي معلومة لمن يدرك تلك الخبايا خاصة وإن الترك يخشون مثلما هم الإيرانيون من نشاط القوى الكردية، وكذلك فإن بغداد لم تعد مرتاحة لطبيعة النظام القائم في كردستان وهذا مايدفع الى نوع من التوافق بين بغداد وطهران وأنقرة وحتى دمشق لفتح النار على الأكراد الذين يدرك بعضهم كجناح طالباني وتغيير حجم التحديات وخطورتها، بينما يتجاهلها الآخرون الذين لايعرفون الى أين يمضون بسفينة أمتهم.
اضف تعليق