مرة أخرى يعود إلينا أصحاب النغمة النشاز، ليسمموا أسماعنا، بالحديث عن الفيدراليَّة والحق الدستوري بإقامة الأقاليم! وكإن الدروس الكثيرة، التي مرت على البلاد لم تترك أي أثر في عقول هؤلاء ونفوسهم.. لقد توهم كثيرون بعد العام 2003 بأن الفيدراليَّة هي الفردوس الذي أخطأت أقدام العراقيين الطريق إليه...
مرة أخرى يعود إلينا أصحاب النغمة النشاز، ليسمموا أسماعنا، بالحديث عن الفيدراليَّة والحق الدستوري بإقامة الأقاليم! وكإن الدروس الكثيرة، التي مرت على البلاد لم تترك أي أثر في عقول هؤلاء ونفوسهم.. لقد توهم كثيرون بعد العام 2003 بأن الفيدراليَّة هي الفردوس الذي أخطأت أقدام العراقيين الطريق إليه، وأن الفرصة باتت مواتية بعد دستور 2005 ليحلوا في هذا الفردوس ويغادروا جحيم العراق الواحد! إقليم كردستان وعلى الرغم من انه تحصّل رسميا على حق الوضع الخاص منذ السبعينيات.
لكن طبيعة علاقته مع المركز طيلة العقدين الماضيين، في ظل الفيدراليَّة، أعطت درسا بأنَّ أيَّ إقليم جديد يقام سيكون النهاية الحقيقية لوحدة العراق وأمنه واستقراره، وسيفتح باب جهنم على أبنائه الذين سيتوزعون بين أمراء الأقاليم المتحاربين على الثروات والحدود، كون الدستور العراقي لم يقر نظام الفيدراليَّة بل الكونفدرالية وأكثر، أي التقسيم الناعم، فمن يدلنا دولة ( فيدرالية) واحدة في العالم ليس فيها جيش وطني واحد وله حق التحرك في كل أرض البلاد وفقا لما يتطلبه الأمن القومي.
للأسف ما يحصل في العراق إن الإقليم الكردي يرفض تواجد الجيش الوطني على أراضيه وعلى حدود البلاد من جهة مدنه، ما تسبب لنا بمشكلات مع دول الجوار وتحديدا إيران وتركيا. وهذا جزء بسيط مما سيكون عليه وضع البلاد في ظل هذه (الفيدراليَّة) إذا ما عممت على بقية محافظات العراق الأخرى، فلن يبقى هناك شيء اسمه العراق، وسيكون نتفا بين أنياب دول المنطقة وغيرها.
وأيضا نتساءل، هل هناك دول (فيدرالية) تكون الثروات المستخرجة من أراضي الأقاليم فيها تنظم لها قوانين من قبل تلك الأقاليم، وتعرض على المركز وفي حال عدم الرد خلال ستين يوما تصبح قوانين الأقاليم نافذة! ويصبح من حقها أن تبيع الثروات بنفسها متجاوزة المركز. للأسف هذا موجود في دستور العراق، فهل هناك مسخرة أكثر من هذه؟ لقد قال وزير النفط الأسبق حسين الشهرستاني ما معناه، اذا ما حصل هذا سيصبح من المستحيل تصدير نفط العراق بوصفه دولة واحدة ملتزمة باتفاقيات مع أوبك وغيرها، ناهيك عن الخلافات على الحدود بين الأقاليم، والتي ستفتح جبهات لن تنغلق لغياب مركز قوي يوقفها، ولا نريد أن نتحدث عن الترهل الإداري الذي سيحصل بعد أن نصبح أقاليم عدة، إذ سيكون لكل إقليم رئيس ورئيس وزراء وبرلمان وعلم ودستور وجيش خاص به تحت مسمى (الحرس الوطني)! فعن أي عراق نتحدث بعد ذلك ومن أين تتأتى القوة للحكومة المركزية، أن بقيت هناك دولة موحدة لها حكومة، لتبسط نفوذها على أراضي البلاد كلها، وقد أصبحت نتفا بين أقاليم ترعاها دول أجنبية مجاورة وبعيدة لتعزز نفوذها وتنهب خيرات البلاد.
أيها الحالمون بالرياسة والثروات. ابحثوا عنها في ميادين اخرى واتركوا لنا هذا البلد لنعيش به بأمان بعد أن أنفقنا سني عمرنا لكي نحافظ عليه.
اضف تعليق