مسار السلام في سوريا مازال يشوبه الكثير من التعقيدات السياسية بين أطراف إقليمية ودولية تحاول إيجاد صيغة توافقية فيما بينها، خصوصا فيما يتعلق بمستقبل الرئيس السوري "بشار الأسد" واعتباره جزء من الحل، إضافة الى طريقة إدارة الجهد المبذول في سبيل محاربة التنظيمات الإرهابية داخل سوريا، والتي اختلف الجميع على تقسيمها وتفريقها عن المعارضة، فضلا عن الازمات الدبلوماسية التي تسبب بها سوء تنسيق المواقف السياسية والعسكرية بين مختلف الاطراف المشاركة بصورة فاعلة في توجيه الضربات ضد الجماعات الإرهابية.
وبعد لقاء مشترك استمر لأكثر من 3 ساعات، ضم الرئيس الروسي "بوتين" ووزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" اضافة الى وزير الخارجية الروسي "لافرووف"... اتفق الجميع على "عقد مؤتمر جديد للمجموعة الدولية لدعم سوريا في نيويورك على المستوى الوزاري يوم الجمعة المقبل الـ 18 من كانون الأول / ديسمبر"، وهو اجتماع ربما يبحث عن لملمة الجهود الإقليمية والدولية في دفع عملية السلام السورية الى الامام... إضافة الى تنسيق التعاون العسكري باتجاه مكافحة تنظيم داعش.
ويرى البعض ان الجهد الدبلوماسي الأمريكي المبذول للتوصل الى "وقف إطلاق نار" في سوريا خلال محادثات نيويورك القادمة امر صعب التطبيق على ارض الواقع، فيما قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند "صراحة سيكون هذا تحديا كبيرا، لكنني أحييه على طموحه"، والسبب وراء هذا التشاؤم جاء بعد "الصراع بالوكالة" بين الداعمين والمعارضين للنظام السوري، حتى اختلط الأوراق السياسية بالعسكرية، وأصبح من الصعب تفكيك الازمة السورية لإعادة صياغتها من جديد... ولعل أوضح مثال على هذه الصراعات ما حدث مؤخرا من توتر بين روسيا وتركيا والتي وصلت الى حد اللجوء الى العمل العسكري فيما بينهما بسبب الازمة السورية.
بل وامتدت الخلافات السياسية والعسكرية الى داخل معسكر الحلفاء او "التحالف الدولي" الذي شكلته الولايات المتحدة الامريكية أواخر العام الماضي، وكانت الخلافات واضحة بين السعودية والولايات المتحدة الامريكية، وبينها وبين تركيا، إضافة الى دول اوربا... التي غير البعض منها موقفه باتجاه اخر، مثلما فعلت فرنسا بعد هجمات باريس الأخيرة التي دفعتها للتنسيق مع روسيا في ضرب التنظيم داخل سوريا، فضلا عن محاولة تقريب وجهات النظر السياسية (التي كانت متقاطعة تماما مع روسيا) بشأن مستقبل الأسد ونظامه في مستقبل سوريا.
وكما قال لافروف إنه "فيما يخص التسوية في سوريا ركزنا على تعزيز الجهود في التصدي للإرهاب، إن داعش وجبهة النصرة وغيرهما من التنظيمات الارهابية تشكل خطرا مشتركا لنا جميعا، وأكدنا اليوم التزامنا وتصميمنا على استئصال هذا الشر"، فانه يمكن الانطلاق من "العوامل المشتركة" بين الفرقاء، والتي يلخصها توحيد الجهد ضد التنظيمات المتطرفة وبالأخص تنظيم داعش وجبهة النصرة الفرع الأبرز لتنظيم القاعدة في سوريا.
كما يمكن "توحيد الجهد" السياسي أيضا عبر دعم المفاوضات الدولية، بدلا من الالتفاف حولها مثلما تحاول السعودية وتركيا عبر إقامة المؤتمرات السياسية والتحالفات العسكرية النابعة رؤيتها الخاصة للوضع السوري، وهو ما تسبب بتعقيد المشهد السوري بدلا من ايجاد مخرج لنهاية النفق.
اضف تعليق