بعد ان تقدمت قوات النظام السوري وحلفائها الروس باتجاه حلب ومحيطها، تمهيدا لفرض حصار على اهم منطقة استراتيجية تربط المعارضة بخطوط امدادها القادمة من تركيا، مقابل تراجع كبير لمسلحي (المعارضة) المدعومين من تركيا والخليج والدول الغربية، شكك الجميع بنوايا الولايات المتحدة الامريكية "الحقيقية" في حل الازمة السورية عن طريق الحوار، وحتى في جدوى دعم الجماعات المسلحة المعارضة للنظام السوري، التي تلقت ضربات موجعة من حلفاء بشار الأسد خلال الأشهر القليلة الماضية.
فقد اشارت إدارة صحيفة "إندبندنت" في افتتاحيتها التي أسمتها (واشنطن تخون الشعب السوري وتعرّضه للقتل الجماعي) الى ان "الولايات المتحدة أصبحت تلعب لعبة رئيس النظام السوري بشار الأسد، عندما حاولت تخفيف التصعيد، وقررت الولايات المتحدة تخفيف الدعم عن المعارضة قبل بدء محادثات جنيف، وضغطت على دول الخليج كي تخفض من عمليات الدعم العسكري، وهو ما عرض المعارضة للهجوم العسكري، الذي قد لا تتعافى منه أبدا".
بالمقابل فان "اردوغان" المنزعج جدا من "غموض" الولايات المتحدة الامريكية، وسياستها تجاه الازمة السورية، وتحديدا فيما يخص اكراد سوريا (حزب الاتحاد الديموقراطي ووحدات حماية الشعب)، اتهم سياسية الولايات المتحدة بانها السبب وراء تحول "المنطقة الى بركة دماء"، مؤكدا انه بات لا يفهم الامريكان فهم "يلتزمون الصمت حين نكرر، ان حزب الاتحاد الديموقراطي مجموعة إرهابية، ويقولون لا نعتبرهم على هذا النحو خلف ظهرنا".
وحتى وزير الخارجية الفرنسي "لوران فابيوس"، الذي يستعد لمغادرة منصبة الدبلوماسي، أطلق النار تجاه الولايات المتحدة الامريكية، وسياسية أوباما في حل القضية السورية، معتبرا ان "هناك غموض يشمل المشاركين في التحالف، لن أكرر ما قلته من قبل بشأن الخطة الرئيسية للتحالف، لكننا لا نشعر أن هناك التزاما قويا"، وأضاف "لا أعتقد أن نهاية فترة ولاية السيد أوباما ستدفعه للتحرك بالقدر الذي يعلنه وزيره"، وقال "هناك أقوال لكن الأفعال تختلف ومن الواضح أن الإيرانيين والروس يستشعرون ذلك".
ومع ان الولايات المتحدة الامريكية مازالت تؤكد انها ماضية في طريق حل الازمة السورية سياسيا لا عسكريا، وتعارض روسيا في دعمها العسكري للنظام السوري، وترحب بالخطوات السعودية والتركية في دعم المعارضة التي تصفها بالمعتدلة، الا ان ما يحدث على الأرض من تقدم للجيش السوري والدعم القوي من قبل روسيا، الذي غير المعادلة لصالح النظام، لم يعجب حلفائها كثيرا، ما داعهم للتشكيك في النوايا الحقيقية لإدارة الرئيس أوباما.
على هذا الأساس انقسمت اراء المتابعون لتطورات المشهد السوري الى ثلاثة احتمالات قائمة تنوعت على اعتبار:
- ان الولايات المتحدة الامريكية لم تكن مستعدة للاندفاع الروسي المفاجئ في صلب الازمة السورية، وهي لا تملك المزيد من الخيارات باستثناء مجاراة روسيا في "لعبة القط والفأر مع كيري" على حد قول مسؤول اوربي رفيع المستوى.
- ان الولايات المتحدة الامريكية قادرة على تغيير المعادلة الوقوف بوجه الروس وحلفائهم، لكن لماذا؟ والى ماذا سيؤدي تدخل الولايات المتحدة الامريكية عسكريا في نهاية المطاف؟
فالبديل، بحسب هذا الرأي، صعود جماعات خليطة بين عدة فصائل مسلحة مختلفة الانتماءات والأفكار، لم تقتنع بهم واشنطن كواجهة سياسية يمكن لها توالي زمام الأمور وادارة سوريا لما بعج مرحلة نظام الأسد.
- ان الولايات المتحدة الامريكية لا تتقاطع بالمطلق مع توجهات روسيا، بل ان أمريكا هي من جاءت بالروس الى سوريا لتغيير المعادلة بعد ان استشعرت خطر سيطرة الجماعات المتطرفة على المعارضة، وانقسام ولاءاتها الى أكثر من جهة إقليمية ودولية توفر لها الدعم المالي والسياسي، وبالتالي يمكن تقليص الخيارات والجهات المختلفة الى نظام سوري قائم (الأسد) وجماعة إرهابية متطرفة (داعش، النصرة)، يمكن التفاوض معها (بعد القضاء على الإرهاب) على انتقال سلمي للسلطة وإبقاء سوريا دولة علمانية موحدة او تحكمها أقاليم تتمتع بحكم ذاتي.
اضف تعليق