لم تك يوما لنفسك، او لأهل بيتك، بل كنت لنا جميعا، فكيف لا تُدمى الأقدام في المسير اليك، وكيف ينام قرير العين مَنْ يتذكر أهوال دنياك، وكيف يُقنع نفسه من ناصبك العداء وانت ابن بيت النبوة، وكيف ينتمي للإنسانية من لا يحركه الظلم الذي قاسيت، وكيف وكيف …
لم تك يوما لنفسك، او لأهل بيتك، بل كنت لنا جميعا، فكيف لا تُدمى الأقدام في المسير اليك، وكيف ينام قرير العين مَنْ يتذكر أهوال دنياك، وكيف يُقنع نفسه من ناصبك العداء وانت ابن بيت النبوة، وكيف ينتمي للإنسانية من لا يحركه الظلم الذي قاسيت، وكيف وكيف …؟
ان قلت انك مدرسة للقيم السامية، لا أظن ان هذا القول يفيك حقك، وان قلت انك طود شامخ لرفض الذلة، لم أتِ بجديد من معانيك الكبيرة، فاللغة عاجزة، وليس غير الدموع، وهذا قليل فيك، لكن هذا ما لدينا نحن الفقراء الذين تعلقنا بأثوابك منذ نعومة الأظفار، فلا أكثر بلاغة من درسك، لذا صرت مشروعنا للحاضر والمستقبل .
يا أبا الأحرار: سنبقى أوفياء لطريق الاصلاح الذي أفنيت نفسك وصحبك وأهل بيتك من أجله، ومع انك تدري انه طريق وعر، وستدفع في سبيله أبهظ الأثمان، لكن هان لديك كل شيء من أجل العدل والبطولة ومقارعة الظلم وتعرية التافهين ومغتصبي السلطة وناهبي أموال الناس والفاسدين، ولذلك بقيت خالدا في الوجدان، ومنارة يعتنيها العاشقون من كل مكان، فمن أراد خلودا في الدنيا، وعند ربه حي يرزق في الآخرة، فليس أمامه الا طريق الحسين، وما أعذبه من طريق، من سلكه يوقر نفسه قبل تقدير الآخرين، ومن لا يكبر في عين نفسه، مهتزا يظل طول العمر، وخنوعا لأبسط ريح، وستمحى صورته من ذاكرة الأبناء قبل الناس .
ولأنك كذلك، صرت معيارنا في الحياة، انسانا وبنيانا، في الصلاح والخراب، وكل من حاد عن دربك، لن يجني سوى اللعنات وبئس المآل وان استمتع بحلاوة الدنيا، وانت تعرف سيدي ان على عيونهم غشاوة، فيتوهمون وينسون ان حلاوتها قصيرة الأمد، حتى أقصر من أعمارهم أحيانا .
لوعتي كبيرة، وفي القلب حرقة، عليك، ومن الذين رفعوا رايتك زورا وبهتانا وأصحابهم من المنافقين، وهم كثر، وبينهم من تسلم أمرنا، وتحكم في حياتنا، ولكنهم أبعد ما يكونون عن طريقك المنير، لم تنفع معهم صرخاتنا، بألا ساتر يحمينا من الأعداء الا ساترك العتيد، وسنكون نهبا من دون أن تظل صرخة في حناجرنا، ودمعة في عيوننا، انهم يكذبون، يسرقوننا في وضح النهار، وتعرف كم قاسية لوعة أن يسرقنا من بيده أمرنا وأمام أنظارنا، يبحثون عن جاه ونفوذ وسلطة، ولو كانوا حلماء لتأملوك، صامتا تحرك الملايين، يا الله، أي شعاع آخاذ تبثه سيرتك في النفوس والعقول، لكنهم لا يبصرون، فقد عمي بصرهم وبصيرتهم .
كُثر اولئك الذين بك صاروا يسمون، بعد ان كانوا بلا أسماء، لكنهم لم يتعلموا منك شيئا، ولا يريدون ان يتعلموا، فعلى حساب الفقراء يجاملون الظالمين، وعن آلامنا أبصارهم يغضون، للغرباء يعملون وأهلهم يتناسون، لقد مزقوا الأمة الى طوائف، عكس ما تريد، ألم تقل: جئت لاصلاح امة جدي، لا اشرا ولا بطرا، نذرت نفسك لوحدتها، ونذورا أنفسهم لتمزيقها، صرنا سيدى أضعف الأمم، بلا وزن ولا قيمة، وما أصبحنا هكذا لولا شيوع الظلم الذي قارعته بدم الوليد، وبوهج وفاء أخيك، وايمان صحبك وعيالك بنهجك .
صرنا سيدي بمواجهة ألف ظالم، والسيوف على رقابنا، وما يُزيد حرقتنا ان في بيتنا أكثر من يزيد، مَنْ ينظر الى خراب بلاده دون أن يحرك ساكنا يزيد، ومَنْ لا يعمل على اعادة الهيبة لامته يزيد، ومَنْ لا يجهد على اصلاح الخراب يزيد، ومن لا ينتفض لإبادة أشقائه يزيد، وماذا أُعد لك يا أبا الأحرار، فالخراب يستعصي على الوصف، وأشده خراب الانسان، لا أظنهم يستنيروا بك، ولا أظن حراكا للوجدان .
اضف تعليق