هل ان توازن الكثافات في حروب القرنين بين الدولة - القومية والحروب الأيديولوجية الخالية من الدولة او اللادولة يمكن لها الغلبة على تبدل استراتيجيات العدو في خيار جمع الكثافتين (الدولة القومية المتعصبة الأيدولوجية في ادارة الحرب)؟ الجواب نعم.. انها حروب غير متكافئة فالدولة القومية بتشكيلها الامبريالي المركزي ظلت الداعم لاسرائيل الدولة- القومية والإيديولوجية...

انقسمت الحروب مع الكيان الاسرائيلي الغاصب معبراً عنها بحروب الدولة - القومية بكثافة اعلى يوم اندلاعها طوال عقود القرن الماضي، وظل الدين كأيدولوجية فاعلة بكثافة اقل، والطرف الاسرائيلي استمر يحتضن فكرة الدولة المتعصبة دينياً كإيديولوجية مدغمة مزدوجة في آن واحد dual Ideologyواثر تعثر الدولة القومية العربية في مواجهة اعتى معسكر امبريالي طرفي متقدم في ثلاثة حروب شرق اوسطية تناولها التاريخ السياسي للحرب بين العام 1948 وانتهت بانتصارات ظاهرية لا قيمة لها في العام 1973، تزامن فيهما نشاط حركات خارج الدولة ليحل محل الدولة القومية في ادارة نمط الصراع ولكن (بكثافة ايديولوجية دينية مباشرة متفردة، اعلى هذه المرة) تؤازره الدولة - القومية بشكل غير مباشر وبكثافة اقل او متعثرة او معدومة.

ومع تبدل الكثافات في الجانب العربي تبدلت العقائد داخل الكيان الاسرائيلي الغاصب بتغليب الكثافة الدينية في حروبه الأيديولوجية لتأخذ الاولوية هذه المرة اضافة الى تعصب الدولة- القومية لتقاتل بعقدتين (او بكثافتين متساويتين معاً) …! لكن يبقى التساؤل هل ان توازن الكثافات في حروب القرنين بين الدولة - القومية والحروب الأيديولوجية الخالية من الدولة او اللادولة يمكن لها الغلبة على تبدل استراتيجيات العدو في خيار جمع الكثافتين (الدولة القومية المتعصبة الأيدولوجية في ادارة الحرب)؟

الجواب نعم.. انها حروب غير متكافئة فالدولة القومية بتشكيلها الامبريالي المركزي ظلت الداعم لاسرائيل الدولة- القومية والإيديولوجية معاً في حين ان الايديولوجية الدينية لوحدها او اللادولة بالمقابل لم تجد لها السند الموازي من البلدان العربية الا بالصوت من جانب الدولة - القومية والخالي من المضمون الاديولوجي مما قلل من كثافة الصراع لمصلحة الطرف الآخر.

وهنا يثير المفكر السياسي الكبير ابرهيم العبادي في مقال مهم له نشر بعنوان: السِجال الفكري والسياسي مابعد حرب غزة !قائلاً((….. اسئلة التفكير الجاد والمراجعة تنطلق بالتوازي مع بدء اعمال جرد التضحيات والخسائر وقراءة نتائج ما حصل، حقبة الدولة والمقاومة واجهت رفضا شرسا من النظام الاقليمي والدولي على حد سواء، المقاومة مكانها في اللادولة، والدولة القائمة مهما كانت هشة وضعيفة لا تحتمل مقاومة ومنظمات تريد محاربة النظام الدولي. 

دولة المقاومة (المركز) لا تستطيع ان تستمر في اللعب على هامش قواعد المنظومة الدولية، فهذه قادرة ان تعيد الخارجين عليها والمهددين لها بأنيابها الحادة وقوانينها وعقوباتها وحصاراتها، عالم لا يعمل بالأخلاق، بل يعمل بالمصالح، فلا يجتمع المثال الاخلاقي بالواقع غير الاخلاقي، الاسئلة تبدأ من موقع الاخلاق والقوة والحق والمصلحة في عالم لا يتعامل الا بمنطق القوة .سنكون في بداية مرحلة فكرية-سياسية سيشتد فيها السجال بناء على تمخضات مفهومين ومصطلحين تولدا بعد مسار تجريبي طويل، المفهوم الاول ما بعد العلمانية والمفهوم الثاني ما بعد الاسلاموية، وسيكونان مدار التفكير والتنظير والجدل ……!!!!)). 

انها حروب غير متوازنة الكثافات في صراعات القرنين العشرين و الحادي والعشرين ، ذلك طالما انفصلت فيهما الدولة- القومية وحلت ايديولوجيا اللادولة محلها، اذ ان الخسارة مستمرة بطرفي المعادلة العربية بفقدان احدى كثافات ثوابتها الا وهما الدولة او الدين مقابل الكيان الاسرائيلي الذي قدم الأيديولوجيا الدينية في حروبه ، وآزرته الدولة - الامة في معسكرها الامبريالي بأركانه كافة وتعصب الدولة القومية الصهيونية الدائم في الوقت نفسه دون ان يفقد الكيان الغاصب زخمه.

فبين حروب الدولة- القومية ومؤازرة المعسكر الامبريالي لإسرائيل في القرن الحادي والعشرين بقوته التكنولوجية والعسكرية الرقمية والاعلامية، سيظل العامل الحاسم هو بقاء الدولة - الامة بكياناتها الامبريالية المركزية مؤازراً للكيان الاسرائيلي، وله اليد الطولى بانسحاب الدولة- الامة بإطارها العربي صوب التطبيع، والحرب مشتعلة الجبهات كافة.

فالعدو يحارب بقوة مزدوجة الدولة والأيديولوجية الدينية Duality of War والعرب امست تحارب باحادية ايديولوجية وهي الأيديولوجيا من دون الدولة ويمكن تسميتها بحروب احادية المبادئ Unilateral War لتحسم لصالح العدو بشكل او باخر .

و في ظل احلال الاستراتيجية العربية في ازالة الحرب من مواضيع الشرق الاوسط الرسمية وبعد التحول في الصراع واقتصاره على حرب الآيديولوجيا لمصلحة قوى اللادولة محل الدولة القومية مع بقاء الكيان الصهيوني يحارب بتعصب الدولة وتعصب الأيديولوجية معاً.

نجد انها معادلة حرب وصراع مختلة غير متوازنة الكثافات، امست نتائجها معروفة مقدماً بتضحيات بشرية ومادية جسام وان امرها لم يحسم طالما ان وزن الكثافات بات مختلفاً بين تفرد قوة الدولة - الامة مع الأيديولوجيا من جانب، و تفرد الأيديولوجيا لوحدها من جانب آخر، دون تضامن سياسي وعقائدي متحد بين الدول القومية العربية والأيديولوجية الدينية في مسارٍ واحد.

اضف تعليق