الصورة مشروع مستقل بحد ذاته قد يكون مشروع اقتصادي من خلال تفعيل الصورة السياحية واستقطاب السواح إلى البلد أو المحافظة وقد يكون مشروع عقائدي من خلاله نشر الصور المرتبطة بمذهبك أو دينك بطريقة فنية يفهمها الآخر من خلال تفكيك النص البصري...
نجح المصور الفوتوغرافي حكمت العياشي في تحويل شغفه بالتصوير إلى لغة عالمية لنقل القصص وتوثيق الأحداث، بدأت مسيرة العياشي البسيطة قرب منطقة ما بين الحرمين في كربلاء باستخدام تقنيات متواضعة، إلا أن إبداعه وجهوده سرعان ما لفتت الأنظار وحققت الإعجاب، ينحدر العياشي من مدينة بغداد، وقد ولد عام 1979، لكنه لم يكتشف شغفه الحقيقي إلا في عام 2010، ليبدأ رحلته في عالم التصوير الفوتوغرافي.
خلال هذه الرحلة، لم تكن التحديات غائبة، بل كانت رفيقة له، وقد واجهها العياشي بصبر ومثابرة، مما أدى إلى تنمية مهاراته وتحقيق إنجازات بارزة. أصبح عضواً مؤسساً في فريق التصوير الفوتوغرافي ومجموعة "موثقون للتراث والآثار". بفضل إبداعه، لم يقتصر دوره على الساحة المحلية فقط، بل وسع آفاقه ليصبح عضواً في الهيئة الإدارية للجمعية العراقية للتصوير، فرع كربلاء سابقاً، وعضواً في الهيئة الإدارية والتأسيسية لمؤسسة الإعلام الميداني للتدريب والتطوير.
إبداع العياشي تُوّج بالعديد من الجوائز المحلية والدولية، كان آخرها جائزة أفضل لقطة مصوّرة "كربلاء"، لتعكس عدسته عبق وتاريخ المدينة المقدسة وتنقلها إلى العالم. حكمت العياشي، الحاصل على شهادة الدبلوم في القسم الميكانيكي، أثبت أن الشغف والإصرار يمكن أن يحولا الحلم إلى حقيقة، ويجعلان من التصوير الفوتوغرافي وسيلة لتوثيق الجمال والتناقضات في تفاصيل الحياة العراقية...
شبكة النبأ المعلوماتية، أجرت حوار مع المصور الفوتوغرافي حكمت العياشي حوارًا حول تجربته بالتصوير الفوتوغرافي، حيث جاء سؤالنا الأول:
* أوصف لنا الشرارة الأولى التي أوقدت شغفك بالتصوير الفوتوغرافي؟ ومن هو قدوتك أو ملهمك في هذا المجال؟
ـ عندما كنت أحمل كامرتي وأسير في الطريق المحاذي لمنطقة ما بين الحرمين الشريفين عنده استوقفني رجل وزوجته للالتقاط لهم صورة تذكارية وتبين من خلال حديثهم معي أنه فرنسي من أصول عراقية وزوجته فرنسية وعندها أدركت مدى أهمية الصورة لأنها تصل لمجتمعات مختلفة بديانات مختلفة بلغات مختلفة وهنا بدأت العمل بالتركيز على إيجابيات المدينة مع جودة للصورة.
* لماذا اخترت التخصص بالتصوير الفوتوغرافي؟
ـ التصوير الفوتوغرافي هو رسائل بإطار واحد يحمل بين طياته قصص واحداث تخلد عبر التاريخ وكذلك سهولة تنقلها بين المجتمعات عبر الوسائل المختلفة.
* ما هي الكاميرا والعدسة التي تستخدمها بشكل رئيسي؟ وما هي التقنيات التي تستخدمها للحصول على صور احترافية؟
ـ كاميرا من الفئة المتوسطة Nikon D7200 مع عدسة 18-140 أما بالنسبة للتقنيات فاستخدم أغلب التقنيات الموجودة في الكاميرا منها التصوير بتعريضات مختلفة أو استخدام عدسات مختلفة.
* هل تفضل التصوير الفوتوغرافي التقليدي أم الفنون البصرية الحديثة؟
ـ التصوير التقليدي محدود الانتشار وخاصة إذا كان المصور صاحب مشروع على عكس الفنون البصرية الحديثة التي تواكب تتطور البلدان وتحاكي الفكر الحديث للأجيال.
* هل يعد التصوير فنًا أم وسيلة لتوثيق الواقع؟
ـ الاثنان معًا ولكن برأي فن متطور وخاصة بعد انتقال الإنسان في الفترة الأخيرة من النص المقروء إلى النص البصري.
* كيف يمكن لفن التصوير أن يؤثر على الناس والمجتمع؟
ـ حقيقة برأيي الخاص الصورة مشروع مستقل بحد ذاته قد يكون مشروع اقتصادي من خلال تفعيل الصورة السياحية واستقطاب السواح إلى البلد أو المحافظة وقد يكون مشروع عقائدي من خلاله نشر الصور المرتبطة بمذهبك أو دينك بطريقة فنية يفهمها الآخر من خلال تفكيك النص البصري... الخ
* هل لديك رؤية خاصة في التصوير تسعى لتوصيلها من خلال صورك؟
ـ من خلال الأحداث التي مرت بالبلد من أزمات وحروب كونت إطار ذهني سلبي مليء بالصور المأساوية عن العراق خلقت لدينا أنا وزملائي في الفريق الفوتوغرافي رؤية تسويق كل ما هو إيجابي عن البلد وبالتالي هذه الرؤية خلقت لدينا مجموعة من الأهداف منها تفعيل ملف السياحة وماله من جدوى اقتصادية من خلال خلق فرص عمل والمحافظة على العملة الصعبة وكذلك ترسيخ الهوية الوطنية و...
* كيف يمكن للصور أن تعكس الثقافة والهوية الشخصية للمصوّر؟
ـ الصورة الفوتوغرافية هي نتاج فكري وهذا النتاج يتأثر بمجموعة عوامل منها البيئة المحيطة بالمؤلف وتحصيله الأكاديمي ورؤيته الخاصة فينتج أسلوب خاص به من خلال التركيز على مواضيع محددة، ومنها ينتج هوية المصور وأسلوبه.
* كيف تختار المواضيع التي تصوّرها وما هي القصص التي تسعى لإيصالها من خلال عدستك؟
ـ دائمًا لا اختار مواضيع تهم المجتمع وتحاكي البيئة التي اعيش فيها وهناك مواضيع نخبوية أخص بها مجموعة خاصة من المجتمع، أما القصص التي اسعى لإيصالها هي تلك القصص الانسانية التي تؤثر بحياة المتلقي بصورة مباشرة من خلال نقل مشاهد عن الحياة اليومية من اسواق وحياة مدينة وكذلك صور لاماكن ذات شواهد تاريخية من اجل تعزيز وترسيخ للهوية الوطنية.
* هل تشعر بأن للصورة الفوتوغرافية قوة تعبيرية خاصة؟ وكيف تحسن من قدرتها على التأثير؟
ـ نعم، فالصورة اللغة التي يتحدثها الجميع ويفهما الجميع دون الحاجة الى الاسهاب في الشرح. والتحسين من قدرتها على التأثير لابد من قراءة المجتمع المستهدف او البيئة المستهدفة لمعالجة قضاياه من خلال الصورة.
* كيف تجد التوازن بين التقنية والإبداع في عملك الفوتوغرافي؟
ـ كاميرا هي اداة بغض النظر عن مدى تتطور تقنياتها وتبقى عين المصور هي الفيصل لا نتاج اعمال مختلفة معززة بثقافة المصور ورؤيته واهدافه.
* كيف يمكن للتصوير الفوتوغرافي تعزيز التواصل الاجتماعي وتجاوز حدود اللغة والثقافات؟ ما هي المشاعر التي تحاول توجيهها لدى المشاهدين من خلال صورك؟
ـ من خلال التركيز على المشتركات بين المجتمعات من عادات وتقاليد وفي بعض الاحيان حتى الابنية من عمارة وتشكيلاتها وبالتالي التركيز على المشتركات يقرب وجهات النظر. المشاعر الانسانية تأثر بعاطفة الانسان وهي خير مدخل لقلوب الناس.
* أوصف شعورك لنا عندما علمت أنك فزت بجائزة أفضل لقطة سياحية؟
ـ شعور له عدة اوجه شعور بفرحة الفوز وشعور الفخر كوني مثلت بلدي بهذه المسابقة المهمة وكذلك شعور بالارتباط الوثيق بمدينة الحسين (عليه السلام) كوني ملف الصور الفائزة عن مدينتي كربلاء.
* ما هي القصة وراء اللقطة التي فزت بها؟ حدثنا عن المنطقة التي التقطت فيها الصورة؟ وهل كان لديك خطة محددة للالتقاط هذه اللقطة أم كانت عفوية؟
ـ لم تكن صورة واحدة بل كانت مجموعة اعمال سياحية عن مدينة كربلاء ولمناطق متعددة من مثل كنيسة الأقيصر وحصن الاخيضر وكهوف الطار ومنارة الموجدة وخان النخيلة والقنطرة البيضاء، ولإنتاج اي عمل مختلف يحتاج جهد من ناحية التحضير الذهني والقراءة عن الاماكن المستهدفة وكذلك من ناحية اختيار العدسات المناسبة واختيار وقت تصوير مثالي لضفاء جمالية للمشهد مع استغلال مساقط الضوء وانكساراته.
* ما هي أماكن أخرى قمت بالتصوير فيها قبل الفوز بهذه الجائزة؟
ـ أني وزملائي في الفريق الفوتوغرافي وثقنا ما يقارب 13 محافظة وعشرات المدن في العراق وكان جل اهتمام الفريق هو المناطق الاثرية والتراثية.
* هل لديك مشروع تصويري آخر تعمل عليه حاليًا؟ وهل لديك خطط للمشاركة في معارض تصوير في المستقبل؟ هل لديك خطط للتصوير في دول أخرى خارج العالم العربي؟
ـ مشروع توثيق العراق بمراقده واثاره وتراثه. نعم جاري التحضير انا وزملائي في الفريق الفوتوغرافي لعمل معرض عن المناطق السياحية في العراق ولكن يسير ببطيء كون الفريق غير مدعوم من اي جهة وكذلك لدينا معرض فوتوغرافي عن كربلاء سيتم عرضه في يوم الصحافة العراقية. اما عن التصوير في البلدان لغير العربية يبقى طموح التعرف على الثقافات الاخرى ان شاء الله نوفق لذلك.
* ما هو وقت اليوم المفضل لديك للتصوير؟ وهل تفضل التصوير الطبيعي أم المعماري؟ وما هو مكان أحلامك للتصوير فيه؟
ـ بالنسبة لي كل الايام مفضلة ان كان مشمسة او مغبرة او غائمة فقط احتاج المكان المناسب لذلك اليوم. انا اميل كثيراً للتصوير المعماري مع اجادتي لمحور الطبيعة ولدي جوائز بهذا المحور، اما عن مكان احلامي هو تصوير كافة المراقد المقدسة للائمة المعصومين (عليهم السلام).
* ما هو الشيء الذي يجعلك تستمر في التصوير بشغف؟
ـ ما لمسته من نتائج على ارض الواقع فعلى سبيل المثال الكثير من طلبة الدراسات العليا يتواصلون معي من اجل استخدام اعمالي ضمن اطروحات رسائلهم ومشاريعهم من داخل العراق وخارجه.
* ما هي أهم النصائح التي تقدمها للمبتدئين في مجال التصوير الفوتوغرافي بشكل عام والمصورين السياحة بشكل خاص؟
ـ لي ولهم لتكون مصور مهم يجب ان تكون مصور صاحب مشروع لديه اهداف ورؤى ويعمل على تحقيقها. اما بالنسبة للمصورين المهتمين بالصورة السياحة دراسة المكان بشكل تفصيلي قبل الشروع بتصويره ليكون التركيز على تفاصيل قد تكون مخفيه عن المتلقي.
* ما هي أكبر تحديات تواجهك في مجال التصوير الفوتوغرافي وكيف تتغلب عليها؟
ـ (الوقت، المعدات) التصوير الفوتوغرافي يحتاج الى وقت كبير وتفرغ كامل وذلك للسفر الدائم وكذلك المعدات كونها عامل مهم لإنتاج جودة عالية وكذلك استخدام عدسات مختلفة لإنتاج اعمال مختلفة.
اضف تعليق