تركيا الدولة الحديثة التي دخلت المنطقة في ظل التوازنات الدولية الجديدة ولا سيما بعد العقد الاول من القرن الحادي والعشرون – هي في ادائها السياسي الخارجي تمثل النتوء البارز لحلف شمال الاطلسي في منطقة الشرق الاوسط.
تركيا الدولة التي يحدوها الامل للانضمام الى السوق الاوربية المشتركة منذ عقود، مازالت تحرك آمالها من اجل تحقيق هدفها المنشود في الانضمام الى الاتحاد الاوربي وان تكون جزءا من نسيجه السياسي، وان كان غطاءها العسكري حاصل بانضمامها الى الناتو، وقد تغافل الاتراك ان الصبغة الاوربية للاتحاد الاوربي ذات مغزى اجتماعي وديني، بعبارة اخرى ان الرداء الاسلامي لتركيا كان عائقا اساسيا لإنضمامها للاتحاد الاوربي.
وفي ظل هذا الانزواء السياسي تجاه اوربا التي تعانيه انقرة اندفعت تركيا بردائها الجديد (العدالة والتنمية) لإحياء رؤية (العثمنة الجديدة) في منطقة الشرق الاوسط بلباس جديد، حيث امتطت تركيا الثورات العربية التي قامت ضد الانظمة الاستبدادية الدكتاتورية المؤيدة من قبل الغرب والولايات المتحدة وباتجاههم الى تأييد هذه الثورات ولاسيما تلك الحركات السياسية ذات الرداء الاسلامي الذي يتسم وتطلعات تركيا الجديدة في المنطقة.
وباتت مصر ولاسيما بعد فوز جماعة الاخوان في الانتخابات الرئاسية في مصر حيث كان مشروع تركيا الجديد هو نشر المشروع الاخواني في المنطقة بالتحالف مع قطر ودول الاقليم التي ما فتنت ان تقدم التسهيلات اللوجستية للجماعات المسلحة التكفيرية، لذلك ان امتداد (الثورات العربية) ولاسيما الى سوريا ومنذ عام 2011، راقب الاتراك ذلك واتجه الى تأييد ما يسمى بالمعارضة السورية، حيث منحت تركيا حدودها الجنوبية للجماعات التكفيرية بهدف اقامة مشروعها المرتقب المتمثل بـ(العثمنة الجديدة) ولاسيما بعد اسقاط الدولة السورية.
ان الطموحات التركية كانت قد واجهت العديد من المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية، ولاسيما متانة الجيش السوري وقوة وتماسك الحلفاء الاقليميين والدوليين الذي وفر الغطاء السياسي والعسكري للدولة السورية باعتبارها الطرف الذي يحارب الارهاب.
قد ادى الى:
1- إحراج الادارة الامريكية والتحالف الدولي في محاربة داعش واخواتها في سوريا والعراق.
2- ان الطموحات التركية ورغبة الاتراك بإقامة المنطقة العازلة شمال سوريان اصبح بعيد المنال حيث كان الاتراك طامحون لإقامة هذه المنطقة لتكون مأمنا للجماعات التكفيرية.
ان حادث اسقاط الطائرة الروسية (سوخوي 24) في شمال سوريا.. وهي القاذفة المخصصة للأهداف الارضية – شكل حرجا للإدارة الامريكية حليفة تركيا، اضافة الى كون هذا الحادث ليس بالعرضي وانما هو بمثابة (جس نبض) روسيا من قبل حلف شمال الاطلسي والذي تعد تركيا هي احدى اعضاؤه.
4- ان العلاقات الروسية–التركية تمر بأزمة حانقة ولاسيما عقب تصريحات القادة الترك والروس وتأكيد الرئيس (بوتين) ان الرد لا يكون عبر الادوات الاقتصادية– وانما يتجاوزه الى الجانب العسكري.
5- ان المتغير الهام تمثل في ادخال الجيش التركي لواء مدرع بالقرب من الموصل في شمال العراق والذي يعد انتهاكا صارخا للأعراف الدولية ويشكل عدوانها على وفق ميثاق منظمة الامم المتحدة، وكان يرمي الى عدة غايات منها:
اولا: فك الاختناق التركي في العلاقة الروسية–التركية ولاسيما بعد حادثة الطائرة.
ثانيا: التنسيق بين تركيا والجماعات المتطرفة (التكفيرية في شمال العراق ولاسيما الموصل والا كيف يفسر وجود تركي بجانب (داعش) في مدينة الموصل.
التوافق التركي –مع حكومة كردستان العراق (اربيل)– ورغبة الاخير بضم سنجار وبعض الاقضية التابعة لمدينة الموصل الى اقليم كردستان.
رابعا: إحراج الادارة الامريكية والتي ترتبط بعلاقات وثيقة مع بغداد بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي عام 2011.
خامسا: اليأس التركي من التوغل العسكري في الشمال السوري بعد الحضور الروسي المتعاظم في سوريا.
سادسا: الرؤية الامريكية لإقامة مشروع الاقليم (الدولة الجديدة) الذي يضم الموصل والرقة وان تكون دولة عازلة بين العراق وسوريا – وامكانية فك الارتباط للحد من الوجود الايراني الداعم لحركات المقاومة في العراق وسوريا.
اضف تعليق