لم تنجح الأمم المتحدة اضافة الى هيئاتها (ومنها محكمة العدل الدولية) في نزع فتيل أي توتر او صراع، بل العكس من ذلك مع استمرار استهتار القوى العظمى خاصة امريكا بضرب جميع المواثيق والاعراف الدولية عرض الحائط الاّ التي تتماشى مع توجهها الكولنيالي وليبراليتها المتوحشة فوجدت إسرائيل...
هل تستطيع المحكمة الجنائية الدولية اصدار مذكرات توقيف بحق قادة الكيان الاسرائيلي رغم الضغوط السياسية؟
من الناحية النظرية وبموجب الاعراف الدولية تستطيع المحكمة الجنائية الدولية ان تقوم بذلك وان كانت قراراتها غير ملزمة اجرائيا، وبالنسبة لمجلس الامن الدولي يكون ضمن وصاية البند السابع في حال استمرار الاعتداء او تعريض الامن الاقليمي او الدولي للخطر كما حصل مع العراق اثناء اعتداء صدام حسين على دولة الكويت، وللاسف الممضّ، لكن كان دور المحكمة الجنائية الدولية جاء لتسليط الاضواء على مسالة غزة أي كان دورها اعلاميا فقط ولتعريف المجتمع الدولي بالجرائم التي يرتكبها قادة اسرائيل ومن يقف معهم (امريكا والغرب وهم الشركاء الفعليون مع نتنياهو) ومن باب اسقاط فرض في ظل سطوة عاصفة الفيتوهات الامريكية-البريطانية واستخفافها بالمطالب التي تفرضها الدول بإيقاف العدوان والابادة الممنهجة ضد المدنيين الابرياء والتي طالت حتى الاطفال الرضع، مثل الصين وروسيا وجنوب افريقيا وغيرها من الدول اضافة الى المجموعة العربية (غير المؤثرة) والافريقية (الضعيفة) ودول العالم الثالث وحتى العالم الثاني، وكلها تطالب بوقف العدوان الممنهج والمستمر حتى هذه اللحظة بغطاء امريكي-غربي فضاعت مقررات تلك المحكمة وتبخرت مع استمرار النهج الاسرائيلي العدواني المستمر من 7 اكتوبر ولحد الان، كون مقررات المحكمة غير ملزمة قانونيا وضمن الاعراف الدولية ولاتوجد أي اشارة تدل على تنفيذ أي مقرر لهذه المحكمة ولأي جهة او قضية كانت حتى القضايا الحدودية البسيطة.
ولكن بقضية غزة يجب ان يراجع المجتمع الدولي نفسه ويعيد حساباته لأنه يبدو وكما صار واضحا للعيان لا توجد هيئة عليا تضبط ايقاع فواعل القوى في ذلك المجتمع وتنظم وتحيّد من عناصر القوة الغاشمة التي تدخل الدمار والرعب في القوى غير السائرة في فلك القوى العظمى (اصحاب الفيتو) والاستطالة النوعية في مجلس الامن، ومن جملة مراجعات المجتمع الدولي النظر في جدية هيئاته الاممية العاملة ضمن الامم المتحدة وهل هي تؤدي دورها الانساني المفروض ضمن اهداف التأسيس؟
ولكن يبدو ان تلك المراجعات قد فات آوانها لان الامم المتحدة تأسست عام 1945 وكان سبب تأسيسها هو ابعاد العالم عن النزاعات والحروب المدمرة والماسي التي تتركها ومن ذلك التاريخ ولحد الان لم تنجح الأمم المتحدة اضافة الى هيئاتها (ومنها محكمة العدل الدولية) في نزع فتيل أي توتر او صراع، بل العكس من ذلك مع استمرار استهتار القوى العظمى خاصة امريكا بضرب جميع المواثيق والاعراف الدولية عرض الحائط الاّ التي تتماشى مع توجهها الكولنيالي وليبراليتها المتوحشة فوجدت اسرائيل في ذلك الملاذ الآمن للاستمرار في النهج العدواني المستهتر ومايجري في غزة شاهد على هذا الكلام، ولهذا السبب بقيت قرارات المحكمة الجنائية الدولية حبرا على ورق وستبقى ولاقيمة قانونية لمقرراتها.
هل تؤثر التوترات داخل الكيان الاسرائيلي على مستقبل الحرب في غزة؟
لا اعتقد ان التوترات الداخلية ستؤثر على موضوع هذه الحرب (التي ستؤثر عليها حتما وتوجه محدداتها الفواعل الجيوسياسية الاقليمية والدولية خاصة الامريكية/الغربية ومنظومة مصالحها)، لان طبيعة التوجهات السياسية لأصحاب القرار في اسرائيل هو توجه يميني متشدد وهو أقرب الى الصقور، ومن حرب رمضان اكتوبر 1973 صار التوجه السياسي لأصحاب القرار في اسرائيل نحو اليمينية المتشددة وليس اليمينية فقط.
فاليمين الاسرائيلي هو يمين متغطرس وعدواني وليس مجرد وجهة نظر ايديولوجية كما هو موجود في بعض دول اوروبا اليوم حيث صعد اليمين على حساب اليسار والصقور على حساب الحمائم، وانا شخصيا لا ابرئ نظرية المؤامرة في هذا الصعود وذلك بالتدخل الامريكي اليميني في معظم سياسات الدول التي تسير في فلكها ومنها اسرائيل ذات التوجه اليميني (المتشدد) فالتوترات الداخلية ستبقى عابرة ولا تأثير لها على محددات السياسة الداخلية او الخارجية لإسرائيل، كون التوجه اليميني المتشدد سيبقى سائدا مادام التأثير الامريكي سيبقى مستمرا، اما الاخبار التي تتحدث عن عدم "التوافق" بين بايدن ونتنياهو فهذه مجرد محاولات لذر الرماد في العيون ومحاولات لليّ قناعات الراي العام الدولي الغاضب من هذا الثنائي المتغطرس.
اضف تعليق