وقعت شركات السيارات الكهربائية في بريطانيا بين مطرقة تراجع الطلب وسندان القوانين الحكومية التي تُلزمها بحصة سنوية من المبيعات وإلا ستدفع غرامات مالية ضخمة، ولتخفيف وطأة الضغط، أرسلت جمعية مصنّعي وتجار السيارات (SMMT) خطابًا للحكومة للتدخل، محذّرةً من عدم تحقيق مستهدفات المبيعات السنوية رغم الإنفاق السخي على الاستثمارات...
وقعت شركات السيارات الكهربائية في بريطانيا بين مطرقة تراجع الطلب وسندان القوانين الحكومية التي تُلزمها بحصة سنوية من المبيعات وإلا ستدفع غرامات مالية ضخمة، ولتخفيف وطأة الضغط، أرسلت جمعية مصنّعي وتجار السيارات (SMMT) خطابًا للحكومة للتدخل، محذّرةً من عدم تحقيق مستهدفات المبيعات السنوية رغم الإنفاق السخي على الاستثمارات، وخفض الأسعار بقيمة ملياري جنيه إسترليني (2.6 مليار دولار أميركي).
وتوقّع خبير اقتصادي أن يؤدي استمرار تراجع المبيعات إلى انخفاض معدل النمو الاقتصادي بواقع 0.2 نقطة مئوية خلال العام الجاري (2024)، مع توقعات باستمرار ذلك الانخفاض خلال العام المقبل (2025)، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن) لتحديثات القطاع.
وتحقيقًا لهدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050؛ تدرس الحكومة البريطانية الجديدة بقيادة حزب العمال تسريع وتيرة التحول إلى السيارات الكهربائية عبر تقديم موعد حظر سيارات البنزين والديزل إلى 2030 بدلًا من 2035.
وعلى الناحية المقابلة، تراود المستهلكين شكوك إزاء ارتفاع سعر الشراء ونطاق القيادة وتوافر محطات الشحن إضافة إلى شكوك أخرى.
السيارات الكهربائية في بريطانيا
يُلقي التحول إلى السيارات الكهربائية بعبء كبير على النمو الاقتصادي لبريطانيا، خلال وقت يتوقع فيه صندوق النقد الدولي أن ينمو إجمالي الناتج المحلي بواقع 0.7 نقطة فقط خلال 2024.
كما تسود حالة من الارتباك بين شركات التصنيع؛ إذ أظهرت البيانات الرسمية للربع الثاني من 2024 انخفاضًا بنسبة 3.1% في تصنيع معدات النقل، بعد نمو دام 6 أرباع متتالية.
وتُلزم اللوائح الرسمية شركات التصنيع بأن تكون 22% على الأقل من مبيعات السيارات الجديدة في 2024 كهربائية، لترتفع النسبة إلى 80% بحلول 2030، و100% في 2035، بحسب موقع "ذيس إز ماني" البريطاني (this is money).
وفي حالة التخلف عن تلك الأهداف، ستدفع الشركة غرامة قدرها 15 ألف جنيه إسترليني (19.7 ألف دولار) نظير بيع كل مركبة تصدر عنها انبعاثات.
ويقول كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة الأبحاث "كابيتال إيكونوميكس" (Capital Economics) بول داليس، إن ذروة إنتاج السيارات كانت في مطلع العام الجاري (2024)، لكنها انخفضت أكثر من 10% خلال أشهر الصيف.
وإذا استمر الحال كما هو عليه حتى نهاية العام، سينخفض نمو إجمالي الناتج المحلي بمقدار 0.2 نقطة مئوية، بحسب داليس.
بدوره، أرجع الخبير في جامعة برمنغهام ديفيد بايلي، تباطؤ الطلب إلى ارتفاع أسعار شراء السيارات الكهربائية والمخاوف بشأن توافر نقاط الشحن، والتخبط الحكومي بشأن موعد حظر سيارات البنزين والديزل، كما أرجع تراجع إنتاج السيارات إلى الاضطرابات الناتجة عن إعادة تجهيز طرازات جديدة وخاصة من السيارات الكهربائية واستمرار حالة الإرباك داخل سلاسل التوريد وتراجع الصادرات.
وللخروج من هذا الوضع، دعا الحكومة إلى بذل مزيد من الجهود لتشجيع اعتماد السيارات الكهربائية وتعزيز النشر السريع لنقاط الشحن وإرساء قواعد سياسة صناعية أكثر دعمًا.
استغاثة للحكومة
في خطاب مفتوح إلى وزيرة الخزانة راشيل ريفز، حذّرت جمعية صنّاع وتجار السيارات الكهربائية، يوم الجمعة 4 أكتوبر/تشرين الأول، من القيود التي تعانيها الشركات بسبب نسبة السيارات الكهربائية التي يتعين بيعها كل عام، في ضوء هبوط الطلب واحتمالات تعرضها لغرامات بسبب تخلفها عن الأهداف المقررة.
وقالت الجمعية إن السبب الرئيس لارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية في سبتمبر/أيلول (2024) هو الخصومات غير المسبوقة التي تُقدر بملياري جنيه إسترليني (حتى نهاية 2024)، وجاء في الخطاب أن حصة السيارات الكهربائية بالسوق "تنمو بصعوبة"، ومن المحتمل أن تفشل الشركات في تحقيق الأهداف السنوية للمبيعات والتي أقرتها الحكومة السابقة بقيادة حزب المحافظين في ظل السوق الصعبة للغاية.
بدوره، أكد الرئيس التنفيذي للجمعية مايك هاوز، التزام الشركات بخطة الحياد الكربوني لكنها تتحمل العبء الأكبر من التكاليف في وقت يشهد انخفاضًا قياسيًا للطلب.
وسجّل العام الماضي (2023) ضخ استثمارات بأكثر من 20 مليار دولار في تطوير بطاريات تخزين الكهرباء والسيارات الكهربائية، لكن استدامة تلك الجهود في خطر، مطالبًا الحكومة بخفض قيمة ضريبة القيمة المضافة على السيارات الكهربائية الجديدة إلى النصف لزيادة المبيعات.
مبيعات سبتمبر
ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية في بريطانيا خلال شهر سبتمبر/أيلول المنصرم (2024) إلى 56 ألفًا و300 وحدة، وزادت حصتها بالسوق لتشكل 20.5% من إجمالي المبيعات، لكنها مازالت أقل من هدف 22%.
وزادت عمليات تسجيل السيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي بنسبة 17.2% على أساس سنوي، بالمقارنة بنسبة 3.7% فقط لتسجيلات السيارات الكهربائية.
ووصف الرئيس التنفيذي لجمعية صناع وتجار السيارات مايك هاوز، ارتفاع مبيعات الطرازات الكهربائية بالأنباء السارة، لكنه شدّد على أن السوق لا تنمو بالسرعة الكافية لتحقيق أهداف المبيعات السنوية.
ورغم إنفاق المليارات على الإنتاج ودعم السوق؛ فإنه لا يمكن للشركات الاستمرار على هذا النحو للأبد، بحسب هاوز الذي طالب وزيرة الخزانة ريفز بتقديم إجراءات داعمة "جريئة" لدعم المستهلكين والبنية الأساسية لشحن السيارات الكهربائية من أجل عودة التحول إلى مساره وتحقيق النمو الاقتصادي والمكاسب الاقتصادية المرجوة، وإلا سيؤدي ضعف السوق إلى تعريض الخطط البيئية الطموحة والاستثمارات المستقبلية بالقطاع للخطر.
اضف تعليق