عندما اغتيل القيادي في حزب الله، سمير القنطار، توترت خطوط المواجهة بينها وبين إسرائيل، وحدث تبادل القذائف الصاروخية والمدفعية بين الطرفين حتى قبل ان يشيع القنطار، بعد ان اتهم (إسرائيل) الامين العام للحزب اللبناني، حسن نصر الله، بالوقوف خلف عملية الاغتيال التي تمت داخل الأراضي السورية، فيما لم تعلن إسرائيل (كما درجت عليه عادتها في ذلك) مسؤوليتها عن هذه العملية، لكنها رحبت وبدت سعيدة للغاية بالتخلص من أقدم السجناء لديها سابقا، واكثر المطلوبين لديها بعد ان اضطرت الى إعادة الى لبنان في صفقة تبادل اسرى بينها وبين حزب الله قبل ان ينهي مدة حكمة داخل إسرائيل.
الرواية حول طريقة مقتل القنطار لم تحدد هذه المرة، بخلاف العمليات السابقة، او على الأقل كانت هناك روايتان لإصابة البناية التي كان متواجدا فيها لحظة اسقاط الصواريخ في بلدة جرمانا السورية والتي لا تبعد عن مدينة دمشق سوى (5) كم.
الأولى: غارة جوية لطائرات إسرائيلية نفذت عملية الاغتيال بعد ان توغلت داخل الأراضي السورية، والتي تعيد الى الاذهان عملية سابقة للجيش الإسرائيلي قتل فيها ستة عناصر من حزب الله (بينهم ابن القيادي عماد مغنية) ومسؤول عسكري ايراني، في كانون الثاني/يناير على منطقة القنيطرة جنوب سوريا.
الثانية: صواريخ موجهة عن بعد وصلت الى هدفها المحدد بدقة متناهية اعتمادا على معلومات استخبارية دقيقة تحصلت عليها إسرائيل من عملاء داخل سوريا، او ربما عبر الأقمار الصناعية العسكرية.
أيضا فان إسرائيل لا تنكر جميع عملياتها العسكرية ضد قيادات حزب الله، بل صرحت بقيامها بالبعض من هذه العمليات، اما العملية الأخيرة التي استهدفت سمير القنطار فإنها لم تعلن حتى الان مسؤوليتها عن العملية.
ولم يقتصر الغموض على الطريقة التي قتل فيها القنطار او الجهة التي تبنت عملية اغتياله، (سيما وان هناك انباء نسبت عملية اغتياله الى جماعات مسلحة سورية معارضة)، بل أثيرت العديد من الشكوك والاستغراب حول استهداف القنطار في داخل سوريا مع وجود روسيا فيها، حيث اختلفت الموازين العسكرية والأمنية هناك بعد دخول القوات الروسية العسكرية في الحرب السورية عن طريق البر والبحر والجو.
وقد سارعت إسرائيل (وقبلها الولايات المتحدة الامريكية) للتنسيق العسكري مع روسيا منعا لأي احتكاك جوي او بري او بحري يمكن ان يتسبب بأزمة لا تحمد عواقبها... ونقل عن مسؤول عسكري إسرائيلي إن "المحادثات الروسية لإسرائيلية تناولت العمليات الجوية فوق سوريا، والتنسيق الكهرومغناطيسي"، ومن ضمنه عدم التشويش على أنظمة الاتصالات أو الرادار لأي من الجانبين، وتحديد طرق للتعرف على قوات الطرف الآخر لتفادي حدوث أي مواجهة غير مقصودة في المعارك.... كما يتضمن الاتفاق التنسيق أيضاً في العمليات البحرية قبالة السواحل السورية على البحر المتوسط، حيث توجد قاعدة بحرية روسية كبيرة، بحسب ما ذكره المسؤول الإسرائيلي.
كما طورت روسيا تواجدها العسكري بأحدث الأسلحة الجوية والبرية عقب حادثة اسقاط الطائرة الروسية من قبل المقاتلات التركية في سوريا الشهر الماضي، وقد تضمنت التعزيزات النظام الدفاعي بعيد المدي الموجود على الطراد الحربي "موسكفا"، بالإضافة إلى نظام صواريخ اس 400 الاحدث في مجموعتها الصاروخية، إضافة الى طائرات هجومية ودفاعية تستخدم بعضها لأول مرة في عمليات حربية مباشرة.
لذلك أثيرت علامات الاستفهام عن روسيا وكيفت تمكنت إسرائيل من عبور الخطوط الحمراء التي وضعها الروس لتنال من القنطار؟، ومع ان الأمين العام لحزب الله أكد ان هذا "تفصيل تقني... لا يقدم ولا يؤخر شيئا"، لكنه مهم بالنسبة لمعرفة مدى التنسيق او التجاهل الذي تم بين روسيا وإسرائيل حتى تتمكن الأخيرة من تنفيذ عملية دقيقة بهذا الحجم وبهذه السهولة... وربما في هذا الوقت الحساس؟، وهل لهذا الامر علاقة بالمصالح بين الطرفين داخل الشرق الاوسط... او التوافق بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية حول مستقبل روسيا؟.
اضف تعليق