الكاتب: مايكل روبن باحث وصحفي امريكي
الناشر: معهد امريكان انتربرايز
ترجمة: هبه عباس
عرض وتحليل د. خالد عليوي العرداوي-مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
اثارت التطورات السياسية في البحرين العديد من المهتمين والمحللين، ومنهم الكاتب الامريكي البارز (مايكل روبن) فقام بنشر مقال في (معهد امريكان انتربرايز) الأمريكي تحت عنوان (خمسة أشياء يجب فهمها من الازمة الحالية في البحرين) جاء فيه "أصبح الوضع في البحرين أكثر توترا في الأيام الأخيرة، إذ حظرت السلطات البحرينية أكبر مجموعة معارضة، ووضعت اية الله الشيخ عيسى قاسم تحت الإقامة الجبرية. فيما هددت إيران بسحب البحرين الى مستنقع عدم الاستقرار وانعدام الأمن. وفي الوقت ذاته، لا تزال البحرين تحتضن الاسطول الخامس للبحرية الأمريكية. وبتفاقم الأزمة يجب معرفة خمسة أشياء لفهم ما يجري:
1- لدى شيعة البحرين مظالم اقتصادية واجتماعية مشروعة، اذ تنعدم المساواة في المجتمع البحريني، ولم تكن احتجاجات ١٤ شباط ٢٠١١ مجرد نتيجة لثورات الربيع العربي، لكن تزامنت مع الذكرى السنوية العاشرة لميثاق العمل الوطني، وهو اتفاق تمت الموافقة عليه من خلال الاستفتاء لمعالجة العديد من المخاوف الشيعية، لكنه لم ينفذ.
2- الحكومة البحرينية حكومة غير موحدة، اذ ينظر الى الامير سلمان بن حمد بن عيسى ال خليفة على انه مصلح، بينما ينظر الى رئيس الوزراء خليفة بن سلمان ال خليفة على انه طائفي، على الرغم من تسنمه هذا المنصب منذ عام ١٩٧١، ويصف الكثير من البحرينيين الغرب بالساذج وان الاسرة الحاكمة تشارك في لعبة متقنة (الشرطي الجيد مقابل الشرطي السيء)، وبعد هذا كله تحدث الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة عن الاصلاح لكنه فقد اهتمامه به بمجرد توليه العرش. وسواء كان ذلك صحيحاً أم لا، من المؤكد بأنه سيتم كسر الجمود من خلال تبديل القيادة، ان العنف الدوري الذي بدأ عام ١٩٩٤ انتهى مع وفاة الملك السابق وبروز اخر. وعلى الرغم من ان الملك حمد يتمتع بصحة جيدة ولم يذهب لأي مكان لكن من غير المحتمل ان يكون هناك انفراج ينهي الوضع الراهن المتمثل بالصراع المنخفض الحدة كما يستبعد انسحاب رئيس الوزراء بسبب القمع.
3- في الوقت الذي قالت فيه مجموعة المعارضة البحرينية بأن لا علاقة لها بايران ولا تريد شيئا منها، فان للحكومة البحرينية الحق في القلق والشك، لان الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت السبب وراء محاولة الانقلاب التي حدثت عام ١٩٨٠ لإسقاط العائلة الحاكمة وجعل البحرين تابعة لإيران، لكن ايران لن تتنازل عن مطالبها على الرغم من استفتاء عام ١٩٧٠ الذي سعى اليه السنة والشيعة لرفض الوحدة مع إيران، وفي عام ٢٠٠٧ دعا المتحدث باسم المرشد الأعلى على خامنئي الى وضع حد لاستقلال البحرين، ربما لم تثر ايران الاضطرابات الحالية لكنها سعت الى استمالة ذلك، اذ سعت قوات الحرس الثوري الاسلامي الى تهريب الاسلحة والمتفجرات الى داخل البلاد، وقد توج هذا في التهديدات المباشرة التي وجهتها ايران ضد الجزيرة وحكامها.
4- ربما تكون الحكومة البحرينية مخطئة عندما حظرت جمعية الوفاق ووضعت اية الله الشيخ عيسى قاسم تحت الاقامة الجبرية، لكن إيران ذرفت دموع التماسيح عندما دعا المسؤولون الايرانيون الى إطلاق سراحه، وعلى الرغم من هذا، ان الجمهورية الاسلامية نفسها تقوم بحبس أكثر رجال الدين على اساس معتقداتهم الدينية أكثر من اي دولة اخرى.
5- لا تزال المملكة العربية السعودية تستحق اللوم، إذ يعاني العاهل السعودي الملك سلمان من الخرف، وبالتالي فان الامير محمد بن نايف هو المؤثر على السياسة والموجه لها، وعلى الرغم من ذلك يمكن اعتبار بن نايف محارب طائفي يعتقد إن تمكين الشيعة سيكون لعنة ويفضل استخدام القمع الطائفي في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية وهذا يذكرنا بإعدام الشيخ النمر.
وببساطة، فان ملك البحرين، وربما الحكومة، يعتقد عدم حاجة البحرين موضوعيا الى الاصلاح طالما تتلقى الدعم من قبل القوات السعودية. والتساؤل هنا هل يجب الاصلاح في البحرين؟ نعم، اذ ان قمع ٧٠٪ من السكان ليست صيغة للنجاح على المدى الطويل، مثلما ادى الانفلات واللامبالاة الى تطور الصراع السوري سيؤدي الى النتيجة نفسها في البحرين، اذ ان الوضع في عام ٢٠١٦ ليس واضحا كما كان عام ٢٠١١، وان إيران ورعاتها الإرهابيين من قوات القدس في تطور مستمر، وتصبح أكثر جرأة من خلال تصور ضعف الولايات المتحدة وتخليها عن حلفاؤها، لذلك حان وقت دعم حكومة البحرين ضد التحدي الإيراني لكيلا تنظم الجزيرة الى اليمن وسوريا ولبنان والعراق كضحية حديثة للعدوان الايراني".
نظرة تحليلية
ان هذا المقال يمثل محاكمة واقعية لسياسات كل من البحرين والسعودية وايران فيما يتعلق بالأزمة السياسية في البحرين، نعم ان الكاتب تكلم بواقعية حادة، لكن هذا ما يجب ان يقال عند محاكمة العلاقات الاقليمية في الشرق الاوسط، فكل دولة تشن هجوما سياسيا واعلاميا على دولة اخرى حول قضايا معينة، في الوقت الذي نجدها ترتكب في الداخل ما انتقدته في الخارج، هذا من جانب، ومن جانب آخر، فان السياسات الاقليمية السيئة احدثت تأثيرات اقليمية أكثر سوء، وهذا ما نراه اليوم في العراق وسوريا واليمن وليبيا بشكل جلي، وقد لا يطول الوقت كما تنبأ الكاتب لتلتحق البحرين بهذه القائمة. ان واقع الحال يقتضي وضع حد لهذه العلاقات الاقليمية عالية الضرر، فضلا على وضع حد للسياسات الداخلية التي تمتزج فيها الفردية والسلطوية المؤسساتية بالعقلية البدائية في الادارة والحكم؛ لأن شعوب المنطقة لم تعتد تحتمل المزيد من الألم، وستجني حكومات المنطقة المتورطة بهكذا سياسات خاطئة نتاج ما زرعته عاجلا وآجلا، فالأقدار لا ترحم الحمقى والطغاة، وكما يقال طالما ان لكل شيء بداية فلابد ان تكون له نهاية، وعاقبة البدايات الخاطئة سيئة في جميع الاحوال.
اضف تعليق