إطلالة جديدة نطل بها عليكم، ونحن نستعرض بعض الملامح المهمة من واقع ثقافتنا الاسلامية المعاصرة، والتي نحاول أن نلج بها إلى مضامير متعددة أملا بالوصول إلى حالة الانعتاق من بعض الثقافات الدخيلة التي تدخل إلينا بين فينة واخرى فنقول، كان المسلمون خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وكانوا يومئذ في مقدمة الركب الحضاري، لغتهم لغة العلم، وأرضهم ينابيع الثروات ومجتمعهم أقوى المجتمعات وأصلبها وأكثرها خدمة وقدرة على العطاء.

أما اليوم فالمشهور منا أننا في مؤخرة الركب، ولطالما انفصلنا تماما عن القافلة وكأننا نعيش التيه، فلماذا حدث ذلك؟ لماذا أضعنا هويتنا وشخصيتنا؟ لماذا نحاول أن نستعير ثقافة غير ثقافتنا.

ولو أبصرنا حولنا، لرأينا الامم والحضارات تسير وتتطور، بطرقها الخاصة، والتي يحددها لها تأريخها وبيئتها ودينها. ونحن لكي نرجع إلى سابق عهدنا ومجدنا.. فإننا نحتاج إلى إعادة بناء بيتنا الثقافي من جديد وعلى جميع الاصعدة، نحتاج إلى عقول، فالحضارات تنمو أول ما تنموا في مجتمع العقلاء لا مجتمع الاقوياء.

هذا هو خيارنا الحضاري الذي لا محيص لنا عنه، نعم، فلنبحث عن شخصيتنا الضائعة، ولنجرب جادين أن نقف على أقدامنا لا على أقدام الاخرين، ونرى بعيوننا، وأيدينا وطاقاتنا، وإنا إن شاء الله ماضون متصورون لنعود كما كنا، خير أمة أخرجت للناس.

المسألة هنا هي مسألة التحدي أي أن نحمل هم التقدم الحضاري وان نعتبر ذلك جهادا مقدسا في سبيل إعلاء شأن أمتنا الاسلامية، وما نؤمن به من قيم ومثل عليا، ولا بد أن يكون هذا الهم عاما شاملا في نفوس علماءنا ومثقفينا وشبابنا وأن لا نتهرب من معركة الصراع الحضاري بالاحتماء إلى الشعارات السياسية الفارغة، وبذلك نفرغ الشحنات العاطفية في نفوس شبابنا بمسيرات (شارعية) لخدمة أغراض سياسية وقتية للحكام.

لابد علينا ومن أجل أن نعي الهدف الذي نقوم من اجله، لابد من أن نزرع في كل شارع ومنعطف مؤسسة للتطوير العلمي والتكنولوجي لترعى الامة بأجمعها، ولنجعل خبز الايام قضية التطوير الذاتي للعلوم الطبيعية، وتطوير الوسائل التي نستخدمها في حياتنا العملية في شتى الميادين.

فلنعط المبدعين والمتفوقين الذين لم يجدوا حضنا كافيا لهم، بل هُمشوا هنا وهناك، منزلتهم العلمية والاجتماعية اللائقة بهم، والتي يستحقونها أكثر من غيرهم ممن اعتلوا على منصات عديدة وهم لا يملكون سوى قلم أعتاد أن ينقش تلك الفكرة مقابل مبالغ يشعر أنها تخدم العلم، ولكنه متأكد بأنه يمارس أقذر قضية في التأريخ ألا وهي سرقة علوم وجهود الآخرين!

لابد علينا أن لا نفرط بأحد، وأن لا نجعل تلك العقول النابغة التي تناثرت في وطننا، تفر من بين أيدينا، لابد علينا أن نعيش مع المبدع آلامه ومحنته وما يقاسيه في ليله ونهاره، لابد علينا أن نحتضن العقل والفكر والطاقة البناءة، ونوظفها إلى ما يخدم بلدنا العزيز.

من هنا كان لزاما علينا أن نعيش الحدث كل يوم، هناك ثقافة غريبة ودخيلة تحاول أن تدخل إلينا ولكن بلباس أصطلح عليه لباس ديمقراطي، يدعو إلى احترام الفكرة، والمبدأ وحرية الرأي، ولكنه في أساسه يحمل دكتاتورية لعينة حملتها نفوس بعض ممن يحسبون على التيار الاسلامي، ولا نريد أن ندخل في متاهات الاسماء والالقاب فالحر تكفيه الاشارة كما يقولون.

ولكن يبقى الموضوع الاهم، هو تلك الثقافة الهادفة التي يجب علينا أن نبثها بين صفوف وطبقات مجتمعنا العراقي، بكل صنوفه وأطيافه بعيدا عن تلك الافكار التي توحي لذلك الطيف المعين أنه مستهدف بالكلام لا غيره.

علينا أن نجد أنفسنا وهذه دعوة مفتوحة إلى كل المثقفين الذين يملكون حساً وطنيا ودينيا، علينا أن نعي أننا في مرحلة الخطر، ما لم نرجع قليلا إلى الوراء فندرس بعين البصيرة ما جاء به أهل البيت عليهم السلام من نظم وقوانين تجعل الفرد الانساني يعيش في هذه الحياة في عزة وكرامة، وعلينا أخيرا أن نرجع إلى القرآن لأن فيه تبيان لكل شيء، ولنقترب مسافة أكبر في سبيل نشر تلك الثقافة القرآنية والتي هي رمز للثقافة الهادفة التي يمكن ان تسود عراقنا الحبيب.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق