يعتبر اجتماع الرئاسات في اي بلد قضية إيجابية جدا اذا كانت تتدارس الأوضاع العامة بصورة دورية او طارئة وتتخذ القرارات اللازمة والحاسمة بشأنها، وتكون اكثر إيجابية حينما يلتحق بها قادة الكتل السياسية لأنها تدفع لمواجهة كافة التحديات والتصدي اليها بروحية المجموع المتفاهمين لا الافراد المختلفين المتناحرين.
لذا فان اجتماع الرئاسات الثلاث الاخير مع قادة الكتل البرلمانية قد يعتبر مثال لذلك التآلف القادر على مواجهة الأزمات، لكن!!! تبقى أجندة الاجتماع وما بعد الاجتماع هي المشكلة؟؟؟.
فالمواطن والرأي العام يطالب وبإلحاح ان يكون في صورة قياداته ومحور اهتمامها، فالمجتمعون مطالبون ان يصارحوا الجمهور ويجيبوا عن أسئلته من قبيل:
ما الذي تناولته كواليس الاجتماع؟ من وقف الى جنب المواطن في محنته الاقتصادية ومن وقف ضد مصلحة المواطن؟ من قدم مصالحه الحزبية على المصلحة العامة؟ من يعرقل قوانين البرلمان رغم مرور اعوام؟ من يدعم الارهاب ويحول دون القضاء عليه؟؟ من يراهن على تقسيم البلاد؟.
كل هذه الأسئلة بحاجة الى اجابات شافية مثلما الأمن غير المستتب يحتاج الى اجابة وتوضيح من قبل الجهات المعنية والرئاسات ذاتها خصوصا انه هذه المرة ليس بسبب الارهاب بل انفلات لا مثيل له تشهده اغلب مدن البلاد تجلى بعمليات سرقة وتسليب طالت المنازل الآمنة والطرقات العامة اختفت أمامها أية مساعي جدية لقوى الأمن للقبض على مرتكبيها او ايقافها الا بشكل نسبي لا يتوافق مع مستوى الحدث. ولا ننسى اختفاء الاقتصاد من أجندة المجتمعين وكأن البلاد بلا أزمة نتيجة تدهور اسعار النفط بل المواطن وحده في أزمة ويجب ان يتحمل كامل تبعاتها بدءا من زيادة الضرائب وصولا الى تقليص الرواتب.
ان الأمن والاقتصاد والقوانين المعطلة والارهاب وكافة التحديات تحتاج الى اكثر من اجتماع بروتوكولي دون مقررات معلنة او نتائج ملموسة على ارض الواقع، انها تحتاج الى:
• بناء جسور الثقة المفقودة بين المكونات السياسية حيث غاب عن الاجتماع ممثلي الوفاق الوطني والتيار المدني واخرون؛ ما يعني ان أصل الخلاف غالب على روح التفاهم والاتفاق.
• مراجعة الأولويات: فليس من المعقول البحث عن قوانين معطلة منذ سنين وفيها من فقرات الخلاف ما صنع الحداد بين كتل البرلمان مثل العفو العام والحرس الوطني، وترك قضايا حساسة وعاجلة بلا معالجة من قبيل وحدة البلاد وازمة المواطن الاقتصادية واحتمالات انهيار سد الموصل.
• الاستعانة بالخبراء ومن مختلف المجالات، فالقادة السياسيين قد لا يكونوا مؤهلين لمعالجة قضايا اقتصادية او فنية بحتة او حتى أمنية، لذا فان خلايا الخبراء تكون حاضرة قبل او مع الاجتماع بالتوصيات والمقترحات والشروح والتوضيحات مما يساعد على اتخاذ القرار الصائب، وهذا ما لم نجده في كل الاجتماعات السابقة.. رغم الدعوات المستمرة في هذا الصدد، وآخرها دعوة المرجعية الدينية في خطبة الجمعة الاخيرة بضرورة استعانة الحكومة بفريق من الخبراء المحليين او الدوليين لإعداد خطة طوارئ لمواجهة الأزمة المالية الحالية.
• ضرورة اشراك الاعلام الوطني في تغطية مثل هذه الاجتماعات حتى يتسنى للمواطن الاطلاع عن كثب على ما يجري ومن مصادر موثوقة.. وهو ما يغيب دائماً عن تلك الاجتماعات ولا يظهر منها سوى صور داخلية بلا صوت أضيف لها هذه المرة مراسم الاستقبال عند بوابة قصر السلام.
ان البلاد في أزمة ومحنة.. ووحدتها وسلامة شعبها على المحك، وما نحتاجه اليوم اكثر من اجتماعات بروتوكولية لا تغني ولا تسمن من جوع يدعو لها هذا الطرف او ذاك قد تصلح لبلدان غيرنا لكن ليس لوضعنا الحالي.. اننا نحتاج الى وقفة جادة من رئاسات البلد ذاتها وقادة كتله السياسية والقوى السياسية غير الممثلة بالحكومة والبرلمان وكافة الشخصيات الوطنية للوقوف بوجه مختلف الأزمات عموما والتقسيمية خصوصا عبر مؤتمر وطني يعقد في بغداد ليجسد وحدة وتلاحم ابناء العراق في مواجهة التحديات ويفشل مساعي تقسيمهم؛ لا سامح الله؛ الى دويلات.
اضف تعليق