يبدو ان ما شهدته ساحة التحرير يومي الخميس والجمعة الماضيين حدثين غير عاديين بالمرة؛ بين استعراض لقوات تحارب الارهاب ومظاهرات تطالب برؤوس الفساد، واذا كنا وجدنا حلولا عملية للانتصار على داعش في كل البلاد.. فما آن الأوان لإيجاد حلول متفق عليها للإصلاح؟ وخطوات عملية تنهي اي خلاف وتوحد كل الأطراف مثلما توحدوا ضد الارهاب؟؟!!.
ان حساب تداعيات ما بعد داعش اصبح ضروريا جداً لأنها قد تكون اخطر على العراق من ظهور داعش نفسه وتمدده، خصوصا اذا لم يحسن الساسة ادارة دفة البلاد الى بر الأمان.. والتي تستلزم الابتعاد عن الصراع على المكاسب والمناصب اولا؛ وتصفير الخلافات السياسية حول القضايا المصيرية ثانيا؛ والقضاء على الفساد ثالثا؛ والاهم من كل ذلك يتمثل في رابعا؛ كسب ود الجماهير والاستجابة الى مطالبهم المشروعة في التغيير والإصلاح.
والى هنا ما زال الوضع مطمئنا وتحت السيطرة وبالإمكان تدارك تداعياته على البنى التحتية في المناطق المحررة والأزمة الانسانية على النازحين وآثاره السلبية على الاستثمار والاقتصاد ونظرة العالم الى العراق، وان كانت الخسائر البشرية لا تعوض فان وقود التضحية الشهداء والعراق لن ينسى شهداءه ومن ضحوا بالغالي والنفيس من اجل سيادته وتحرره من الارهاب.
لكن المهمة ليست سهلة مثلما يتصور البعض وان النصر لن يكتمل بالقضاء على داعش وجودا وفكرا هداما فحسب؛ بل ان الصورة المنتظرة لن تؤطر الا باجتماع المنتصرين والتفاف الشعب حولهم والسير بعجلة البناء والإعمار والرخاء الى امام في حرب لا هوادة فيها على المفسدين.. اما غير ذلك مما يجري اليوم من تصعيد وحشود عسكرية وتحويل العاصمة بغداد الى قنبلة موقوتة وتأزيم للأوضاع من كافة الأطراف فانه يخالف المنطق ويستبق النصر الذي لم ينجز بعد في الحويجة والموصل.
لذا فان تحرك الحكومة باعتبارها المسؤولة عن ترتيب مجمل الاوضاع يجب ان يتخذ المناحي التالية:
• الإسراع في الخطوات الاصلاحية.
• الالتزام بالإجراءات الدستورية في تطبيق الخطوات الإصلاحية وعدم استغلالها لمصالح حزبية.. مع ضرورة الابتعاد عن التعيين بالوكالة.
• مشاورة الجهات السياسية كافة ومن دون استثناء، من داخل البرلمان وخارجه ممن تؤمن بالعملية السياسية.. ودفعها الى المشاركة والتوسط في تهدئة الأوضاع.
• حشد شيوخ العشائر لأجل الوطن باعتبار ان الطبيعة القبلية تطغى على نمط المجتمع الحالي وكان لها دور ايجابي في الاستجابة لفتوى الجهاد الكفائي وتأسيس الحشد الشعبي.
• دعوة الوجهاء والعقلاء ممن يحملون نوعا من التأثير على شرائح المجتمع في النقابات والاتحادات والتجمعات المدنية لاستنهاض القيم الوطنية وتعزيز روح الانتصار.
• توجيه خطاب علني لوسائل الاعلام لتوخي الدقة والموضوعية في تناول القضايا الداخلية والخلافية والا فإنها ستكون امام مسؤوليتها التاريخية تجاه الشعب والقانون.
اما اذا ادارت الحكومة ظهرها لكل ما تقدم واستمرت في منهجها الحالي منفردة، فان الإعجاب والاحترام العالمي الذي ناله العراق في عمليتين نوعيتين بالفلوجة والقيارة؛ تلاحم فيهما الحشد الشعبي والعشائري والجيش ومكافحة الارهاب، سيضيع مثلما ستضيع التضحيات التي بذلت بالقضاء على داعش، في سباق جني الثمار قبل اكتمال النصر اولا؛ او في خلاف المنتصرين في ساحة التحرير ؛ مما لا تحمد عقباه؛ والذي قد يعيد العراق ومستقبل ابناءه على المحك.. من جديد.
اضف تعليق