خلال زيارته مدينة الرمادي بعد تحريرها بالكامل من تنظيم داعش، أعلن رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي"، ان عام 2016 سيكون عام طرد التنظيم من اخر معقل له في العراق، مثلما كان عام 2015 عام الانتصارات الكبيرة، ويقصد بها ما حققه العراقيون في تكريت وبيجي والرمادي... لكن وبالرغم من هذه الحماسة ما زال يشكك الكثيرون في حقيقة ان يكون العام الحالي هو عام خلاص العراق من سيطرة تنظيم داعش بصورة نهائية.
ربما يعود هذا التشكيك الى عدة عوامل واقعية، منها الاقتصادية والسياسية والعسكرية والجغرافية وغيرها، لكن بالمحصلة النهائية يرى كثير من المراقبين ان القوات الأمنية باتت أقرب من أي وقت مضى من احكام الطوق الأمني على الموصل استعدادا لاقتحامها، لكن وفق تسلسل زمني قد يتجاوز العام الحالي.
تعول الولايات المتحدة الامريكية والحكومة العراقية على استعادة الجيش العراقي لروحه القتالية بعد الانتكاسة التي مني بها في الموصل، امام بضع مئات من مسلحي داعش، بعد ان فقد معظم عناصره الرغبة في التصدي لتقدم المسلحين، مع انتشار الفساد داخل هذه المؤسسة العريقة، فضلا عن تصدي قيادات غير كفؤة للعمل وتسنمهم مناصب مرموقة داخل وزارة الدفاع ورئاسة اركان الجيش والفرق العسكرية المهمة.
لذلك كانت تجربة تحرير مدينة "الرمادي" على يد قوات الجيش العراقي ومساندة القوات الأمنية الحكومية الأخرى، تجربة ناجحة لإعادة الثقة الى مقاتلي الجيش العراقي، في مقابل إعادة تأهيل وتدريب عدة الوية والالاف المقاتلين استعدادا لساعة الصفر، وكما قال اللفتنانت جنرال الأمريكي "شون ماكفرلاند" قائد التحالف المناهض لداعش إن التدريب "يستند بنسبة مئة في المئة على الدروس التي استخلصناها من تحديات الرمادي وتكريت وسنجار وبيجي حيث وضع العدو أحزمة عوائق"، فإنها لن تكون كافية لوحدها في مواجهة تحدي طرد التنظيم من المدينة ذات الكثافة السكانية العالية.
الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعاني منها العراق نتيجة لانخفاض أسعار النفط الى دون 30 دولار للبرميل الواحد، زادت من حجم التحديات للإسراع في تحرير المدينة، سيما وان كلفة الحرب ضد التنظيم باهظة التكاليف، فضلا عن كلفة إعادة بناء المدن التي دمرها التنظيم بعد تحريرها.
الخلافات بين إقليم كردستان العراق والحكومة المركزية في بغداد ستشكل عائقا اخرا امام انسيابية تقدم القوات الحكومية تجاه الموصل، ولإزالة الخلافات التي قد تقف حجر عثرة امام نجاح العملية لا بد من هدر المزيد من الوقت لعقد سلسلة من التفاهمات بين الطرفين، ربما لوضع خارطة طريق لما ستؤول اليه الأوضاع قبل وبعد استعادة المدينة الحيوية من التنظيم.
بالمقابل فان هناك إصرار من الولايات المتحدة الامريكية بعدم مشاركة المتطوعين من (الحشد الشعبي) في عملية تحرير الموصل المفترضة، واقتصار دورهم على اسناد القطعات العسكرية المتقدمة باتجاه المدينة، وهو امر قيد النقاش أيضا.
من جانب اخر لا يمكن عزل ما يجري من مفاوضات دولية في جنيف لبحث الحل السياسي للازمة السورية، ونتيجة هذه المفاوضات، سواء اكانت سلبية ام إيجابية، ستنعكس بكل تأكيد على واقع الازمة فيها، بينما ستصل ارتداداتها الى العراق لاحقا.
اغلب الظن ان عام 2016 سيكون عام الاستعداد للقضاء على اخر معاقل تنظيم في العراق وليس انهاء وجوده في الموصل لان المسألة أكثر تعقيدا مما تبدو، إضافة الى ان الحكومة العراقية لن تستعجل الأمور بعد ان امنت معظم مناطق الخطر التي كانت تهدد العاصمة السياسية للعراق، ناهيك عن وجود اهداف أخرى لم يتم حسمها بعد وبالأخص مدينة "الفلوجة" بمحافظة الانبار.
اضف تعليق