السفير ثامر السبهان الشمري وصل بغداد بعد سنوات من التشدد السعودي الذي كان يرمي الى تغيير المعادلة السياسية بما يضمن حضورا أكبر للطائفة السنية في العراق، ولاريب في أن الرياض كانت ترفض الغزو الأمريكي في السر قبل العام 2003 وفشلت محاولات الوزير رامسفيلد والرئيس بوش في إقناع ملك السعودية في حينه لدعم مشروع الغزو لأن الرياض كانت تعتقد أن سقوط صدام حسين يعني بروز الشيعة كقوة أساسية في العراق، وبالتالي تمكين إيران من ملف هذا البلد الذي لن يعود بمقدور العرب الحفاظ عليه لأنهم يفتقدون المهارات اللازمة والقوة الكافية للمنافسة عليه خاصة وإن الأغلبية الشيعية لن تكون بمتناول اليد وسيكون الإيرانيون قادرين على إدارة الأزمة بما لايتيح للرياض ولدول الخليج الحليفة أن تفعل شيئا.
وعلى هذا الأساس رفضت الخارجية السعودية طيلة وجود الأمير الراحل سعود الفيصل أن تعتمد سفيرا في بغداد وبقيت تدير الأزمة بطريقة غير مواتية أفقدتها الكثير من ميزات التأثير التي يمكن أن يحققها الحضور المباشر وهو ماثبت بالفعل بعد وصول السبهان الى بغداد وقيامه بحملة إعلامية لتسقيط القوى الشيعية ووصف الحشد الشعبي المشكل من قبل مرجعية السيستاني بأنه غير مقبول لدى أوساط عديدة من الشعب العراقي.
بعد العام 1989 نجحت الرياض في ترسيخ وجود فاعل في الساحة اللبنانية من خلال الشراكة مع السنة وجزء من المسيحيين في مواجهة الشيعة وإيران ومن يتحالف مع حزب الله وحركة أمل من المسيحيين الذين إنقسموا تبعا للمصالح مع هذا الفريق أو ذاك، وصارت الساحة اللبنانية مسرحا لصراع علني وسري بين طهران والرياض مرتبط بشكل، أو بآخر بالنفوذ الأمريكي والتأثير الفرنسي، ولم يكن بمقدور أحد أن يفرض نفوذا نهائيا ويمتلك الساحة لوحده فهو يحصل على الدعم الكامل من الحلفاء الإقليميين، فلا رئيس حكومة ينتخب، ولا رئيس جمهورية يأتي ولا برلمان ينعقد مالم يكن برضا الحلفاء الإقليميين الذي تعقدت علاقتهما تدريجيا حتى وصلت الى مراحل تكاد تكون صدامية بالكامل لولا بعض التهدئة ونوع من المواقف من أطراف دولية، وهذا التعقيد الحاصل في العلاقة بين الرياض وطهران يؤثر حتما في ملفات المنطقة من اليمن الى البحرين مرورا بالعراق وسوريا وليس إنتهاءا بلبنان.
وإذن فالتصريحات السعودية من لسان السفير السبهان تمثل بداية جديدة للرياض وإشارة إنطلاق لعملياتها السياسية في العراق لمواجهة النفوذ الإيراني الكبير ومحاولة لترسيخ قدم سعودية تزاحم القدم الإيرانية، فعندما يعلق السفير على إعدام الشيخ النمر يصفه بالإرهابي، بينما ترى إيران إنه شهيد شيعي واجه تطرفا سنيا وقمعا من الأسرة الحاكمة، ثم الهجوم الحاد على الحشد الشعبي الذي لاتخفي طهران دعمها له وتفخر بدوره في وقف تمدد داعش، المعركة القادمة ستكون بإشراف سفيري الرياض وطهران، ولانعلم النتائج.
اضف تعليق