تسعى تركيا للترويج لعمل بري داخل سوريا، بعد ان مالت الموازين العسكرية لصالح روسيا الداعم الرئيسي للنظام السوري، خصوصا في حلب، واقترابها من مدينة "اعزاز" باتجاه الحدود التركية، الى جانب سيطرة اكراد سوريا على مساحات واسعة من الأراضي التي كانت تحت سيطرة المعارضة المدعومة من تركيا، الامر الذي أضعف موقفها كثيرا، ودعها الى البحث عن حلفاء للدخول بصورة مباشرة لتعديل الموازين.
وخلاف تركيا مع الاكراد يمتد الى عقود من الزمن، تحاول فيه تركيا منع الاكراد من تحقيق طموحاتهم الانفصالية في تركيا والعراق وسوريا، ومع الفوضى الكبيرة في سوريا، تمدد اكرادها الى المزيد من الأراضي من المعارضة، مع طموح نيل حكم ذاتي في المستقبل.
واقترب المسلحون الاكراد من مدينة "اعزاز"، مع اقتراب طرد المعارضة المدعومة من تركيا منها، "وحذّرت أنقرة مراراً الأكراد من دخول هذه المدينة تخوفاً من ربط الأقاليم الكردية في شرق سورية وشمالها".
ولا يمكن تحجيم دور الاكراد الا بعملية برية محدودة قرب الحدود مع تركيا، وهي خطوة تتردد تركيا من خوض غمارها بمفردها، وقال مسؤول تركي "نريد عملية برية مع حلفائنا الدوليين، ومن دون عملية على الأرض، من المستحيل وقف المعارك في سورية"، فيما قال وزير خارجية تركيا مولود تشاوس أوغلو "ليس من الواقعي لتركيا والسعودية وقطر أن تنفّذ بمفردها عملية برية في سورية"، مؤكداً أنه "لم يُتخذ بعد قرار في شأن عملية في سورية ولم تتم مناقشة استراتيجية بهذا الخصوص بشكل جاد مع الحلفاء".
وقال نائب رئيس الوزراء التركي يالجين أقدوغان، "ما نريده هو إقامة شريط أمني يشمل أعزاز بعمق عشرة كيلومترات داخل سوريا وهذه المنطقة يجب أن تكون خالية من الاشتباكات."
وأعزاز هي آخر معقل للمعارضة قبل الحدود التركية وتقع إلى الشمال من مدينة حلب في شمال سوريا وكانت قبل هجوم القوات السورية جزءا من مسار إمدادات قادمة من تركيا إلى قوات المعارضة المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد.
وردت موسكو، من خلال الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بالقول "من الواضح أن هذا يهدف إلى ضمان استمرار وصول إمدادات يومية لتنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية من السلاح والذخيرة والغذاء من تركيا عبر هذه المنطقة وأيضاً السماح لها بأن تكون ممراً للإرهابيين".
وأشارت صحيفة التايمز البريطانية أن "عملية برية واسعة النطاق تبدو بعيدة الاحتمال في الوقت الحاضر، حيث استبعدت الولايات المتحدة ذلك، كما رفضت القيام بأي عمليات ضد النظام السوري وحلفائه، وحذرت روسيا من شن هجوم بري، لأنها ستورط الأطراف المشاركة في حرب حقيقية".
بدوره قال نيكولاي بورديوجا الأمين العام لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تتزعمها روسيا، إن "انتشار الصراع الدائر في سورية بدرجة أكبر في مناطق قريبة من نطاق مسؤولية منظمة معاهدة الأمن الجماعي يشكّل خطراً على أمن أعضائها"، والمنظمة التي تأسست في 2002 تضم كلاً من روسيا وأرمينيا وروسيا البيضاء وكازخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، وكانت أعلنت قبل يومين استعدادها لدرس ضم سورية إليها إذا قدمت دمشق طلباً رسمياً بذلك.
وينسحب التردد التركي في دخول حرب برية في سوريا على باقي حلفائها، كالسعودية وقطر، بعد ان تركت في الميدان وحيدة، خصوصا وان الولايات المتحدة الامريكية لم تعطي الضوء الأخضر لإطلاق عمليات برية "محدودة" داخل سوريا، إضافة الى المعارضة الروسية لأي تدخل ممكن ان يؤدي الى مواجهة عسكرية مباشرة غير مضمونة العواقب.
بالتالي فان تركيا اليوم في حيرة من امرها بين التدخل بمفردها، وهو امر صعب للغاية ويضعها امام مطرقة المجتمع الدولي وسندات الدب الروسي، وبين الضغط على حلفاء مترددين من مواجهة عواقب هذا التدخل.
اضف تعليق