العلاج السلوكي المعرفي هو «نهجٌ فاعل وتوجيهي ومنظَّم، يعتمد على الأساس المنطقي النظري القائل بأن مشاعرَ الفرد وسلوكه يتحدَّدان إلى حدٍّ كبير بالطريقة التي يُرتَّب بها العالم». الفكرة الأساسية هي أن الأفكار والمشاعر ستؤثِّر وتتأثَّر بسلوكك وردود أفعالك الفسيولوجية. وكلُّ هذا يتأثَّر بالبيئة المحيطة بك...

في مسرحية «هاملت»، كتبَ شكسبير «لا يوجد شيءٌ جيد أو سيئ في حد ذاته، ولكن التفكير هو ما يجعله هذا أو ذاك»، مدركًا أن الطريقة التي نفسِّر بها الأحداث تؤثِّر على ردود أفعالنا الانفعالية تجاهها. الفكرة الأساسية وراء العلاج السلوكي المعرفي هي أن كيفية إدراكك للموقف تؤثِّر على شعورك به. على سبيل المثال، إذا تجاهلتك إحدى معارفك فسيثير ذلك ردَّ فعلٍ انفعاليًّا يختلف باختلاف كيفيةِ تفسيرك للأمر. قد يكون ردُّ الفعل الانفعالي هو القلق («قد أكون فعلت شيئًا أزعجها؟»)، أو الاكتئاب («لا أحدَ يرغب في التحدث إليَّ على أي حال؛ أنا مملٌّ للغاية»)، أو الغضب («يا لها من وقحةٍ متغطرسة للغاية، أنا لا أستحق مثل هذا الازدراء!»). من ناحية أخرى، قد يكون ردُّ الفعل محايدًا («ربما تكون شاردةَ الذهن ولم تلاحظني»).

وفقًا لنص بيك وزملائه الكلاسيكي في عام ١٩٧٩، فإن العلاج السلوكي المعرفي هو «نهجٌ فاعل وتوجيهي ومنظَّم، يعتمد على الأساس المنطقي النظري القائل بأن مشاعرَ الفرد وسلوكه يتحدَّدان إلى حدٍّ كبير بالطريقة التي يُرتَّب بها العالم». الفكرة الأساسية هي أن الأفكار والمشاعر ستؤثِّر وتتأثَّر بسلوكك وردود أفعالك الفسيولوجية. وكلُّ هذا يتأثَّر بالبيئة المحيطة بك. لذا، ليس فقط ما يحدُث لك هو الذي يحدِّد تجربتك الشعورية، بل أيضًا تفسيرك لما حدَث. عندما يبدو أحد المشاعر غير متناسِب مع الحدث، يمكن للمعنى الشخصي الذي يربطه الفرد بالحدث أن يفسِّر ردَّ الفعل الانفعالي. ولذا، لفهم ضوائق الناس، لا بد أن نفهم «معانيهم»، أي إدراكاتهم؛ أي طريقتهم الفردية في إدراك تجاربهم في العالم. وهو ما يفتح بابَ إمكانية القدرة على تقليل ضوائقهم، من خلال مساعدتهم على تعديل هذه التفسيرات.

صياغة الحالة

يَستخدم جميع أشكال العلاج النفسي مفهومَ «صياغة الحالة»؛ أي الفَهْم النظري لكيفية تطوُّر المشكلة النفسية واستمرارها. تلك الصياغة هي إحدى الطرق الأساسية التي تتمايز من خلالها مدارس العلاج النفسي المختلفة. وهي تختلف في العلاج السلوكي المعرفي عن مدارس العلاج النفسي الأخرى، ليس فقط بالنظريات التي تستند إليها، ولكن أيضًا بالطريقة التي تُتَناوَل بها. تكون عمليةُ وَضْع صياغةِ الحالة في العلاج السلوكي المعرفي، عمليةً تعاونية وشفَّافة، وقائمةً على الفرضيات. وتُستنبط الصياغة -ألا وهي عملية فَهْم الصعوبات التي يعانيها المريض- بشكل تعاوني بين المريض والمعالِج. يقدِّم المعالِج خبرتَه في النظريات المعرفية والسلوكية، ولكن المريض هو الخبير فيما يتعلَّق بتجربته الخاصة. يضع المريضُ والمعالِج معًا فرضياتٍ حول ما أدَّى إلى تطوُّر المشكلة (المشكلات)، وما الذي يجعلها مستمرة.

تُقْتَرح صياغةٌ أولية في شكل فرضية، أو مجموعة من الفرضيات، على أن يتم تطويرها واختبارها وتحسينها خلال العلاج. يجب أن تكون الصياغة في العلاج السلوكي المعرفي صياغةً «فردية»، بحيث تكون مخصَّصة لفرد بعينه. ستكون عناصر الصياغة مشتركةً لدى الأشخاص الآخرين الذين يعانون مشكلاتٍ أو تجاربَ مماثلةً، ولكن المحتوى الدقيق للصياغة في العلاج السلوكي المعرفي لن يعكس سوى تجربة ذلك الفرد فقط. لكي تكون الصياغة مفيدة، لا بد ألَّا تشرح فقط تطوُّر المشكلة، ولكن أيضًا ما الذي يجعلها مستمرةً في الوقت الحاضر. إن هذه العوامل المُحافِظة هي التي تحافظ على استمرار المشكلة، وهي التي يترتَّب عليها ظهورُ أهداف العلاج؛ أي: ما الذي يتحتَّم تغييره حتى لا يواجه هذا الشخصُ تلك المشكلةَ بعد ذلك.

نظرية بيك عن الاضطرابات الوجدانية

نظرًا لتركيز العلاج السلوكي المعرفي على الإدراك، وعلى تفسير الفرد للأحداث، يحتاج نموذج العلاج السلوكي المعرفي إلى تفسير كيفية تكوين الأشخاص لمِثل هذه التفسيرات المميزة. أوضح بيك نظريتَه حول كيفية تطوُّر الاضطرابات الوجدانية، في كتابه الذي نُشر عام ١٩٧٦ بعنوان «العلاج المعرفي والاضطرابات الوجدانية». وقد اقترح، بناءً على التجارب المبكرة التكوينية، أن الناس يطوِّرون «معتقدات أساسية» (التي تسمَّى أحيانًا أيضًا ﺑ «المعتقدات المحورية» أو «المعتقدات غير الشرطية») عن أنفسهم والعالَم والآخرين. إذا كانت هذه المعتقَدات الأساسية سلبيةً (على سبيل المثال، «أنا لست جيدًا بما فيه الكفاية» أو «العالم مكان سيئ»)، فلا بد للأفراد أن يجدوا طريقةً للتكيُّف مع هذه المعتقَدات. 

على سبيل المثال، يجب أن يجدوا طرقًا للتعامل مع تحديات الحياة المترتِّبة على اعتقادهم بأنهم ليسوا جيدين أو قادرين بالقَدْر الذي يرون أنهم بحاجة إليه. ومن ثَمَّ يطوِّرون قواعدَ لمساعدتهم على التعامل مع الحياة، على الرغم من معتقَداتهم الأساسية السلبية. قد تكون بعض هذه القواعد غيرَ فعَّالة؛ ومن ثَم تُعرف باسم «الافتراضات غير الفعَّالة» (وتُعرف أحيانًا ﺑ «المعتقدات الشرطية» أو «قواعد الحياة الشرطية»). هذه القواعد التي تتَّخذ صيغةَ «إن كان كذا، فسأفعل كذا» توجِّه سلوكَنا، وتساعدنا على التعامل مع المعتقَدات الأساسية السلبية عن أنفسنا أو الآخرين أو العالَم. ربما كانت هذه القواعدُ فعَّالة (تكيُّفية) فيما سبق في الظروف التي تعلمها الفرد فيها، ولكنها قد تكون أقلَّ تكيفية في ظروفٍ لاحقة؛ ومن ثَم يمكن أن تؤديَ إلى اضطراب وجداني. على سبيل المثال، يمكن أن تكون قاعدة مثل «لا بد أن أُبقي الآخرين بعيدًا عني وإلا فسيحاولون التحكُّم بي» استجابةً تكيُّفية للعلاقات الأسرية المتشابكة، ولكن خارج هذا السياق الاجتماعي، من المُحتمَل أن يكون لها أضرارٌ كبيرة مثل العُزلة.

النوع الأخير من المعتقَدات (أو التفكير) الذي يشكِّل أهميةً في نموذج العلاج السلوكي المعرفي للاضطراب الوجداني هو «الأفكار التلقائية». وهي الأفكار الموجودة على المستوى السطحي، والمخصَّصة لمعالجة الوضع الحالي بصورةٍ أكثر تحديدًا، والتي يُعتقد أنها تلعب دورًا أكبرَ في استمرار الاضطرابات الوجدانية بدلًا من التسبُّب فيها. لذا، يحدِّد نموذج بيك ثلاثة مستوياتٍ أو أنواع مختلفة من الإدراك التي يُعتقد أنها مهمة؛ «المعتقدات الأساسية»، و«الافتراضات غير الفعَّالة»، و«الأفكار التلقائية»، ويوضِّح الشكل ٣-١ خصائصَ هذه الأنواع أو مستويات الإدراك.

 

شكل ٣-١: خصائص «مستويات» الإدراك المختلفة.

على المستوى السطحي الذي يسهُل الوصول إليه، توجد «الأفكار التلقائية» التي هي تيار الوعي الذي يمرُّ عَبْر أذهاننا. تشبه هذه الأفكار صوتَ أزيز الثلاجة أو ضوضاء الطريق في الخلفية؛ ولذلك قد لا نُعيرها الاهتمام دائمًا، ولكن يمكننا اختيارُ الإنصات إليها إذا أردنا ذلك. إنها أكثرُ أنواع الأفكار تحديدًا وأقلُّها عموميةً. أما على الطرف الآخر من السلسلة، فتوجد «المعتقَدات الأساسية» التي يصعُب الوصول إليها، والتي تكون أكثرَ عمومية. المعتقَدات الأساسية هي معتقَدات مطلَقة وغير شرطيةٍ عن أنفسنا أو الآخرين أو العالَم. تتضمَّن المعتقَدات الأساسية السلبية أفكارًا مثل «أنا غبي» أو «الآخرون غير جديرين بالثقة»، وتعمل هذه المعتقَدات بمنزلة مُرشِّح لخبرتنا، مما يجعلنا نلاحظ ونتذكَّر المعلومات التي تتوافق معها.

 أما «الافتراضات غيرُ الفعَّالة» فهي تقع على مستوًى وسطٍ بين الأفكار التلقائية والمعتقَدات الأساسية، وهي القواعد التي نستخدمها لتوجيه سلوكنا. عادةً ما تتعلَّق الافتراضات غيرُ الفعَّالة بما يعتقد الناس أنهم بحاجةٍ إليه؛ كي يكونوا سعداء أو آمنين، وكيف عليهم التصرُّف ليرَوْا أنهم جديرون بالاحترام، والمعايير التي يتوقَّعونها من أنفسهم، والآخرين، والعالَمِ بشكلٍ عام. تتمحور المخاوفُ الرئيسية حول القبول والإنجاز والسيطرة. يقدِّم الجدول التالي أمثلةً على افتراضاتٍ أكثرَ وأقلَّ فعاليةً في هذه النطاقات.

أمثلة على الافتراضات الأكثر والأقل فاعليةً

الإنجاز

«إذا لم أتمكن من إنجاز الأمر على نحو مثالي، فلا جدوى من المحاولة» في مقابل «من الجيد أن أجتهد، ولكن من غير الواقعي أن أتوقَّع القيام بكل شيء على أكمل وجه.»

القبول

«إذا كان شخصٌ ما لا يحبني، فهذا يعني وجود عيب فيَّ» في مقابل «لست بحاجة إلى استحسان الجميع لكي أشعر بالرضا عن نفسي.»

السيطرة

«طلب المساعدة علامةٌ على الضَّعف» في مقابل «يمكن أن يكون طلب المساعدة وسيلةً لإيجاد حل، وهو أفضل من المعاناة غير الضرورية بمفردي.»

على سبيل المثال، الشخص الذي لديه معتقَد أساسي بأنه غبي استنادًا إلى تجاربَ مبكِّرة، مثل ضعف التحصيل الدراسي في المدرسة، سيطوِّر قواعدَ أو استراتيجياتٍ للتعايش على الرغم من اعتقاده بأنه غبي. قد يعمل هذا الشخص بكدٍّ شديد للغاية ليعوِّض غباءَه المتصوَّر؛ ومن ثَم قد يقوم في الواقع بعملٍ جيد للغاية. سيعكس هذا الافتراض القائل «لا بد أن أجتهد أكثرَ من الآخرين لمواكبتهم»، وقد يكون تكيفيًّا في العديد من المواقف. وبالمقابل، قد يفعل العكس ولا يجتهد على الإطلاق ليتجنَّب أن يُفْضَح غباؤه، أو لأنه مقتنع تمامًا بأنه سيفشل، لدرجةِ أنه لا يرى أيَّ جدوى من المحاولة.

 يُحتَمل أن تكون هذه الاستراتيجية أقلَّ تكيُّفية. كما سيكون للمواقف التي يجد نفسَه فيها تأثيرٌ أيضًا. فإذا واجه الشخص الذي يستخدم استراتيجيةَ العمل بكَدٍّ دائمًا لتعويض غبائه المتصوَّر؛ موقفًا يتعذَّر عليه فيه بذلُ جهدٍ إضافي، أو يفشل في تحقيق المعيار المطلوب، على الرغم من عمله الجاد، فسَيُثَار معتقَده الأساسي بأنه غبيٌّ وسيصبح أكثرَ وعيًا به، مما سيزيد من احتمالية الشعور بالضيق. أما الشخص الذي لا يملِك معتقَدًا أساسيًّا بأنه غبي، فقد يعزو مثل هذه الإخفاقات إلى الظروف أو الحظ السيئ؛ ومن ثَم يكون وَقْع التجربة عليه أقلَّ إزعاجًا، وربما تكون احتمالية محاولته مرةً أخرى أرجحَ.

قد تكون المعتقَدات والافتراضات غيرُ الفعَّالة ضارَّةً بسبب مضمونها - فأيُّ شخصٍ يعتقد أنه سيئٌ من المحتمَل أن يعاني- ولكن قد لا يكون مضمونُها غيرُ الفعَّال واضحًا. على سبيل المثال، تُقَدِّر بعضُ السياقات الاجتماعية الثقافية الاستقلالية، وقد تكون هناك مزايا في عدم الاعتماد على الآخرين، وفقًا للسياق الذي توجَد فيه. تتميز المعتقَدات الأساسية والافتراضات غيرُ الفعالة بأنها شديدة الجمود و/أو التطرُّفِ، ولا تعكس تعقيدَ الطبيعة البشرية. من الجيد بالطبع إيلاءُ الأولوية لاحتياجات الآخرين، عندما تكون لديك الموارد اللازمة لذلك، ولكن الشعور بالإلزام بوَضْع الآخرين دائمًا في المقام الأول؛ تفكيرٌ غير تكيُّفي على الأرجح في العديد من المواقف.

يُعتقد أن كلًّا من المعتقَدات الأساسية والافتراضات غير الفعَّالة، يجعل الفردَ عُرضةً للإصابة بالاضطراب الوجداني، اعتمادًا على الظروف. وتلعب الأفكار التلقائية دورًا كبيرًا في استمرار الاضطراب بمجرد استثارتها. وتتفاعل كلُّ هذه الأنواع الثلاثة بعضها مع بعض، بالإضافة إلى الاستجابات الفسيولوجية والسلوكية، لتبقي الفرد «عالقًا» في دائرة الاضطراب. وعلى الرغم من أن عملَ بيك ركَّز في الأصل على الاكتئاب، فقد طُبِّق «النموذج المعرفي للاضطراب الوجداني» الخاص به على مجموعةٍ واسعة من الاضطرابات الوجدانية، ونسخة النموذج الموضَّحة في الشكل ٣-٢ أدناه هي مزيجٌ عامٌّ من نُسخٍ مختلفة يمكن استخدامُها، لمحاولة فَهْم تطوُّر أي مشكلةٍ انفعاليةٍ والدور الذي تلعبه الحلقات المُفْرغة في استمراريَّتها. وسننظر فيما يلي في كيفيَّة فَهْم النظريات السلوكية المعرفية، لكيفيَّة تطوُّر المشكلات النفسيَّة واستمرارها، قبل أن ننتقل إلى تناول التدخُّلات المستخدَمة لعلاجها.

 

شكل ٣-٢: نموذج علاجٍ سلوكي معرفي عام.

النتائج المستخلصة من نموذج العلاج السلوكي المعرفي

كما رأينا، تتمثَّل إحدى الفرضيات الأساسية للنموذج السلوكي المعرفي في أن الأحداث ليست فقط هي المهمة، بل الطريقة التي نفسِّر بها تلك الأحداث. ومن ثَم، لمساعدة الأشخاص، نحتاج إلى فَهْم عمليات تفكيرهم، أي طرقهم النموذجية والخاصة بكل موقفٍ لإدراك العالم. يمكن أن يحمل نفس الحدث معانيَ مختلفة تمامًا، كما هو موضَّح أعلاه في المثال الذي يتعرَّض فيه شخصٌ للتجاهل من إحدى معارفه. ومع ذلك، يعتمد ذلك على السياق؛ إذ توجد بعض الأحداث التي تسبِّب إزعاجًا للجميع، مثل تجربة الصدمة أو فقدان الأحباء، وأحد الانتقادات الموجَّهة إلى نموذج العلاج السلوكي المعرفي، هو أن تركيزه على تفسيرِ الفرد للأحداث ينطوي على إمكانية التهوين من وطأة الضيق النفسي، الذي يعانيه نتيجةً للظروف الحياتية الصعبة. فإذا جرى تشخيصك بمرضٍ يهدِّد حياتك، فأي قَدْر من العلاج السلوكي المعرفي لن يفيد بشيءٍ.

 إن الجانب الذي يمكن للعلاج السلوكي المعرفي أن يفيد فيه على أكبرِ نحوٍ؛ هو عندما يكون ردُّ الفعل الانفعالي غير متناسبٍ مع الحدث، فيما يتعلَّق بشدته أو مدَّته. ومع ذلك، فهناك شيءٌ من إصدار الأحكام متضمَّن في تحديدِ ما إذا كان ردُّ الفعل الانفعالي مبالغًا فيه أو غير متناسبٍ مع الحدث. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون الشعور بالحزن الشديد لفقدان الأطفال مفهومًا للجميع، ولكن ماذا عن نفس مستوى الحزن المفرِط تجاه فقدان حيوان أليف محبَّب؟ وهكذا، تؤثِّر المعايير الاجتماعية والثقافية على ما يُعتبر متناسبًا مع الحدث. علاوة على ذلك، حتى عندما يكون الحدث محزنًا بشكل واضح، فقد يكون للعلاج السلوكي المعرفي بعضُ الفوائد في مساعدة الشخص على إيجاد أفضل طريقة للتكيُّف مع الظروف المتغيِّرة.

تهدف عمليةُ وَضْع صياغة الحالة في العلاج السلوكي المعرفي إلى تقديم فَهْم لِما يسبِّب المشكلات، أو يجعلها تستمر، أو يعيق حلَّها. على سبيل المثال، إذا نسبت الرفضَ إلى شعورٍ متأصلٍ بكونك غير محبوب، فسيؤثِّر ذلك على استجاباتك الانفعالية والسلوكية بشكلٍّ مختلِف عما إذا نسبته إلى الظروف أو سوء الحظ. من المرجَّح أن يؤديَ عزو الرفض إلى وجودِ خَطْب ما بك إلى مزيدٍ من الحزن، وسيؤثِّر على الأرجح على سلوكك المستقبلي في المواقف التي يكون فيها الرفض أمرًا محتملًا، وهو ما قد يتجلَّى على سبيل المثال في صورةِ تجنُّب العلاقات، أو بذل محاولاتٍ حثيثةٍ لإرضاء الآخرين، أو التظاهر بطبيعةٍ عكس طبيعتك. قد تؤثِّر هذه الاستجابات بدورها على احتماليةِ حدوث المزيد من الرفض، كما هو موضَّح في الشكل ٣-٣. وهذا مجرد مثال واحد لنوعِ الحلقة المُفْرغة التي يمكن أن تُتضمَّن في نسخةٍ فرديةٍ من النموذج العام الموضَّح في الشكل ٣-٢.

 

شكل ٣-٣: حَلْقة مفرغة توضِّح الاستجابات المحتمَلة تجاه الرفض.

* مقتبس من كتاب (العلاج السلوكي المعرفي: مقدمة قصيرة جدًّا)، لمؤلفه فريدا مكمانوس، مترجم من قبل مؤسسة هنداوي

اضف تعليق