تفتقر المدينة العراقية للجمالية المطلوبة، وتسود حالات تشوه كبيرة في أغلبها، وهذه الملاحظة يدركها أي زائر لأية مدينة في العراق منذ بوابتها الأولى، التي عادة ما تكون الغلاف الخارجي الذي يمنح كل مدينة هويتها، حتى العاصمة بغداد ظلت تتسم بهذه الحالة رغم حملات الإعمار الكبيرة لمداخلها...

تفتقر المدينة العراقية للجمالية المطلوبة، وتسود حالات تشوه كبيرة في أغلبها، وهذه الملاحظة يدركها أي زائر لأية مدينة في العراق منذ بوابتها الأولى، التي عادة ما تكون الغلاف الخارجي الذي يمنح كل مدينة هويتها، حتى العاصمة بغداد ظلت تتسم بهذه الحالة رغم حملات الإعمار الكبيرة لمداخلها، والتي قطعت أشواطا كبيرة في الإنجاز وقد تكون مداخل جميلة لمدينة ما زالت تبحث عن جمال شوارعها وتنظيم أسواقها.

غابت الكثير من المساحات الخضراء في المدن العراقية وتحولت هذه المساحات لساحات لوقوف السيارات أو مولات تسوق، أو يفترشها الباعة في الصباح ويغادرونها في المساء. في المدن العراقية الكبيرة منها والصغيرة، هنالك محلات بلا حدود مساحتها تمتد للرصيف وجزء من الشارع، ولا يجد المارة مكانا لهم سواء على الأرصفة المخصصة لهم أصلا أو في الشوارع المخصصة للمركبات.

عملية تنظيم المدن العراقية مسؤولية الجميع وليست الدوائر البلدية فقط، في الكثير من دول العالم يسمح بوقوف السيارات على جانبي الشارع، بعد دفع ضريبة وقوف لمدة معينة مما يزيد دخل الدوائر البلدية، في كل دول العالم حدود المحال التجارية معروفة ولا يمكن التجاوز على الأرصفة.

حتى طبيعة المحال محددة داخل المدن ليس هنالك محل نجارة أو حدادة أو سمكري سيارات، بينما لدينا هذه الورش داخل الأزقة، وتمارس عملها المزعج دون أكتراث بالبيئة والصحة وإزعاج المواطن والتأثير على الطاقة الكهربائية المخصصة لهذا الزقاق أو تلك المحلة، والسبب في ذلك أن الكثير من الدوائر المعنية لم تأخذ دورها المطلوب، وتركت الأمر وكأنه لا يعنيها رغم إنه من صميم واجباتها الرقابة والمحاسبة.

لدينا أجهزة رقابة كثيرة، سواء في الصحة أو البلديات أو الكهرباء أو غيرها من الدوائر الأخرى، وهنالك تعاون كبير من المواطن معها وعليها أن تستثمر الوقت من أجل أن تستعيد المدن العراقية رونقها وجماليتها.

الملاحظة الأولى التي يشخصها أي زائر لأية مدينة عراقية خاصة مراكز الأقضية، هي غياب الجمالية عن هذه المدن وتراجع مستوى الخدمات فيها، وأسباب ذلك كثيرة، لعل أبرزها عمليات قطع الشوارع، التي حدثت في السنوات الماضية بسبب الوضع الأمني آنذاك، مما حول الكثير من الشوارع إلى أسواق كبيرة لسنوات عدة.

عندما تم فتح هذه الشوارع (رفع الحواجز الكونكريتية) في العام الماضي وجدنا أن ظاهرة التلوث البصري، ازدادت أكثر بحكم أن هذه الشوارع بما تحتويه من مجاري تصريف المياه قد طمرت بشكل كبير، مضافا لذلك أن الشوارع نفسها قد تغيرت بحكم بناء (بسطيات) في وسطها وعلية رفعها أثرت كثيرا على أرضية الشوارع، التي بات الكثير منها شوارع طينية لا يمكن السير فيها سواء للمارة أو السيارات.

لهذا الأمر كان يتطلب صيانة هذه الشوارع وإعادتها للحياة، وعدم تركها بهذا الشكل السيئ، والذي يعكس بالتأكيد صورة مشوهة للمدن العراقية، التي ظلت لسنوات عدة شبه مقفلة بحكم الوضع الأمني، وكان الكثير من الناس تتوقع مع عودة الحياة الطبيعية والوضع الأمني المستقر أن تعود هذه المدن، لأن تنال استحقاقها من الإعمار والبنى التحتية أو على أقل تقدير تستعيد ما كانت تتمتع به من جمالية وإن كانت محدودة.

ونحن هنا لا نتحدث عن مدينة أو قضاء معين، بل تشمل نسبة عالية جدا من المدن العراقية، خاصة مراكز الأقضية التي لا تمتلك سوى شارع رئيس واحد، يفصل شرقها عن غربها، وعلى طرفيه أرصفة باتت ملكا لأصحاب المحال لا يمكن للمواطن السير عليها، وشوارع وإن خلت من (البسطيات) إلا إنها لم تعد صالحة للسير للناس أو المركبات.

لذا نجد من الضروري جدا أن يُعاد النظر من جديد بجمالية المدينة العراقية، عبر الاهتمام بالشوارع ومداخل المدن وإعادة الأرصفة إلى أصحابها الشرعيين، وهم المارة من الناس، بدلا من حجزها واستثمارها، من قبل أصحاب المحال الذين يعتبرون الرصيف إمتدادًا طبيعيا وجغرافيا لمحالهم تتيح لهم تكديس البضائع عليها، خلافا للقانون وتجاوزا صريحا على حق المواطن.

اضف تعليق