مواقف هذا الرجل لاتنتهي، هي تجدد نفسها عند كل حدث جلل او وضيع، لكنه تجدد فيه الكثير من الرثاثة في الوقت نفسه.
اتحدث عن مسعود البرزاني، والذي ورث زعامته من ابيه الراحل مصطفى البرزاني، عائلة وموقعا سياسيا، وكرست تلك الزعامة مآلات التغيير بعد العام 2003.
ابعد جلال طالباني الى بغداد عبر منصبه الرئاسي الشرفي، وبقي في كردستان يخطط للاستفراد بها، جغرافية وثروات.
اعطته الاحداث في سوريا زخما قوميا الى حين، قبل ان ينقلب عليه اكراد سوريا.
منحه اردوغان دورا اقليميا لم يكن في وارد احلامه، حين انطلقت عملية السلام بين الحكومة التركية ومسعود اوجلان زعيم العمال الكردستاني.
اعطته عمليات تصدير النفط مكانة اقتصادية كانت تعد بالكثير، ودغدغت طموحاته السلطانية بإعلان نفسه حاكما لدولة كردية، قبل ان ترتد عليه، لأنه لا يستطيع التصرف بالنفط دون موافقة من الحكومة المركزية، لكنه استمر بتصديره بعقلية المهربين التي يتقنها والاستفادة من وارداته.
اصبحت كردستان ملاذا للمجرمين والمطلوبين الهاربين من مذكرات القبض التي تصدرها الحكومة المركزية، وتحولت فنادق الاقليم الى منصات للهجوم على حكومة المركز من قبل هؤلاء، تحت دعاوى التهميش والتطنيش وغير ذلك.
دوره في دخول داعش الى الموصل وسنجار وتلعفر، حيث انسحبت قوات البيشمركة من مواقعها قبل دخولهم الموصل، وانسحابهم قبل دخول سنجار بثلاثة ايام كما وردت عدة شهادات من ايزيديين نزحوا عن مناطقهم بعد دخول داعش اليها.
يتحدث الإيزيديون الذين نجوا من عمليات الإبادة، عن قصص "بيع" و"خيانة" حكومة شنكال بقيادة الديمقراطي الكردستاني للإيزيديين. في قصة مؤلمة لإحدى النساء الإيزيديات الناجيات من أيدي عصابات داعش، قالت بألم شديد: "ما آلمني جداً هو خيانة جارنا الكردي الذي كان يربطنا به علاقة كرافة ومصاهرة لأكثر من ثلاثة أجيال" ثم تتابع "في إحدى المرات جمعنا الداعشي الذي كان يشرف على بيعنا لرجال التنظيم، فخطب فينا قائلاً: أتعلمون أننا اشتريناكم من كردستانكم.. بارزاني باعكم لنا"!
عمليات الابتزاز المستمرة للحكومة المركزية من خلال المواقف الكثيرة المعرقلة لإقرار الميزانية الاتحادية، والمطالبات المستمرة بزيادة حصة الاقليم، واضافة حتى الاموات من السكان، دون النظر الى حصص بقية المحافظات الاخرى والتي تزيد في عدد سكانها عن محافظات الاقليم.
اجاد السيد مسعود البرزاني دوره الذي قام به كل تلك السنوات، ومنح للآخرين ادوارا مكملة في مشاهده وافلامه السينمائية، لكن ممثلي الادوار الثانوية وهم يرون انفسهم قد بدأوا يحتلون مساحات اكبر من الشاشة، والممثلون القدامى عاد اليهم الحنين للظهور على نفس الشاشة، بدأ صراع الادوار.
كأي حاكم مستبد، لم يتصور السيد مسعود البارزاني يوما ان تخرج جماهير كبيرة تطالبه بالرحيل، او تندد بفساد حكومته، لان عادة المستبدين وكما تكشف التجارب التاريخية البعيدة والمعاصرة انهم يصمون اذانهم عن كل شيء الا كلمات المديح والتملق التي يحبون سماعها.
لكنه هذه المرة ارغم على سماعها، وعلى سماع مطالبات الاكراد الناقمين على سياسته، ورغم ذلك وكعادة المستبدين، فان ما كان حراكا جماهيريا اصبح مؤامرة مدفوعة الثمن للإساءة الى التجربة الكردية وقيادتها الحكيمة ومنجزاتها الرائدة، بقيادة الرمز والزعيم السيد مسعود البارزاني.
وردا على تلك التظاهرات وما صاحبها من اعمال عنف (لا تعرف الجهة التي كانت خلفها رغم الزعم بانها حركة التغيير) قام رئيس حكومة كردستان بإقالة وزراء حركة التغيير ومنع رئيس مجلس النواب من دخول اربيل والوصول الى المجلس وممارسة اعماله.
في خضم هذا الجدل الذي انشغل به الاكراد والعراقيون جميعا، تأتي العملية العسكرية الامريكية في الحويجة لتمنح السيد مسعود البرزاني نوعا من الرافعة لمكانته وصورته التي اصابها الشرخ، حين تعترف الحكومة الامريكية بدوره وتوجه الشكر له..
ثم تحرير سنجار التي جيرت لصالحه، رغم الدور الامريكي ودور بقية المقاتلين المنتمين لأحزاب كردية اخرى، ولا ادل على ذلك من ان مجموع قتلى الحزب الديمقراطي بلغ ثلاثة فقط مقارنة بما قدمته بقية تلك الاحزاب.
فقد اشترك في معركة تحرير سنجار قوة حماية إيزيدخان (HPÊ)، ووحدات حماية الشعب (YPG)، وقوات حماية الشعب (HPG)، ووحدات حماية شنكال (YBŞ)، ووحدات حماية المرأة شنكال (YPJ-Şingal).
بوجود هذه القوات على الارض، لن يجد الحزب الديمقراطي الكردستاني نفسه وحيدا ومستفردا بالقرارات في تلك المنطقة، يضاف الى ذلك الدروس والعبر والحقائق التي تعلمها الايزيديون من تجربة الاحتلال الداعشي لمناطقهم نتيجة انسحاب قوات البيشمركة من مواقعها، والتي وعد السيد مسعود البرزاني بمحاكمة قادة القوات المنسحبة ولكنه لم يف بوعده، بل جعلهم يشتركون في معارك التحرير، وكأنهم لم يتسببوا بقتل خمسة الاف ايزيدي على يد داعش وسبي نسائهم وبيعهن في سوق العبيد.
اضف الى ذلك، ماقامت به قوات البيشمركة التي هو قائدها العام، من قتل للتركمان وحرق الممتلكات الشخصية في مدينة طوز خورماتو، ومناوشاتهم مع قوات الحشد الشعبي، كل ذلك سيرسم علامات استفهام كبيرة حول مستقبل مسعود البرزاني ومدى قدرته على الاستمرار في موقعه القيادي لسنوات طويلة.
اضف تعليق