على ماذا يتحالف البلدان؟، نحن نرى انه يأتي في سياق مواجهة التحديات التي فرضتها تداعيات حرب غزة وطموح حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل لإقامة ما يسمى بالشرق الاوسط الجديد، ما جعل السعودية تفكر جديا في بناء تحالف دفاعي استراتيجي لحماية أمنها القومي، لأن المشروع المعد للمنطقة لم ينته عند انتهاء الحرب في غزة...
كتبت قبل مدة مقالا تحت عنوان (رحلة القومية من البسماركية إلى الاقاليم الفيدرالية).. وكانت خلاصته هي أن التماثل الثقافي لم يعد عاملا حاسما في بناء الاتحادات أو التحالفات بين الدول، ولم يقف ايضا حائلا دون تقسيم الدول باسم الفيدراليات وغيرها ايضا، لأن مصالح الجماعات الصغيرة في بيئة معينة، صارت تدفعها للتفكير في كيفية الفوز بأكبر قدر من المكاسب
وإن جاءت على حساب غيرهم من أبناء ثقافتهم. كتبت قبل مدة مقالا تحت عنوان (رحلة القومية من البسماركية إلى الاقاليم الفيدرالية).. وكانت خلاصته هي أن التماثل الثقافي لم يعد عاملا حاسما في بناء الاتحادات أو التحالفات بين الدول، ولم يقف ايضا حائلا دون تقسيم الدول باسم الفيدراليات وغيرها ايضا، لأن مصالح الجماعات الصغيرة في بيئة معينة، صارت تدفعها للتفكير في كيفية الفوز بأكبر قدر من المكاسب وإن جاءت على حساب غيرهم من أبناء ثقافتهم. وفي المقابل صارت هناك تكتلات وتحالفات بين دول من ثقافات مختلفة، وبعضها كانت متعادية، بغية الحصول على قدر أكبر من المكاسب يحققها لجميع المتحالفين تكاملهم الاقتصادي أو اللوجستي وغيره من عوامل دعم اقتصادياتهم مجتمعين.
مؤخرا أعلن عن قيام حلف عسكري ضم المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الاسلامية، وربما تنضم مستقبلا دول أخرى في الخليج أو غيره لهذا الحلف الذي يبدو للوهلة الاولى غير واقعي، نظرا لبعد المسافة بين البلدين، لكن الحروب الاخيرة، لا سيما بين ايران واسرائيل، غيّرت النظرة التقليدية للحروب، المتمثلة بحشود الجيوش البرية المتقابلة عند الحدود بدباباتها ومدافعها.. الخ، كون الصواريخ البالستية والطيران الحربي الحديث والمسيّرات، باتت هي العامل الحاسم في حروب اليوم والمستقبل.
معروف للجميع أن السعودية وباكستان تربطهما علاقة قوية ومنذ عقود، لكنها لم تصل إلى مستوى الحلف العسكري، لذا فإعلان الحلف في هذه الاوقات يثير علامات استفهام كثيرة، فالبلدان لهما علاقات مميزة مع أميركا والغرب، وان كل منهما ايضا لديه مشكلة حدودية، السعودية مع الحوثيين في اليمن وتقود حلفا عربيا (خليجيا) منذ العام 2015 ضدهم، وباكستان لها مشكلة مزمنة مع الهند بسبب الخلاف على اقليم كشمير، تسببت بثلاثة حروب بينهما، لكن هل يمكن تخيّل أن السعودية تدخل رسميا في حرب ضد الهند اذا ما اندلعت بينها وبين باكستان، وفقا لما نص عليه الحلف، الذي يقول؛ إن دخول أي من البلدين في حرب فان البلد الآخر يكون داخلا فيها؟.
وللتذكير، عندما أرادت السعودية أن تشكل حلفا اسلاميا ضد الحوثيين، في بداية الحرب، ودار حديث في الاعلام عن اشتراك قوة من الجيش الباكستاني فيه، كان رد الحكومة الباكستانية وقتذاك؛ ليس لدينا جيش للإيجار! وتم غلق هذا الموضوع.
اذن على ماذا يتحالف البلدان؟، نحن نرى انه يأتي في سياق مواجهة التحديات التي فرضتها تداعيات حرب غزة وطموح حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل لإقامة ما يسمى بالشرق الاوسط الجديد، ما جعل السعودية تفكر جديا في بناء تحالف دفاعي استراتيجي لحماية أمنها القومي، لأن المشروع المعد للمنطقة لم ينته عند انتهاء الحرب في غزة. مذكرين هنا بما صرّح به مستشار المرشد الايراني ووزير الخارجة الاسبق على اكبر ولايتي، بأن نهاية الحرب في غزة قد تكون مقدمة لنهاية وقف إطلاق النار في اماكن أخرى.
باكستان هي الأخرى ترى أن تداعيات هذا المشروع الخطير قد يفقدها عمقها الاسلامي، وتحديدا الخليجي، في مواجهتها مع الهند.. وقد يأتي هذا الحلف، وهو المرجح، لمحاصرة ايران عسكريا، كونها تقع بالمنتصف تقريبا بين البلدين. اذ ربما تتطور المواجهة الحالية مع اسرائيل إلى حرب حاسمة مع ايران وان تداعيات هذه الحرب لا يمكن التكهن بها، ومن هنا فالحلف العسكري بين السعودية أو دول الخليج مع دولة قوية عسكريا مثل باكستان، قد يكون ضمانة لأمن كل من باكستان وهذه الدول.
ولا نستبعد أن يكون هذا الحلف مدعوما في الكواليس من قبل اميركا، أو يحظى بمباركتها، طالما أن المواجهة مع ايران لم تنته بعد، وان الاصطفافات الدولية والاقليمية باتت محكومة بمصالح تتجاوز البعد القومي أو الثقافي المشترك إلى ما هو ابعد منه، وكما قلنا انها المصالح، التي صارت تجمع المختلفين وتفرق المتشابهين في عالم جديد لم يعد يشبه عالم الامس في كل شيء! .
اضف تعليق