أسهمت عدة عوامل (سياسية واقتصادية وحقوقية) لتجعل من منطقة الشرق الاوسط متصدرة للاحداث العالمية، سيما اعمال العنف والتطرف (التي تقودها منظمات جهادية كتنظيم داعش) التي تحولت الى ظاهرة انتشرت في اغلب مناطق العالم العربي وشمال افريقيا، بعد احداث الربيع العربي والحركات الاحتجاجية الكبرى، والتي قوبلت، من جهة اخرى، بالعنف المفرط من لدن بعض الانظمة العربية والشرق اوسطية.
اقتصاديا شهد العالم انخفاضا حادا في اسعار النفط الذي خسر اكثر من 50% من قيمته في الاسواق العالمية، ما ادى الى تنامي مخاوف الدول المصدرة للنفط، خصوصا وان اجتماع منظمة (اوبك) الاخير لم يقدم اية خطوة عملية من شأنها اعادة انتعاش اسعار النفط، وابقى معدل الانتاج على وضعه السابق، فيما اتهمت دول كـ (ايران وروسيا) اطرافا اقليمية ودولية بالوقوف وراء هذا الانخفاض لأسباب سياسية.
وبهذا اصبحت منطقة الشرق الاوسط الاوفر نصيبا في تصدّر الأحداث نتيجة للمتغيرات السياسية والاقتصادية والحقوقية التي مرت بها على مدى العام الماضي (2014)، لذا قدم محرّرو (شبكة النبأ المعلوماتية) رؤية مستقبلية للأحداث، وفق توقعات تعبر عن وجهات نظرهم (لاهم الاحداث في بعض دول الشرق الاوسط) ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر (مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام) او (شبكة النبأ المعلوماتية):
1. تركيا: التوقع باستمرار الحركات الاحتجاجية المناوئة لسياسية الرئيس التركي (اردوغان) بخصوص ضرب المعارضة (انصار كولن) والخصومة مع الاحزاب العلمانية المعارضة، فيما تزداد حرب التضييق على الوسائل الاعلامية والحريات العامة.
بالمقابل يتواصل سعي اردوغان الحثيث لتوسيع صلاحياته التنفيذية كرئيس للبلاد، اضافة الى توسيع نفوذ تركيا (تركيا الجديدة) في الشأن الاقليمي والعالمي، بعد فشل السياسيات السابقة، كما يمكن ان نشهد نوعا من الانفتاح حول عودة العلاقات مع العراق، وربما مقدمات للتصالح مع مصر وازالة التوتر مع ايران.
اما اقتصاديا فمن الممكن ان يتأثر اقتصاد تركيا سلبا خلال العام الحالي.
2. البحرين: تنوعت التوقعات بين امكانية عودة الحوار بين المعارضة والنظام (ربما برعاية امريكية محتملة) وبين تنامي اعمال العنف والحركات الاحتجاجية، بعد ان رفع النظام البحريني وتيرة التصعيد الامني والاعتقالات والقمع ضد المعارضة ورموزها، لكن اتقف الاغلب على استمرار الاجواء الغير مستقرة وانعدام الثقة بين الطرفين، مع تصاعد في اعمال القمع الحكومي ضد الحركات الاحتجاجية في ظل غياب رؤية واضحة لمعالجة المشاكل بين الطرفين.
3. السعودية: في الوقت الذي تشهد فيه صحة الملك عبد الله بن عبد العزيز (91 عام) تدهورا ملحوظا، قد تشهد المملكة صراعا (ربما خفيا) حول الحكم بين الامراء والعوائل الملكية، سيما الطامحين منهم، وقد تنتهي بفوز محور (مقرن- متعب)، كملك وولي للعهد على حساب الاخرين، سيما ولي العهد الحالي.
امام طبيعة العلاقات مع دول الجوار، فالمخاوف (لدى السعوديين) قد تتنامي من صعود نجم الحوثيين بالقرب من حدودهم، الامر الذي قد يولد صدام مسلح على غرار الاحداث السابقة بين الطرفين، امام مع العراق فالتحسن بين العلاقات، وان كان بطيئا، الا انه يسير نحو الامام، مع احتمال فتح السفارة السعودية في العراق في النصف الاول من هذا العام.
اقتصاديا، قد تتأثر المملكة بانخفاض اسعار النفط، لكن ليس على المدى القريب (لوجود الخزين السيادي)، الا ان البعض قد يتوقع تغيرا في سياستها النفطية خلال العام الجاري، نتيجة لضغوط اقتصادية وسياسية معينة.
4. قطر: باستثناء الخطوات التصالحية التي قامت بها قطر مع السعودية والامارات والبحرين، اضافة الى مصر فان السياسية العامة لقطر (من دعم الاخوان وبعض الجماعات المسلحة في سوريا وغيرها) ستبقى على حالها، وقد نشهد انتكاسات محتملة في العلاقات بينها وبين دول عربية.
5. اليمن: من المتوقع استمرار تفوق جماعة انصار الله (الحوثيين) على المستوى السياسي (بعد ان فرضوا سياسية الواقع على الحكومة بالسيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء اواخر العام الماضي) والعسكري (بمقاتلة تنظيم القاعدة والهجوم على معاقلهم الاساسية في اليمن)، فيما قد تشهد اليمن المزيد من الهجمات والتفجيرات الانتحارية، كرد فعل لتنظيم القاعدة على تقدم الحوثيين تجاه معاقلهم، وسط عجز حكومي واضح في تقديم حلول سياسية وامنية واضحة.
6. العراق: امنيا قد يشهد العراق تحسنا طفيفا بعد تقدم القوات الامنية المدعومة بالمتطوعين، استعداد لمعركة الموصل التي ستكون الفيصل في كسر تواجد تنظيم ما يعرف (الدولة الاسلامية/ داعش) التي قد تجري مع بداية الربيع، بالتعاون مع قوات (البشمركة) وسلاح الجو التابع للتحالف الدولي والتي قد تستهلك العام الحالي لطرد التنظيم الذي قد يلجأ الى عبور الحدود نحو سوريا.
اما على المستوى الاقتصادي، فقد يشهد العراق المزيد من الانتكاسات الاقتصادية بفعل تكلفة الحرب على الارهاب، اضافة الى تدني اسعار النفط، وقد يمر بمرحلة انكماش واضحة (خلال العام الحالي) للاقتصاد العراقي، بالمقابل قد تلجأ الحكومة العراقية الى خطوات اقتصادية (كالاقتراض والضرائب والسندات...الخ) لمعالجة الخلل الاقتصادي على امل تحسن اسعار النفط خلال النصف الثاني من العام الحالي.
كما سيشهد الوضع الاقليمي للعراق (دبلوماسيا) تحسنا تدريجي مع عودة العلاقات شبه الطبيعية مع منطقة الخليج العربي وتركيا والاردن.
7. لبنان: ربما ترتفع وتيرة العنف والتفجيرات والاغتيالات المنظمة، مع بقاء الوضع السياسي الهش على حالة، اضافة الى ارتفاع مستوى الركود الاقتصادي في لبنان.
8. ايران: على المستوى الاقتصادي ستستمر معاناة ايران نتيجة للعقوبات الغربية المفروضة عليها منذ سنين، والتي من المرجح ان تزيد بفعل ضغط الجمهوريين في الولايات المتحدة الامريكية لدفعها نحو الاتفاق النووي، الامر الذي سيؤدي الى تباطء النمو الاقتصادي الايراني بصورة عامة.
اما سياسيا فمن المتوقع ان تحدث انفراجه على مستوى المفاوضات النووية الايرانية مع القوى الكبرى الست، من دون التمديد لفترة اخرى، بل من المتوقع ان يكون الاتفاق (ربما اتفاق جزئي حول المشتركات) بداية لإنهاء الخلاف مع الغرب.
كما قد تشهد ايران (على خلفية المفاوضات النووية خارجيا، والحريات العامة داخليا) المزيد من الصراع الداخلي بين المحافظين (المرشد الاعلى) والاصلاحيين (حسن روحاني) حول تقاسم السلطة والصلاحيات.
9. مصر: استمرار حكم (الحرس القديم) بعد ازاحة الاخوان المسلمين عن السلطة (الاسلام السياسي)، واعتبارهم منظمة ارهابية، مع عودة مصر الى سابق عهدها الاقليمي في احتواء المنازعات العربية-العربية والفلسطينية-الاسرائيلية، كما قد يتحسن الاقتصاد المصري بصورة تدريجية، فيما قد نشهد ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية ضد المتطرفين في سيناء، اضافة الى مراقبة الاوضاع المضطربة في ليبيا واسناد الحكومة (المعترف بها) بصورة غير مباشرة.
10. سوريا: استمرار تفوق النظام والحفاظ على مكاسبة العسكرية على حساب الفصائل المقاتلة الاخرى، مع بقاء المعادلة السياسية على حالها، في ظل الدعم المتواصل للطرفين (النظام والمسلحين) من قبل حلفائهم الاقليميين والدوليين، كما لا يمكن استبعاد تدخل دولي تجاه فرض منطقة حضر جوي من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها، او منطقة عازلة داخل سوريا (بحسب الرؤية التركية)، الامر الذي يعني ارتفاع وتيرة التدخلات الدولية في سوريا.
اضف تعليق