من يستمع الى خطاب "خليفة داعش" أبو بكر البغدادي الاخير، والذي بث صوتا قبل أيام، يعرف حجم الذعر والتخبط الذي يعانيه زعيمهم، ويمكن ان يقيس عليه الهلع الذي يعيشه باقي عناصر التنظيم، ربما وهم يستمعون الى "كبيرهم" في محاولته الأخيرة شحذ همم اتباعه في الثبات والصبر امام "المحن" التي جاءتهم "جمعا" في العراق وسوريا... لكن نذكر منها على وجه الخصوص الانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش العراقي والقوات الأمنية والمتطوعين في مختلف قواطع العمليات، سيما الغربية منها.
منظر التيّار السلفي الجهادي، عمر محمود عثمان، الشهير بـ"أبو قتادة الفلسطيني"، كان او من انتقد البغدادي على خطابة "المهزوز" بالقول أن "البغدادي أشار بخطوط عريضة إلى المحنة التي يعيشها هو وجماعته قبل غيره، حيث سمى جماعته (ثلة قليلة)، وأشار إلى حال عاشته جماعته في العراق لما انحسر أمرهم وصاروا إلى ضعف وقلة، وطوردوا في كل مكان حتى عدم الملجأ والملاذ، وكأنه يحضر أتباعه لهذا المصير".
كما ان البغدادي أشار في خطابة الى وجود "انشقاقات" داخل التنظيم، كما دعاهم الى "نبذ الظلم" مثلما حرضهم على مقاتلة "التحالف الإسلامي" (التحالف العسكري الإسلامي) و"اليهود" (إسرائيل) متوعدا بان يكون "حسابكم لعسير عسير، لن تهنأوا في فلسطين أبدا يا يهود (...) لن تكون فلسطين إلا مقبرة لكم"... كما ودعا المواطنين السعوديين إلى انتفاضة على النظام وقال "قوموا يا أحفاد المهاجرين والأنصار، قوموا على أهل سلول الطغاة المرتدين وانصروا أهلكم وإخوانكم في الشام والعراق واليمن".
المعنويات التي انهارت لعناصر التنظيم في العراق، خصوصا بعد ان تلقى الضربات الموجعة في تكريت وبيجي وجبال مكحول والرمادي وغيرها، أجبرت البغدادي صاحب أحلام الخلافة لرفع معنوياتهم مجددا بالقول "كونوا على يقين أن الله سينصر عباده المؤمنين وأبشروا أن دولتكم بخير وكلما ازدادت الحرب ضدها واشتدت بها المحن كلما ازداد صفها نقاء وازدادت صلابة".
وقد أشار العديد من الخبراء ان "البغدادي" لم يكن (في خطابة الأخير) قادرا على تجاوز "صدمة" الخسائر التي مني بها خلال أشهر قليلة، بعد ما حققه من مكاسب ميدانية سابقة في العراق وسوريا، حيث جاء خطابة "عاطفيا" ومليء بالوعود المستقبلية بإمكانية "النصر على الأعداء"، إضافة الى تحويل وجه "أنصاره" بعيدا عن الهزائم باتجاه "فلسطين" و"اليهود" وغيرها.
بالمقابل فقد أكد الخبراء العسكريين، خلال تقييمهم لمجمل العمليات العسكرية التي خاضتها القوات العسكرية والحشد الشعبي (المتطوعين) ضد مسلحي داعش، بالعمل الجيد الذي استند على خبرة ميدانية لجنرالات تتمتع بالكفاءة والمهنية، وهو تقييم اختلف كثيرا عن التقييم الذي أعقب انهيار قوات الجيش العراقي في الموصل والانبار وانسحابها من ارض المعركة من دون قتال في (9/6/ 2014).
الرمادي ستقلب الطاولة على البغدادي لا محالة، فالانهيارات التي حدثت في صفوف مقاتليه كبيرة وسط الرمادي، مقابل ازدياد خبرة مقاتلينا في التعامل مع اغلب خدع وكمائن مسلحي داعش، من مفخخات وتلغيم للبيوت والقنص والعبوات واستخدام الأهالي كدروع بشرية... والاهم من ذلك كله... ان الاعلام الداعشي لم يؤثر بسير العمليات العسكرية، بل وجدناه غائبا بالمطلق، وهو مؤشر جيد على ضعف اقوى سلاح أثر في العقول وزرع الرعب، وهو سلاح الاعلام الذي استفاد منه التنظيم المتطرف في تضخيم حجمه وقوته الوهمية.
ومن المتوقع ان تكون العمليات القادمة على المستوى العسكري أسهل بكثير من العمليات السابقة، خصوصا في الموصل، التي تجري القوات العسكرية العراقية، استعدادات حثيثة لها منذ أكثر من 6 أشهر، الا ان الخوف من العراقيل السياسية التي قد تقف حجر عثرة امام الجهد العسكري، على المستوى الداخلي والخارجي.
اضف تعليق