أصبحت تداعيات درجات الحرارة المرتفعة بسبب تغير المناخ على العمالة العالمية أكثر خطورة من ذي قبل، مع تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، وقدرة الطقس الحار على الوصول إلى أيّ مكان في العالم، حتى المناطق القطبية، وقدَّر تقرير حديث حجم العمالة المعرّضة لمخاطر الحرارة المرتفعة بما يزيد عن 2.4 مليار شخص...
أصبحت تداعيات درجات الحرارة المرتفعة (بسبب تغير المناخ) على العمالة العالمية أكثر خطورة من ذي قبل، مع تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، وقدرة الطقس الحار على الوصول إلى أيّ مكان في العالم، حتى المناطق القطبية، وقدَّر تقرير حديث -اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، ومقرّها واشنطن- حجم العمالة المعرّضة لمخاطر الحرارة المرتفعة بما يزيد عن 2.4 مليار شخص، ما يمثّل أكثر من 70% من العمالة العالمية.
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بتعزيز التعاون الدولي للتخفيف من مخاطر درجات الحرارة المرتفعة، التي أرغمت الحكومة الإسبانية -مؤخرًا- على تغيير ساعات العمل الخاصة بالعمال في المناطق المكشوفة خلافًا لعمال المكاتب، وينادي غوتيريش بالعمل الدولي في 4 مجالات، تشمل رعاية الضعفاء، وحماية العمال، واستعمال البيانات والعلوم لتعزيز المرونة، واستبدال الطاقة المتجددة بالوقود الأحفوري.
عمال أفريقيا الأكثر تأثرًا
يتعرض 93% من العمالة في أفريقيا لمخاطر درجات الحرارة المرتفعة بشدة، وهي أكبر منطقة معرّضة لهذه المخاطر في العالم، تليها شبه الجزيرة العربية التي يتعرض أكثر من 83% من عمالها لهذه المخاطر، بحسب التقرير الصادر من المنتدى الاقتصادي الدولي، كما ازدادت المخاطر التي يتعرض لها العمال في أوروبا ووسط آسيا من درجات الحرارة المرتفعة، بصورة أسرع من أيّ مكان آخر في العالم، مع ارتفاعها بأكثر من 17% منذ 2020 حتى الآن.
وحدّد المعهد الوطني الأميركي للسلامة والصحة المهنية (NIOSH) الفئات الأكثر تعرضًا لمخاطر درجات الحرارة المرتفعة، وأبرزهم: عمال الإطفاء، والمخابز، والمزارعون، وعمال البناء، والمناجم، وغرف الغلايات، وعمال المصانع، وغيرهم.
ويرى المعهد الوطني أن العمال البدناء من عمر 65 سنة فأكثر، والذين يعانون من أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، معرّضون أكثر لمخاطر درجات الحرارة المرتفعة مقارنة بغيرهم.
درجات الحرارة
يُنسَب إلى درجات الحرارة المرتفعة 23 مليون إصابة و19 ألف حالة وفاة سنويًا، كما تصنّف منظمة العمل الدولية الإجهاد الحراري بوصفه " قاتلًا غير مرئي للعمال"، لما له من تأثيرات ضارة بهم، ويؤدي تعرُّض العمال لدرجات الحرارة المرتفعة مدة طويلة إلى زيادة احتمالات إصابتهم بأمراض خطيرة ومزمنة، تؤثّر بالأوعية الدموية في القلب، وبالجهاز التنفسي، وأيضًا بالكلى.
وتقدّر منظمة العمل الدولية وجود 26.2 مليون شخص في العالم يعيشون وهم يعانون من أمراض كلى مزمنة، بسبب الإجهاد الحراري في أماكن العمل؟، ويربط تقرير المنتدى الاقتصادي الدولي بين ظاهرة الاحتباس الحراري والمخاطر التي تهدد صحة مليارات البشر في تقرير صادر عام 2024، يحلل فيه تأثير الحرارة المفرطة في مكان العمل.
وتشير نتائج التقرير إلى أن الأحداث المناخية المتطرفة، ومنها موجات الحرارة المرتفعة، كانت مسؤولة عن وفاة 62 ألف شخص في أوروبا خلال المدة بين مايو/أيار وسبتمبر/أيلول 2022، ويتوقع التقرير أن تؤدي الموجات الحرارية العالية إلى وفاة 1.6 مليون شخص سنويًا في العالم بحلول 2050، لاسيما الأشخاص من عمر 65 سنة فأكثر، بوصفهم الفئة الأكثر عرضة لهذه المخاطر.
كما يتوقع ارتفاع وفيات الجفاف إلى 3.2 مليون حالة، بينما يتوقع وصول وفيات الفيضانات إلى 8.5 مليون حالة بحلول منتصف القرن، إضافة إلى 0.3 مليون حالة من وفيات حرائق الغابات، و 0.6 مليون حالة من العواصف الاستوائية.
وتشير هذه البيانات إلى أن إجمالي عدد الوفيات بسبب الكوارث الطبيعية المحتملة نتيجة تغير المناخ قد يصل إلى 14.5 مليون حالة سنويًا بحلول عام 2050، بحسب بيانات تفصيلية رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، ومن المتوقع أن تشهد المناطق، بما في ذلك منطقة جنوب شرق آسيا، تزايدًا في المخاطر الصحية المحتملة بسبب موجات الحر الطويلة في المستقبل.
توصيات التعامل مع الحرارة المرتفعة
يوصي تقرير المنتدى الحكومات وقادة الدول في العالم بوضع إستراتيجيات تعاونية وتبادل أفضل الممارسات، بهدف تحسين الوعي بقضايا التغير المناخي وتقييم تأثيراته على الصحة والاقتصاد، وزيادة التعاون بين القطاعات، لجعل المجتمع أكثر مرونة في مواجهة هذه التحديات، وتعتقد منظمة العمل الدولية أن هناك تدابير سهلة وفعالة يمكنها الإسهام لتخفيف مخاطر درجات الحرارة المرتفعة في مكان العمل، ومنها ضمان الترطيب الكافي، والتهوية الجيدة، وتوفير مناطق للراحة باردة ومظللة، كما يمكن لتحديث النظم واللوائح القديمة، وتمديد أوقات حماية العمال لتتجاوز الأوقات الرسمية المحددة، أن يسهم بتعزيز حمايتهم في مواقع العمل، خاصة المكشوفة لأشعة الشمس الحارة.
كذلك يمكن لمشاركة العمال في صياغة سياسات تخفيف الإجهاد الحراري ومواجهة الاحتباس الحراري، أن يرشد السياسات ويعزز من احتمالات نجاحها، إضافة إلى التعاون الدولي ومشاركة المعلومات حول تجارب الدول الرائدة في ذلك.
اضف تعليق