لا يخفى ان زوبعة جريدة الشرق الاوسط التي اطلقتها قبل اسبوع بتقرير مهلهل عن العراق وعلى صحفتها الاولى بعيدا عن الالتزام والمهنية التي يفترض ان تتحلى بها اي مؤسسة اعلامية واسعة الانتشار.. قد افقدها الكثير من بريقها الذي كانت تتحلى به بل انها فقدت التزامها ومصداقيتها بهذا التقرير ليس عراقيا فحسب بل ودوليا ايضا خصوصا بعد ان ادانت منظمة الصحة العالمية التقرير الذي نسبته الجريدة اليها واعتبرته خبر عار عن الصحة يسيء الى الزيارة المليونية في كربلاء المقدسة.
وان كان تقرير الشرق الاوسط مفضوح الى درجة انه لا يتخطى فبركة مكشوفة ومجاملة غير محسوبة من قبل المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق المالكة للجريدة بهدف تشويه الشعائر الحسينية بعد ان فشلت كل محاولات وسياسات الحكومة السعودية لزرع بذور الفتنة بين ابناء العراق قبل معركة تحرير الموصل واثناءها.
فان هذه الفبركة يجب ان لا تمر مرور الكرام، فالشجب والاستنكار وحملات الادانة على مواقع التواصل الاجتماعي والتظاهرات الشعبية والعفوية المنددة والدعاوى القضائية واوامر القاء القبض على كادر الجريدة والمسؤولين عنها في بغداد واغلاق مكتبها واقامة دعوى قضائية ضد مقر الصحيفة الرئيسي في العاصمة البريطانية لندن.. ليس كافيا بمجمله لأنها تحركات لا تنهي الموضوع ولا تغلقه نهائيا، فغيرها من المؤسسات الاعلامية التي تسير على نهج الشرق الاوسط ومالكيها او القريبة منها، لن ترعوي عن تكرار فبركات اعلامية مماثلة بحق الشعب العراقي في القريب العاجل، وان ما احدثته الشرق الاوسط لا يتعدى جس نبض للعراقيين وردة فعلهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا؛ اليس من الغريب ان تعمل صحيفة سعودية داخل العراق بل وتصدر وتوزع داخل بغداد بعيدا عن الرقابة على مضمونها؟؟ واليس من الغريب ان قناة سكاي نيوز عربية الاماراتية تغلق مكتبها في بغداد وتسرح موظفيها وتنتقل الى اربيل لمجرد ان مراسل شجاع رفض اوامرهم باطلاق عبارة "ميليشيا" على احدى فصائل الحشد الشعبي الابطال؟ وان مراسل العربية الحدث السعودية يتجاوز على تعليمات وضوابط عمل القنوات الفضائية في ساحات القتال وعلى مشارف مدينة الموصل، فتحرم القناة من التغطية الحربية للمعارك ثم يستبدل المراسل وتعود القناة بقدرة قادر الى التغطية وبنفس المنطقة وبشكل اوسع!!!، الا يثير هذا التساؤلات عن ان العراق مفتوح على مصراعيه للإعلام الاجنبي دون ضابط او رادع بل بالاعتماد؛ في اكثر الاحوال؛ على المال والعلاقات!!!.
الم تستطع هيئة الاعلام والاتصالات بعد هذه المدة الطويلة من ضبط عمل وسائل الاعلام الاجنبية داخل العراق؟ او مد نفوذها الى اربيل!.. حتى لا يكون العمل والانتقال الى مدن الاقليم مشرعن ووارد لكل من هب ودب، او لمن يريد بالعراق شرا او من يريد ان يعمل بعيدا عن ضوابط الالتزام والمهنية الاعلامية.. اجنبيا كان ام عراقيا؟.
ان هيئة الاعلام والاتصالات والبرلمان يتحملان المسؤولية كاملة في تنظيم وضبط عمل وسائل الاعلام المختلفة المحلية والاجنبية داخل العراق، مثلما يتحملان مسؤولية تشريع القوانين المنظمة وآلية الرقابة الشفافة على عمل مختلف الوسائل الاعلامية: المرئية والالكترونية والمسموعة والمقروءة داخل الحدود العراقية؛ دون استثناء؛ حتى نضمن ان لا تتكرر مثل هذه الحالة مستقبلا.
اضف تعليق