آراء وافكار - مقالات الكتاب

جدل التعيينات

يجب على الحكومة ان تلبّي متطلبات ومطالب المواطنين المشروعة ومحاولة امتصاص غضبهم ازاء الاحتجاجات والاعتصامات المشروعة التي تنطلق بين فترة واخرى للمطالبة بتوفير فرص عمل تحفظ كرامتهم، سواء في القطاع العام او الخاص او المختلط وللمضي في طريق التعيينات يجب تصحيح الاختلالات الاقتصادية التي نوه اليها صندوق...

واخيرا اعلن رئيس الوزراء السوداني تلك الحقائق التي لامفرّ عنها وهي (حاجة العراق إلى عمل دؤوب لتنويع مصادر الاقتصاد، وتجاوز تقلّبات أسعار النفط الذي يمثل المصدر الأساسي للقطاع المالي والاقتصادي في البلاد، وأن الاستمرار بسياسة التعيين في القطاع الحكومي أمر لا يمكن أن تتحمله الدولة)، رغم ان الدستور العراقي الدائم قد كفل حق العمل لكل مواطن (المادة (٢٢): اولاً: العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم حياة كريمة)، اضافة الى تحذير صندوق النقد الدولي : (حاجة العراق إلى تصحيح أوضاعه المالية تدريجياً لتحقيق الاستقرار في الديون على المدى المتوسط وإعادة بناء الاحتياطيات المالية).

 لذا امام الحكومة طريقان استراتيجيان للمعالجة الاقتصادية لهذا الامر:

 1ـ يكمن في تنويع مصادر التمويل وتعظيم بقية الموارد (اضافة الى النفط) التي تصب في تمويل الموازنات المالية العامة.

 2ـ الذي لابد منه ايضا لمعالجة الاختلالات الهيكلية والبنيوية في الاقتصاد العراقي هو تفعيل القطاع الخاص فلا يوجد اقتصاد فعال بدون القطاع الخاص، الذي يعد مكمّلا مع العام (الحكومي) في تحقيق الحد المقبول والمعقول من السيولة المالية ضمن الموازنة المالية العامة والتي تغطي النفقات الاستثمارية والتشغيلية (ومنها الرواتب).

 ولكن وعلى الرغم من اتجاه العراق بعد عام 2003 نحو اقتصاد السوق وفسح المجال امام القطاع الخاص لقيادة الاقتصاد إلا ان الدولة مازالت تهيمن على الاقتصاد وتتحكم به وذلك من خلال هيمنتها على عناصر الانتاج واهمها راس المال والارض.

 وبخصوص التعيينات وربطها بالاقتصاد ما جعل الكثير من الخبراء المختصين يعربون عن مخاوفهم من امر ـ صار معروفا للجميع ـ وهو ان الكثير من الوزارات مازالت تعاني من ترهل وظيفي كبير يعرقل عمليات الإنتاج ويرهق خزينتها، لاسيما مع وصول عدد الموظفين في القطاع العام إلى اكثر من (5) ملايين موظف فضلا عن العقود والمتقاعدين والرعاية، في حين لا تحقق تلك المؤسسات عائدات مالية تكفي على أقل تقدير لتأمين رواتب العاملين فيها، او ان انتاجية الموظف العراقي قليلة ازاء راتبه (بحسب رأيهم) ويعود إقبال المواطنين على الوظائف الحكومية لأسباب معيشية منها تفشي البطالة وعدم وجود دعم حكومي للقطاع الخاص أو قانون ينظم عمله، إضافة إلى الراتب التقاعدي الذي تضمنه الحكومة للموظفين.

 ويجب ان تكون التعيينات ضمن:

 1ـ التخطيط الاقتصادي والتنموي وتفعيل الجوانب الإنتاجية لإضافة إيرادات جديدة تسهم في تغطية النفقات.

 2ـ ويجب ان تكون فيها جدوى وتنمية اقتصادية، بحيث يجب ان تكون مقابل الإنتاج بدلا من ان تكون عبئا ينهش في الاقتصاد العراقي. وامام الحكومة مشوار طويل من العمل الدؤوب ـ لن يكون مفروشا بالزهور طبعا ـ امام المهام التي تناط بها ومنها اولا تلبية متطلبات صندوق النقد الدولي والمتضمنة اجراء اصلاحات اقتصادية هيكيلية (ملزمة) للاقتصاد العراق كما مر بنا آنفا، وثانيا المضي وبشكل عاجل في تلك الإصلاحات، وثالثا تنشيط القطاع الخاص لفسح المجال امام القوى العاملة والخريجين للعمل فيه، فليس من المعقول ان تتوجه جميع القوى العاملة وجلهم من الشباب ـ باعتبار ان الشعب العراقي هو شعب فتي ـ نحو القطاع العام (الحكومي) تاركين بقية القطاعات تذهب الى المجهول.

 واخيرا وهو الاهم يجب على الحكومة ان تلبّي متطلبات ومطالب المواطنين المشروعة ومحاولة امتصاص غضبهم ازاء الاحتجاجات والاعتصامات المشروعة التي تنطلق بين فترة واخرى للمطالبة بتوفير فرص عمل تحفظ كرامتهم، سواء في القطاع العام او الخاص او المختلط وللمضي في طريق التعيينات يجب تصحيح الاختلالات الاقتصادية التي نوه اليها صندوق النقد الدولي اولا ليكون خارطة طريق نحو اقتصاد ناجح.

اضف تعليق