الحرب مع اسرائيل هي في احد اهم بل اخطر وجوهها حرب مع الولايات المتحدة الاميركية، لسبب يعرفه القاصي والداني وهو ان الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة التزاما كاملا بوجود اسرائيل وامنها ومصالحها في المنطقة. اسرائيل تشكل تجسيدا للعقل السياسي الاستراتيجي الاميركي القائم منذ اكثر من ٢٠٠ سنة على الاستيطان والتوسع والهيمنة والسيطرة على الأسواق والثروات الطبيعية...

الحرب مع اسرائيل هي في احد اهم بل اخطر وجوهها حرب مع الولايات المتحدة الاميركية، لسبب يعرفه القاصي والداني وهو ان الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة التزاما كاملا بوجود اسرائيل وامنها ومصالحها في المنطقة. اسرائيل تشكل تجسيدا للعقل السياسي الاستراتيجي الاميركي القائم منذ اكثر من ٢٠٠ سنة على الاستيطان والتوسع والهيمنة والسيطرة على الأسواق والثروات الطبيعية. وهذا هو بالضبط ما قامت به اسرائيل في فلسطين في مشروع استيطاني منذ عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (١٨٤٢-١٩١٨) الى يومنا الحاضر.

تعتبر الولايات المتحدة، منذ نشأتها، دولةً تسعى إلى توسيع نفوذها بشكل مستمر. وقد تجلى ذلك في العديد من السياسات والممارسات التي تؤكد التركيز الأميركي على الهيمنة والسيطرة على الأسواق والثروات الطبيعية. ولعل افضل من تحدث عن هذا الموضوع الزعيم السوفيتي لينين في كتابه الشهير "الإمبريالية اعلى مراحل الرأسمالية" الذي كتبه في ربيع سنة ١٩١٦.

ان الولايات المتحدة لم تتخل في سياستها وعلاقاتها الخارجية ودورها في العالم عن صفتها كونها دولة امبريالية استعمارية. وهذا هو بالضبط الاساس الذي تقوم عليه علاقتها بإسرائيل التي يمكن النظر اليها بوصفها قاعدة عسكرية متقدمة للولايات المتحدة في الشرق الاوسط. لفهم هذا التوجه، يمكن استعراض عدة نقاط تاريخية وحالية:

1. فترة الاستعمار والتوسع:

خلال القرن التاسع عشر، عرفت الولايات المتحدة بما يعرف بـ"قدرها المتجلي" (Manifest Destiny)، والذي كان الاميركيون يعتقدون بموجبه انهم مكلفون بتوسيع أراضيهم من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي. تجلى هذا في الحروب مع السكان الأصليين وفي صفقة شراء لويزيانا، وحرب المكسيك، التي أفضت إلى ضم أجزاء كبيرة من الأراضي الأميركية الحالية.

2. الإمبريالية الاقتصادية والعسكرية:

بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت الولايات المتحدة القوة الاقتصادية والعسكرية الأبرز في العالم. ومنذ ذلك الحين، استخدمت نفوذها لتشكيل النظام الاقتصادي العالمي بما يتناسب مع مصالحها الخاصة من خلال مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. هذا النفوذ امتد أيضاً إلى إقامة القواعد العسكرية حول العالم لتعزيز مصالحها الاستراتيجية.

3. الشركات متعددة الجنسيات ونشر الثقافة:

أسهمت الشركات الأميركية الكبيرة في بسط الهيمنة الاقتصادية الأميركية عبر القارات، واستفادت من العولمة في تحقيق أرباح هائلة والسيطرة على الأسواق. تم ذلك عبر آليات مثل الاستثمارات الخارجية والإنتاج الضخم، مما أدى إلى نشر الثقافة والاستهلاك الأميركي في مختلف دول العالم.

4. السياسة الخارجية والسيطرة على الموارد:

يمكن ملاحظة توجه السيطرة الأميركية من خلال تدخلاتها السياسية والعسكرية المباشرة أو غير المباشرة في مناطق غنية بالموارد مثل الشرق الأوسط. النفط كمورد حيوي للطاقة كان وما زال دافعاً رئيسياً خلف الكثير من السياسات الأميركية في تلك المنطقة.

من خلال هذه العناصر، يمكن الاستنتاج أن السياسات الأميركية قد تكون غالباً قائمة على منطق الهيمنة والتوسع. 

يجب ان نلاحظ ان الولايات المتحدة لم تعد تحسب حسابا للموقف العربي من دورها "الاسرائيلي" بسبب التمزق التدريجي في الموقف العربي الرافض للوجود الاسرائيلي في فلسطين والشرق الاوسط. فمنذ اتفاقية كامب ديفيد التي عقدها الرئيس المصري الاسبق انور السادات مع اسرائيل لم يعد التطبيع العربي مع اسرائيل محرما على اية دولة عربية ترغب به. الا ان هذا التحول لم يجلب السلام للشرق الاوسط ولم يحقق الامن لإسرائيل بعد ان دخلت ايران الاسلامية على معادلة الصراع العربي الاسرائيلي الذي اصبح الصراع الإيراني الاسرائيلي فيما مال معظم الدول العربية الى موقف المتفرج على تطورات هذا الصراع .

اضف تعليق