لا يخفى على المتتبع للأحداث بعد العاشر من حزيران ٢٠١٤ ملاحظة ان منطقة الشرق الاوسط قد شهدت تغييرات سياسية جذرية تمخض عنها ظهور اربعة تحالفات:
• التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية.
• التحالف العربي ضد اليمن.
• التحالف الرباعي ومقره بغداد.
• وأخيرا التحالف الاسلامي ومقره الرياض.
وان كان التحالف الاول دولي ضم مجموعة كبيرة من دول الغرب والشرق وتشكل رسميا تحت عنوان محاربة داعش فانه لا زال يستهدف المنطقة برمتها بقيادته الامريكية ومشروعها - الشرق الاوسط الجديد، لذا يؤشر على نشاطه السياسي والعسكري التركيز على أمرين اساسيين:
الامر الاول- تعزيز عوامل الفرقة وتقوية المجاميع الانفصالية لتفتيت العراق.
الامر الثاني- توسيع القوى المناهضة لسوريا في محاولة لإضعاف واسقاط نظام الاسد.
لان بقاء العراق وسوريا موحدتين هو العقبة الرئيسية التي تحول دون اتمام مشروع الأمريكان الشرق اوسطي.
وبينما تشكل التحالف الرباعي من خلية استخبارية ضمت كل من روسيا وإيران والعراق وسوريا بعد ان التقت مصالح الاربعة على الوقوف بوجه مشاريع الولايات المتحدة التقسيمية في الشرق الاوسط اولا؛ وايقاف تمدد تنظيم داعش الارهابي ونفوذه المتنامي بعد عام عقيم فشل فيه التحالف الامريكي بذلك ثانيا؛ وتوحيد الجهود العسكرية والاستخبارية وزيادة التنسيق بين الدول الاربعة ثالثا. فانه كان له أثر كبير حال تشكله عبر اطلاق ستراتيجية جديدة ومغايرة في الحرب على داعش بالعراق وسوريا تقوم على جانبين:
- الصدمة والتدمير باستخدام الغارات والصواريخ الباليستية الروسية.. وبصورة مغايرة للطريقة الامريكية القائمة على تقنين الضربات الجوية والتدخل سياسيا بالعمليات البرية.
- تبادل المعلومات الاستخبارية بين اطراف التحالف من خلال التنسيق ميدانيا وعبر خلية بغداد.. وبصورة تغاير الطريقة الامريكية القائمة على التشاور بينها وبين حلفاءها الغربيين؛ دون العراقيين اصحاب المصلحة.
وان كان التحالف الرباعي قد حقق نجاحا في مساعيه بمحاربة داعش حتى اصبح تحالفا حقيقيا وفعليا يرقى بالحسابات الستراتيجية الى امكانية التأثير والتوسع مستقبلا.. فان لنجاحه وفشل ما يسمى التحالف العربي لحرب اليمن تداعيات خطيرة على التحالف الدولي ذاته وعلى الولايات المتحدة الامريكية نفسها، وبالذات حينما انبرى الخليجيين لتشكيل تحالف " إسلامي " ضم " ٣٥ دولة " مثلما اعلنت السعودية الراعي والمنسق لهذا التجمع والذي اختار الرياض مقرا له. لكن ما يؤاخذ على هذا التحالف هو التالي:
1. جاء رد فعل مقابل للتحالف الرباعي في المنطقة وليس حاجة حقيقية ورغبة فعلية للتغيير.
2. مقلد للتحالف الرباعي حينما أطلق خلية استخبارية مشابهة لخلية بغداد التي اطلقها التحالف الرباعي قبل اشهر.
3. حمل بذور الفرقة وانقسام العالم الاسلامي بتكريسه للحالة والصراع الطائفي بابتعاد القائمين به عن دعوة ايران والعراق ولبنان للانضمام اليه.
4. اعلان التحالف "الاسلامي" محاربة الارهاب في كل العالم، أوقع القائمين عليه بمأخذين:
الاول- لا يوجد تعريف دولي معتمد للارهاب.. واغلب التعريفات الغربية تربطه ضمنا بالاسلام، فأي ارهاب سيحارب هذا التحالف وهو الذي انضم اليه حال اعلانه: الجيش الاسلامي والطريقة النقشبندية في العراق واغلب فصائل اجتماع الرياض السورية المسلحة، وكلها تصنف دوليا باعتبارها منظمات إرهابية.
الثاني - ترك هذا التحالف؛ الارهاب الاسرائيلي الموجه ضد الفلسطينيين لينطلق لمحاربة الارهاب في العالم، في ظاهرة غريبة وفريدة توضح بان للتحالف أجندة خاصة لا علاقة لها بتاتا بقضايا الامة الاسلامية بل غايتها الحفاظ على كراسي ملوك وسلاطين الخليج من الزوال.
وبعيدا عن التساؤلات: هل جاء التحالف "الاسلامي" بتوجيه من الأمريكان والغرب الذي خشي على منطقة الشرق الاوسط والعالم الاسلامي من الذهاب خلف روسيا ودول التحالف الرباعي..
وبعيدا عن مقدار الدول المهلهلة التي انضمت اليه مع حرص القائمين عليه لتعويض غياب اندونيسيا اكبر دولة مسلمة.. وبعيدا عن الموقف الرسمي العراقي الذي جاء ضعيفا ومتزلفا في معالجة ظهوره وإعلانه، فان هذا التحالف يشكل تهديدا حقيقيا وخطيرا لدول التحالف الرباعي خصوصا والمنطقة عموما وحتى الامن والسلم الدوليين، قد يفوق في خطره تهديدات القاعدة وداعش التي ظهرت عبر مناهج التدريس الوهابي وفتاوى التكفير التي كانت سببا رئيسيا في صناعة الارهاب وما ظهور هذا التحالف اليوم الا ليناصره؛ قبل ان يلفظ انفاسه الاخيرة؛ لا ليحاربه.
اضف تعليق