ينفي ترامب ارتكاب أي مخالفات، ومن المتوقع أن يستأنف على الحكم. وقال ترامب هذه وصمة عار... والحكم الحقيقي سيكون للشعب في الخامس من نوفمبر. وأقصى عقوبة قد يواجهها ترامب هي السجن لأربع سنوات، إلا أنه عادة ما تصدر أحكام بفترات أقصر للمدانين في مثل هذه الجريمة...
أصبح دونالد ترامب يوم الخميس أول رئيس أمريكي يُدان بارتكاب جريمة عندما أدانته هيئة محلفين في نيويورك بتزوير وثائق لإخفاء مبلغ مالي دفعه لشراء صمت ممثلة إباحية قبل انتخابات عام 2016.
وبعد مداولات على مدار يومين، أعلنت هيئة محلفين من 12 عضوا أنها خلصت إلى أن ترامب مذنب في كافة التهم الأربعة والثلاثين التي يواجهها. وكان الإجماع مطلوبا لصدور أي حكم بالإدانة.
وحدد القاضي خوان ميرشان 11 يوليو تموز موعدا للنطق بالحكم، أي قبل أيام من انطلاق المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في 15 يوليو تموز والذي من المتوقع أن يشهد الإعلان رسميا عن ترشيح ترامب لخوض الانتخابات القادمة.
ويدفع هذا الحكم الولايات المتحدة إلى وضع غير مسبوق قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني، عندما سيسعى الجمهوري ترامب للتغلب على الرئيس الديمقراطي جو بايدن من أجل العودة للبيت الأبيض.
وينفي ترامب (77 عاما) ارتكاب أي مخالفات، ومن المتوقع أن يستأنف على الحكم.
وقال ترامب للصحفيين بعد ذلك "هذه وصمة عار... والحكم الحقيقي سيكون للشعب في الخامس من نوفمبر".
وأقصى عقوبة قد يواجهها ترامب هي السجن لأربع سنوات، إلا أنه عادة ما تصدر أحكام بفترات أقصر للمدانين في مثل هذه الجريمة أو أنهم يواجهون غرامات أو يتم وضعهم تحت المراقبة.
وتظهر استطلاعات الرأي تقارب السباق بين ترامب وبايدن (81 عاما). كما أظهر استطلاع أجرته رويترز/إبسوس أن أي حكم بالإدانة قد يؤدي لخسارة ترامب بعض الدعم من الناخبين المستقلين والجمهوريين.
وقال مصدر مطلع على التطورات الداخلية بحملة ترامب إنه من المتوقع أن يدفعه الحكم لتكثيف المداولات لاختيار امرأة لمنصب نائب الرئيس.
وخلصت هيئة المحلفين إلى أن ترامب مذنب بتزوير وثائق بعد محاكمة استمرت خمسة أسابيع شهدت الإدلاء بشهادة من الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز حول علاقة جنسية تقول إنها جمعتها مع ترامب عام 2006 عندما كان متزوجا من زوجته الحالية ميلانيا، وهو ما ينفي ترامب صحته.
وشهد مايكل كوهين، مساعد ترامب آنذاك، بأن ترامب وافق على دفع مبلغ 130 ألف دولار لشراء صمت دانيالز في الأسابيع الأخيرة قبل انتخابات عام 2016، عندما واجه عدة اتهامات بسوء السلوك الجنسي.
وعادة ما يصنف تزوير مستندات الأعمال على أنه جنحة في نيويورك، لكن المدعين في مكتب المدعي العام لمنطقة مانهاتن رفعوها إلى جناية على أساس أن ترامب كان يخفي مساهمة غير قانونية في حملة انتخابية.
واعتبرت الحملة الانتخابيّة للرئيس الأميركي جو بايدن أنّ هذا الحُكم دليل على أنّ “لا أحد فوق القانون”.
وقال المسؤول في الحملة مايكل تايلر في بيان إنّه رغم هذه الإدانة “هناك طريقة واحدة فقط لإبقاء دونالد ترامب خارج المكتب البيضوي، ألا وهي بطاقة الاقتراع. فسواء أدين أو لم يُدَن فإنّ ترامب سيكون المرشح الجمهوري” للانتخابات الرئاسية المقرّرة في 5 تشرين الثاني/نوفمبر.
من جهته أعرب رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون عن أسفه لحُكم الإدانة، معتبراً هذا اليوم “يوماً مخزياً” في تاريخ الولايات المتّحدة.
وقال الزعيم الجمهوري إنّ “اليوم هو يوم مخزِ في التاريخ الأميركي. الديموقراطيون يهلّلون لإدانة زعيم الحزب المعارض بتهم سخيفة، بناء على شهادة (محام) مدان ومشطوب من سجلّ (المحامين). هذه ممارسة سياسية بحتة وليست قضائية”.
وما هي إلا ساعات على صدور الحكم حتى أعلن فريق الدفاع عن ترامب عزمه على استئنافه.
وقال المحامي تود بلانش وكيل الدفاع عن الرئيس السابق إنّ فريق الدفاع سيستأنف “في أقرب وقت ممكن” حكم الإدانة.
وقال بلانش لشبكة “سي إن إن” الإخبارية “سنستأنف الحُكم في أقرب وقت ممكن”، موضحاً أنّه “في نيويورك، تقضي الإجراءات بأن يتمّ النطق بالعقوبة أولاً، ومن ثم نستأنف”.
وأمام محكمة مانهاتن، بدت الفرحة على وجوه عدد من أبناء نيويورك الذين كانوا يغادرون أعمالهم عندما علموا بالحكم التاريخي، في حين أبدى آخرون امتعاضهم من الحكم.
وقال جون رودي الذي عرّف عن نفسه بأنّه “مثلي الجنس عمره 60 عاماً” إنّ “هذه واحدة من اللحظات النادرة التي تثبت حقاً أنّ لا أحد فوق القانون في الولايات المتّحدة”.
بالمقابل، قال ماثيو تيرنر إنّ الحُكم، على العكس من ذلك، “سيجعل (ترامب) أكثر شعبية في نظر الشعب الأميركي”.
وصدر الحكم في غمرة الحملة الرئاسية وقبل بضعة أسابيع من أول مناظرة مقرّرة بين ترامب وبايدن في 27 حزيران/يونيو والتي سيليها مؤتمر الحزب الجمهوري الذي سيعقد في ميلووكي بين 15 و18 تمّوز/يوليو لإعلان مرشّح الحزب رسمياً.
وقبل خمسة أشهر من الانتخابات، يصعب التنبؤ بتداعيات هذا الحكم على الناخبين.
وسارع ترامب إلى محاولة تسخير هذه الإدانة في صالحه، إذ صوّر نفسه على صفحته الإلكترونية الخاصة بجمع التبرّعات، على أنّه “سجين سياسي”.
ومنذ 2023، فشلت لوائح اتّهام وُجّهت إليه في أربع قضايا جنائية منفصلة، وإدانات في ثلاث قضايا مدنية أخرى، في منعه من انتزاع بطاقة الترشيح الحزبية.
اضطهاد سياسي
ويؤكّد ترامب براءته من كلّ التهم الموجّهة إليه، معتبراً كل الملاحقات القضائية الجارية بحقّه حملة “اضطهاد” سياسي يقف خلفها خصومه الديموقراطيون.
لكنّ بعض استطلاعات الرأي ترجّح أن يدفع حكم الإدانة ببعض ناخبي ترامب للتخلي عنه.
ولم يفوّت المرشّح الجمهوري فرصة لاستغلال محاكمته من أجل جذب انتباه وسائل الإعلام، وقد دأب على التحدّث مراراً في اليوم الواحد خارج قاعة المحكمة.
لكنّه رفض الإدلاء بشهادته أثناء محاكمته.
وإضافة إلى قضية نيويورك، يواجه ترامب اتهامات في واشنطن وجورجيا للاشتباه بسعيه لتغيير نتائج انتخابات العام 2020.
كذلك، يواجه اتهامات في فلوريدا بشبهة سوء التعامل مع وثائق سرية بعدما غادر البيت الأبيض.
وقال ترامب إنه سيطعن على حكم الإدانة الذي جعله أول رئيس أمريكي سابق يدان بارتكاب جريمة، رغم أنه سيتعين عليه الانتظار حتى صدور الحكم النهائي في 11 يوليو تموز قبل اتخاذ هذه الخطوة.
وكرر ترامب شكواه من أن المحاكمة كانت محاولة لعرقلة مساعي عودته إلى البيت الأبيض، وحذر من أنها أظهرت أنه لا يوجد أمريكي في مأمن من الملاحقة القضائية ذات الدوافع السياسية.
وقال ترامب في خطاب مدته 33 دقيقة "إذا كان بإمكانهم أن يفعلوا هذا بي، فيمكنهم أن يفعلوا ذلك بأي شخص". وبعد تصفيق أنصاره لم يتلق ترامب أي أسئلة من الصحفيين.
وأضاف "سنطعن في هذا الاحتيال".
وسيكون أمام ترامب 30 يوما من تاريخ الحكم عليه في 11 يوليو تموز لتقديم طلب الطعن.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي سيواجه ترامب في انتخابات الخامس من نوفمبر تشرين الثاني، إن ترامب حصل على فرصة للدفاع عن نفسه في نفس النظام القضائي الذي ينطبق على جميع الأمريكيين.
وقال بايدن (81 عاما) في البيت الأبيض "من التهور والخطر وانعدام المسؤولية أن يقول أي شخص إن هذا (الحكم) تم تزويره لمجرد أنه لا يعجبه الحكم".
ويدفع هذا الحكم الولايات المتحدة إلى وضع غير مسبوق.
وقالت ريبيكا رويفي وهي مدعية سابقة في نيويورك، قالت إن انتقادات ترامب العلنية للمحلفين والشهود خلال المحاكمة، والتي دفعت القاضي خوان ميرشان إلى فرض غرامة قدرها 10 آلاف دولار، قد تدفع القاضي إلى فرض عقوبة أشد.
ومن المرجح أن يجري تعليق تنفيذ أي حكم حتى تنتهي عملية الطعن على الحكم. وتوقع رئيس مجلس النواب مايك جونسون، وهو حليف مقرب لترامب، أن تلغي المحكمة العليا الأمريكية الحكم في نهاية المطاف.
وقال لشبكة فوكس نيوز "أعتقد أنهم سيضعون هذا الأمر في نصابه الصحيح، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت".
ولن تمنع عقوبة السجن ترامب من الاستمرار في حملته الانتخابية، أو تولي المنصب إذا فاز.
وستصدر المحكمة حكمها في 11 يوليو تموز، أي قبل أيام من انطلاق المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ميلووكي والذي من المتوقع أن يشهد الإعلان رسميا عن ترشيح ترامب لخوض الانتخابات القادمة.
ما رأي الناخبين؟
تظهر استطلاعات الرأي أن ترامب يخوض سباقا متقاربا مع بايدن.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس ونُشرت نتائجه اليوم الجمعة أن 10 بالمئة من الناخبين الجمهوريين المسجلين يستبعدون التصويت لدونالد ترامب بعد إدانته.
وجاء في الاستطلاع أن 56 بالمئة من الناخبين الجمهوريين المسجلين قالوا إن القضية لن تؤثر على أصواتهم، بينما قال 35 بالمئة إنهم سيدعمون على الأرجح ترامب.
وشكك خبراء استراتيجيون من كلا الحزبين عما إذا كان الحكم سيكون له تأثير كبير على السباق.
ودعا بعض مؤيدي ترامب في منشورات على الإنترنت إلى ثورة وأعمال شغب ورد عنيف.
وفي ولاية جورجيا المتأرجحة بين الجمهوريين والديمقراطيين، قال ويندل هيل (65 عاما) إن الحكم لن يدفعه إلى التخلي عن ترامب.
وقال "الأمر برمته مسيس. ما زلت لا أفهم ما هي الجريمة التي من المفترض أنه ارتكبها".
وقالت كارول كوبا (77 عاما)، وهي ناخبة تميل للمرشح الجمهوري منذ فترة طويلة، إنها تشعر بالاشمئزاز من ترامب.
وقالت "للمرة الأولى في حياتي أفكر في التصويت للجانب المظلم"، في إشارة إلى الديمقراطيين.
وقالت حملة ترامب إنها جمعت 35 مليون دولار من صغار المانحين بعد الحكم، وهو ما يقرب من ضعف الرقم القياسي اليومي السابق. وقال العديد من المانحين الجمهوريين الرئيسيين إنهم سيواصلون التبرع لحملة ترامب على الرغم من الإدانة.
وإذا نجح ترامب في الانتخابات، فبمقدوره إغلاق القضيتين الاتحاديتين اللتين تتهمانه بمحاولة إلغاء خسارته في انتخابات عام 2020 بشكل غير قانوني وسوء التعامل مع وثائق سرية بعد ترك منصبه في عام 2021. لكن لن يكون لديه السلطة لوقف قضية منفصلة بتهمة تخريب الانتخابات في جورجيا.
مرتبك ومهزوم
وعلق متحدث باسم حملة بايدن الانتخابية مايكل تايلر في بيان على خطاب ترامب قائلا إن الرئيس السابق “مرتبك ويائس ومهزوم” مضيفا أن “أيّ شخص شاهد (الخطاب على التلفزيون) يخرج باستنتاج أكيد: هذا الرجل لا يمكنه أن يكون رئيس الولايات المتحدة”.
وكان بايدن كتب قبل ذلك بدقائق على منصة إكس أن ترامب “شكك أولا في نظامنا الانتخابي، ثم شكك في نظامنا القضائي”، ناشرا بدوره دعوة لجمع التبرعات لحملته.
وفي الخارج، أظهر بعض القادة دعمهم لدونالد ترامب، مثل نائب رئيسة الوزراء الإيطالية اليميني المتطرف ماتيو سالفيني الذي ندد بـ “مضايقات قضائية” و”محاكمة سياسية”.
من جهته اعتبر الكرملين الجمعة أن إدانة الرئيس الأميركي السابق غير المسبوقة بتهمة تزوير سجلات تجارية تظهر أن البيت الأبيض “يقصي خصومه السياسيين”.
ورد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة على تصريحات المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف خلال اجتماع لحلف شمال الأطلسي في براغ مؤكدا أن اتهامات موسكو ليست سوى “انعكاس” لسلوك السلطات الروسية بهذا الصدد.
ورأى كيث غادي أستاذ العلوم السياسة في جامعة “تي سي يو” في تكساس، أن هذا الحكم “لن يؤدي على الأرجح إلى تحريك العديد من الأصوات”، لكنه قد يؤدي إلى “قلب” النتائج المتقاربة.
لكن الواقع أن ترامب أثبت في السنوات الأخيرة قدرته على مقاومة محن كانت قضت على الحياة السياسية لكثيرين غيره. فبالرغم من إدانته مرتين أمام الكونغرس في إجراءات عزل حين كان رئيسا، واتهامه في أربع قضايا جنائية من بينها قضية نيويورك، تمكن من فرض نفسه بسرعة وبفارق كبير على خصومه مرشحا عن الحزب الجمهوري للبيت الأبيض.
لكن من المحتمل أن يصب الحكم الصادر لصالح بايدن الذي يعتزم تعزيز صورته كرجل دولة جدي يلاحق قضايا الدولة الكبرى، فيما خصمه يلزم قاعات المحاكم.
تحريض على أعمال شغب
وغمر أنصار دونالد ترامب الغاضبون من إدانته من هيئة محلفين في نيويورك في 34 تهمة جنائية صفحات المواقع المؤيدة للرئيس السابق بدعوات للتحريض على ثورة وأعمال شغب ورد عنيف.
وبعد أن أصبح ترامب أول رئيس أمريكي يُدان بارتكاب جريمة، رد أنصاره بعشرات المنشورات المحرضة على العنف عبر الإنترنت، وفقا لمراجعة رويترز للتعليقات على ثلاثة مواقع إلكترونية مؤيدة لترامب وهي منصة تروث سوشال المملوكة له وباتريوتس ون وجيتواي بانديت.
ودعا بعض المؤيدين إلى استهداف أعضاء هيئة المحلفين، فيما طالب البعض الآخر بإعدام القاضي خوان ميرشان، وذهب آخرون إلى حد الدعوة إلى حرب أهلية وتمرد مسلح.
وكتب أحد المعلقين على موقع باتريوتس وين "شخص ما في نيويورك ليس لديه ما يخسره لا بد أن يتولى أمر ميرشان". وقال المنشور في إشارة إلى المهاجرين غير الشرعيين "آمل أن يستخدم المنجل عندما يلتقي ببعض المهاجرين غير الشرعيين".
وعلى جيتواي بانديت اقترح أحدهم بعد صدور القرار إطلاق النار على الليبراليين. وجاء في المنشور "حان الوقت للتخلص من بعض اليساريين... لا يمكن حل هذا الأمر عبر التصويت".
وزادت وتيرة الترهيب والتهديد بالعنف بعدما خسر ترامب سباق الرئاسة في 2020 وادعى أن الانتخابات جرى تزويرها. وفي أثناء حملته الانتخابية سعيا للفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض، اتهم ترامب دون دليل القضاة والمدعين في محاكماته بأنهم أدوات فاسدة في يد إدارة الرئيس جو بايدن وأنهم عازمون على تخريب محاولته للفوز بالرئاسة.
ورد الموالون له بحملة من التهديدات والترهيب استهدفت القضاة وموظفي المحاكم.
اضف تعليق