كان ولا يزال السلاح المنفلت من أخطر واهم التهديدات الي تواجه العملية السياسية، لما له من تداعيا كثيرة أهمها ان الوضع الأمني لا يزال هش ولا توجد حكومة قوية قادرة على بسط سيادتها وفرض القانون على الجميع دون استثناء، لكن هنالك جملة من التحديات تعيق هذه المهمة أبرزها...

نشر أحد الوجهاء من عشائر الفرات الأوسط، صورة لحافظة بداخلها مسدس مخطوط في اعلاها هدية رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني، بينما الأخير زج قضية حصر السلاح بيد السلطة ضمن برنامجه الحكومي الذي شرحه امام الكتل السياسية ووعد بتنفيذه خلال فترة رئاسته.

إهداء هذا الوجيه او كبير قومه بقطعة سلاح وان كانت تكريمية، تنفي التوجه الحكومي لحصر السلاح بيد الأجهزة الأمنية، فهي تأتي ضمن مئات الهدايا التي أعطيت للوجهاء في عموم البلاد، في الوقت الذي تتعالى الأصوات الرافضة للانفلات الأمني بعد ان تسبب السلاح المنفلت بكوارث وجرائم مستمرة.

والسؤال الأهم هنا لرئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني، لماذا تُهدي الاسلحة؟

هل ان أصحاب الوجاهة معرضون لتهديد داخلي ام خارجي ونحن لا نعلم؟

تقديم الهدايا بهذه الصورة هو جزء من حملة كبيرة لتجييش المجتمع بعيدا عن القانون وسلطة الدولة، الى جانب قيام وزارة الداخلية بمنح الآلاف من الرخص بحمل السلاح للأفراد للدفاع عن النفس.

ولماذا الفرد هو المسؤول عن حماية نفسه ان صحت الرواية الحكومية؟

الأجهزة الأمنية هي المسؤول الأول والأخير عن حماية الافراد ومن الاخطاء الكبيرة التي وقعت فيها الحكومات السابقة والحالية هي السماح لشرائح معينة من المجتمع بحمل السلاح.

فمثلا أعطت الحق للصحفي العامل في مؤسسة إعلامية بحمل السلاح ولشيخ العشيرة، وغيرهم من الفئات التي اخذت بالاتساع في الآونة الأخيرة، على الرغم من ان الوضع الأمني اتجه نحو الاستقرار ولا ضرورة لكل هذه الرُخص والإجراءات لتأمين حياة الافراد.

إذا لماذا الإهداء؟

الإهداء وفي هذا الوقت بالتحديد لا يمكن وضع تفسير دقيق له سوى انه يندرج ضمن الحملة الانتخابية المبكرة التي اخذت بعض الجهات السياسية التحضير لها، اذ هنالك رمزية أخرى اعتمدها السوداني في عيد الفطر عندما ارتأى ان يرتدي الزي العربي والذهاب الى مسقط رأسه العشائري.

الاعتماد على قوة العشائر في المزايدات السياسية ليس وليد اليوم فجميع الزعماء الذين اشتركوا في العلمية السياسية بعد عام 2003، ركنوا الى القواعد الشعبية واصولهم العشائرية؛ ذلك لعلمهم بهيمنة صاحب الوجاهة وتأثيره الى افراد عشيرته في اتخاذ القرار الانتخابي.

ونتيجة لما تقدم يصعب مضايقة العشائر وإجبارها على تقنين استخدام السلاح وتسليمه الى السلطات، وكثيرا ما تحصل الاختراقات القانونية من قبل افراد العشيرة في مناسبات الحزن والافراح وغيرها من المناسبات التي يكثر فيها الرمي دون أي رقابة او منع من الأجهزة الأمنية في تلك الوحدة الإدارية.

لا تستطيع الأجهزة الأمنية تنفيذ واجباتها المناطة بها في ظل التخويل الرسمي الذي منحه رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني، وعليه كل الإجراءات الداعية للحد من الانتشار تبقى شكلية وغير حقيقية، طالما القائد العام للقوات المسلحة هو من يبادر بهذه الهدايا.

كان ولا يزال السلاح المنفلت من أخطر واهم التهديدات الي تواجه العملية السياسية، لما له من تداعيا كثيرة أهمها ان الوضع الأمني لا يزال هش ولا توجد حكومة قوية قادرة على بسط سيادتها وفرض القانون على الجميع دون استثناء، لكن هنالك جملة من التحديات تعيق هذه المهمة أبرزها:

التداخل الكبير بين السياسة والسلاح، فبعض الجماعات المسلحة تمتلك أذرع سياسية تشارك في الحكم، ما يجعل من الصعب فصل العمل العسكري عن التأثير السياسي، بالإضافة الى ضعف الثقة بالمؤسسات الأمنية، فالكثير من العراقيين، خصوصاً في المناطق التي شهدت نزاعات، لا يثقون بقدرة الدولة على حمايتهم، فيلجئون لحيازة السلاح.

اضف تعليق