كان من المفترض ان يعقد مؤتمر "جنيف3" في موعده المقرر في 25 من شهر كانون الثاني الجاري، بعد ان أصدر مجلس الامن الدولي قرارا امميا حدد فيه خارطة الطريق للخروج من الازمة السورية، والتي تمر بمراحل:
- مفاوضات بين النظام والمعارضة
- وقف الاطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالي
- اجراء انتخابات بعد 18 شهر من انتهاء المراحل السابقة
القرار الاممي اتفقت عليه القوى الكبرى (الولايات المتحدة الامريكية، روسيا، اوروبا) والدول الإقليمية التي اعتبرت جزء من الحل، بعد ان كانت جزء من المشكلة.
التفاؤل والتشاؤم خليط يساور جميع الأطراف المشاركة، سيما وان الأمم المتحدة ومبعوثها الرسمي "دي ميستورا"، تردد في اللحظات الأخيرة من ارسال دعوات المشاركة في جنيف القادم، فضلا عن اعلان احتمال تأجيل موعد انعقاد المؤتمر الذي حدد في وقت سابق والتزمت جميع الأطراف به.
الصراعات تنوعت بين المعارضة السورية التي انقسمت فيما بينها وادعت احقيتها في تمثيل الشعب السوري، إضافة الى الخلافات الحادة بين الدول الكبرى والإقليمية حول تلك المعارضة، سيما المحسوبة منها على النظام او المتطرفين او الاكراد، والكل يحمل في جعبته الاتهامات للطرف المقابل، وهذا التباين في المواقف يمكن ان يؤدي الى فشل جنيف بنسخته الثالثة، تماما مثلما حدث في التجربتين السابقتين.
وزير الخارجية الألماني فرانك فالتير شتاينماير، شكك بوجود أطراف معتدلة في سوريا قائلا: "كيف يمكن العثور على أوساط معتدلة في سوريا بعد خمس سنوات من الحرب الأهلية والعنف والتشدد؟ أخشى أن نكون قد اجتزنا ومنذ أمد المرحلة التي كان من المتاح خلالها انتقاء شركاء يمكن الحوار معهم، وأطراف تشارك في المفاوضات".
واضاف: " لا ينبغي إجلاس الإرهابيين والإسلاميين المتشددين، الذين ينشدون تعطيل الحل السياسي، إلى طاولة المفاوضات. نحن بحاجة إلى تحالف يضم ممثلين عن جزء محدد من المجتمع السوري تكون السلطة في أيديهم، ويحترمون عملية جنيف ويكونوا مستعدين لوقف القتال خلال المفاوضات".
ثم جاء كلام نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ليعقد الأمور من جديد، بعد ان ذكر ان الولايات المتحدة "لديها الاستعداد لحل عسكري في سوريا في حال فشل الحل السياسي" في سوريا، والذي اعتبرته روسيا بانه تصريح يحمل "طابعا هداما".
وحتى لو اجتمعت الأطراف المتصارعة في جنيف، وتم الاتفاق على جهات تمثل المعارضة السورية، فان مستقبل الرئيس السوري "بشار الأسد" ونظامه ما زال طي المجهول، رغم الإصرار على رحيله المبكر عن الحكم في مقابل إصرار حلفائه على عدم وضع شرط رحيل الأسد من ضمن بنود الاتفاق السياسي المزمع مناقشتها.
ولو حاول المتتبع للخلاف حول سوريا، لوجد ان كل دولة ممن شاركت في (سلبا او إيجابا) الازمة السورية لديها رؤية تختلف عن الأخرى في كيفية ادارتها، ومدى استفادتها الخاصة من الحلول التي تقترحها.
ربما يعول البعض على مؤتمر جنيف الذي سيعقد بعد أيام قليلة، ويرى فيه المفتاح لحلحلة الازمة الخارجة عن السيطرة منذ 5 سنوات... لكن في ظل التحركات والتصريحات التي خرجت وتخرج من أبرز الفاعلين، لا يمكن التعويل كثيرا على النسخة الثالثة الا في معرفة حجم الخلاف الذي وصلت اليه الدول بعد جنيف الثاني.
فيما يرى اخرون ان الازمة في سوريا وبحث الحل السياسي لا تحتاج الى جنيف او جمع للمعارضة، وانما يبقى الحل والعقد بيد القوى الكبرى التي تستطيع ممارسة اساليبها الضاغطة على الاخرين وفرض اجنداتها في نهاية المطاف... وان روسيا والولايات المتحدة الامريكية تعمل على التوصل الى حل نهائي لسوريا بغطاء اممي يقبله المجتمع الدولي.
وأيا كان الأقرب للواقع فان الأيام القادمة ستشهد المزيد من الدبلوماسية الفاعلة والتصريحات النارية والتغريدات "خارج السرب" من جميع الأطراف، لكن في النهاية سيتضح الطريق الذي تم اختياره لسوريا.
اضف تعليق