ترسبات عقلية المراحل الماضية هي التي كانت تحول دون الاتفاق على هذا الأمر من الشيعة قبل السنة، واليوم وقد تم الأمر فليفرح ويحتفل من يريد؛ وليستفد من العطلة من لا يريد، وهذا دأب كل الشعوب التي تتميز بالتنوع العرقي والديني والثقافي، ليكن عيد الغدير هذا العام...
الخلاف الاخير حول إقرار قانون العطل الرسمية داخل البرلمان العراقي والذي استمر من عام ٢٠٠٦ إلى العام الحالي ٢٠٢٤، لم يكن وليد المرحلة بل هي سياسة استمرت لأكثر من ١٤٠٠ عام للتعمية على يوم مبارك ومناسبة وعيد ديني غير عادي في تأريخ الاسلام، فلماذا الخلاف حول إقرار عيد؟ وهل هناك ما يمنع المسلمين من الفرح والاحتفال بأية مناسبة؟.
ان ما حدث خلال العقدين الماضيين من اختلاف حول إقرار عطلة رسمية ليوم الغدير ما هو إلا استمرار لنهج وثقافة جبلت عليها الاجيال الماضية في تنحية هذه المناسبة المهمة من الأجندة الإسلامية، لأسباب كثيرة اهمها: ان هذه المناسبة فيها دعوة للتمسك بالدين اولا؛ والسير على وصايا الرسول الكريم ثانيا؛ وفيها غبن لشريحة واسعة تؤمن بالمناسبة وتحييها كل عام ثالثا؛ رغم كل المضايقات.
اذن، الإقرار بالفرح والتمسك بالدين الاسلامي لا يغيض اي فرقة من فرق المسلمين، وليحتفل من يشاء وليرفض ويعتزل المناسبة من يشاء، وما اكثر العطل الرسمية في العراق مثل عطلة المطر وعطلة ارتفاع الحرارة وغيرها، فهذا اليوم لن يزيد في الأمر شيئا.
ان الخلاف والاختلاف لن ينفع احد، وكم اخذت هذه المناقشات من دورات مجلس النواب الماضية والحالية من الوقت الذي كان يفترض ان ينتفع به الشعب قرارات وقوانين وتشريعات... لن أقول ان جهات خارجية كانت تدفع لعدم الاتفاق على تعطيل الدوام في هذه المناسبة، بل اقول ان ترسبات عقلية المراحل الماضية هي التي كانت تحول دون الاتفاق على هذا الأمر من الشيعة قبل السنة، واليوم وقد تم الأمر فليفرح ويحتفل من يريد؛ وليستفد من العطلة من لا يريد، وهذا دأب كل الشعوب التي تتميز بالتنوع العرقي والديني والثقافي، مثل الهند التي فيها ٨٠٠ ديانة رسمية والجميع يتعايش ويتقبل الاخر مهما كان الخلاف الديني عميقا معه بل ويعطل الدوام في مناسبات لا علاقة له بها لا من بعيد ولا من قريب، فما بال المسلمين وهم على ديانة واحدة!!!.
واخيرا، ليكن عيد الغدير هذا العام وكل عام دعوة للتسامح وقبول الآخر والتعاطي معه والسمو فوق الخلافات بسيطة كانت ام عميقة، واحترام معتقدات شريك الوطن بروح إيجابية بناءة على مبدأ حرية الرأي والدين والمعتقد التي اقرها القانون والدستور لجميع العراقيين.
اضف تعليق