"حافظوا على بلدكم"... عبارة وجهها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الى "التونسيين" من باب "النصح"، بعد ان شهدت تونس، خلال الأيام القليلة الماضية، أكبر موجة احتجاجات غاضبة ضد الحكومة منذ عام 2011.
وكما كانت "تونس" ملهمة لشعب "مصر" والعالم العربي للخروج بتظاهرات جماهيرية ضد الأنظمة الدكتاتورية والاطاحة بها، فان "تخوف" السيسي ما زال قائما من إعادة الكرة من جديد، سيما وان ذكرى ثورة 25 كانون الثاني/ يناير باتت على الأبواب، واحتمال عودة الاضطرابات والاحتجاجات الى مصر وارد أيضا، في حال تطور الوضع في تونس.
لا تضيعوا بلدكم، حافظوا على بلدكم... كلمات تكررت كثيرا في خطابات "السيسي" الأخيرة التي وجهها الى مصر وتونس... لكن لماذا يضيع المواطن المصري او التونسي او أي مواطن اخر بلده؟
وهل الاحتجاجات الشعبية في تونس لتحقيق العدالة الاجتماعية وانصاف الفقراء، وفي مصر لمنع القيود على حري التعبير وإصلاح النظام السياسي... تعتبر ضياع للبلد؟
ومن يحافظ على البلدان، الشعب ام الحكومة؟
في أحدث تقرير لمنظمة العفو الدولية عن أوضاع حقوق الانسان وحرية التعبير في مصر، اعتبرت أن "الأبواب أوصدت فعليا أمام الآمال التي انعقدت على ثورة يناير لإطلاق عهد جديد من الإصلاحات واحترام حقوق الإنسان"، مشيرة الى "توقيف قرابة 12 ألف شخصٍ باسم محاربة الإرهاب خلال عام 2015 المنصرم بينهم متظاهرون ونشطاء مناهضون للحكومة".
ومع ان المنظمة الدولية طالبت "المجتمع الدولي" بوقف "انتهاكات حقوق الإنسان في مصر من خلال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة"، الا ان الاعتقالات والتضييق على النشطاء والمعارضة ما زالت قائمة دون هوادة، بل وارتفعت وتيرتها مع قرب ذكرى (25/يناير) والدعوات بالخروج في تظاهرات في هذا اليوم.
عبد الفتاح السيسي يراقب تطور الموقف في تونس بحذر بالغ، وهو يعلم انه في وضع لا يحسد عليه، فالاقتصاد المصري وصل الى اسوء مستوياته، ولم تتحقق أي نتائج إيجابية كان قد وعد بها الشعب بعد (30 يونيو) عام 2013.
امنيا ما زالت مشكلة التنظيمات الإرهابية (خصوصا ولاية سيناء) هاجس كبير بالنسبة لنظام السيسي، والتفجيرات الإرهابية وصلت الى العاصمة المصرية، وانعكست سلبا على مستوى السياحة في مصر، ناهيك عن التحديات الأمنية القادمة من ليبيا.
والاهم لم يستطع "السيسي" من حل او احتواء عقدة "الاخوان المسلمين" او "المعارضة" سوى بقوة "الحديد والنار"، وهو مبدأ ثبت فشله بالنسبة لكل من سبقه ممن حكم مصر.
ان الابتعاد عن الحوار وتعزيز "ثقافة التعايش"، وفرض المزيد من القيود على حرية التعبير والخوف من المعارضة، في كل دول العالم وليس في مصر وحدها، هو من "يضيع البلاد" ويجعلها نهابا امام التنظيمات الإرهابية، بالإضافة الى استمرارها في حالة من عدم الاستقرار والتخبط... وإذا أراد "السيسي" وغيره المحافظة على بلدانهم فعليهم ان يعوا هذه الحقيقية.
وكما وجه السيسي نصيحته الى اهل تونس "أقول هذه الكلمة الان عسى أن الحق سبحانه وتعالى يمنحني أجرا بأنني اوصيت بالخير والسلام والامن والتعمير والتنمية والاستقرار وليس بالترويع ولا التخريب ولا التدمير ولا القتل ولا الشر ولا سعيت له (...) اقول لكل من يسمعني في كل دولة حافظوا على بلادكم، لا تضيعوها"... فان الحكام (ومنهم السيسي) الأولى بان يطبقوا هذه النصيحة (على أنفسهم) حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة، وتعود مصر الى مربع الفوضى الأول، بدلا من ان تقدم مصر نموذجا على التقدم والازدهار في ظل حكومة ديمقراطية ليس لديها حساسية من حرية التعبير والاصوات المعارضة والنشطاء.
اضف تعليق