بدأ العراق مرحلة جديدة في مجال الطاقة النووية، واستئناف مزاولة نشاطه النووي، بالتعاون مع وكالة الطاقة الذرية، في خطوة من شأنها أن تدعم خطط بغداد لتأمين احتياجاتها من الطلب المتزايد على الكهرباء، ووفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة، تعمل حكومة بغداد بالتعاون مع وكالة الطاقة الذرية...
بدأ العراق مرحلة جديدة في مجال الطاقة النووية، واستئناف مزاولة نشاطه النووي، بالتعاون مع وكالة الطاقة الذرية، في خطوة من شأنها أن تدعم خطط بغداد لتأمين احتياجاتها من الطلب المتزايد على الكهرباء، ووفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة، تعمل حكومة بغداد بالتعاون مع وكالة الطاقة الذرية على وضع خريطة طريق لتطوير عمل العراق وبناء البنى التحتية والحصول على التكنولوجيا النووية في المجالات السلمية.
ونقل بيان لمركز الوقاية من الإشعاع، اليوم الخميس 4 أبريل/نيسان (2024)، تدوينة مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، جاء فيها أنه "بعد مرور قرابة 43 عامًا على تدمير إسرائيل أول مفاعل نووي عراقي تم بناؤه، يبدأ العراق مرحلة جديدة على صعيد الطاقة النووية ومزاولة نشاطه النووي للأغراض السلمية بدعم الوكالة الدولية".
وكانت لدى العراق 3 مفاعلات نووية في منطقة التويثة جنوب بغداد، ودمّرت ضربة جوية إسرائيلية أحد المواقع في 1981، في حين دمّرت الطائرات الأميركية الموقعين الآخرين خلال حرب الخليج في 1991.
إزالة التلوث الإشعاعي
أشار مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع صباح الحسيني، إلى أن إنجازات كبيرة تحققت في مجال إزالة آثار التلوث الإشعاعي الذي نجم عن الحروب المتتالية للنظام السابق وما تركته من آثار في البيئة"، وفق ما ذكرته وكالة واع.
وأضاف أن الفرق الفنية المختصة وبالتعاون مع عدد من الحكومات المحلية في العديد من المحافظات بذلت جهودًا كبيرة وعملت على مدار الساعة ولأشهر طويلة لتحقيق الهدف الأكبر والأساسي وهو إعلان عراق خالٍ من آثار التلوث الإشعاعي، وهذا بالتأكيد إنجاز وطني كبير يتناسب مع المعايير العالمية ومع مبادئ الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأشار إلى الدور الرقابي المهم الذي يؤديه مركز الوقاية من الإشعاع في الرقابة على أنشطة إدارة النفايات المشعة في عموم البلاد والإجراءات الرقابية للمركز في تحسين الواقع البيئي الإشعاعي من خلال الرقابة على أنشطة تفكيك وتصفية المنشآت النووية المدمرة التابعة للبرنامج النووي العراقي السابق.
وأوضح أن المركز بالتنسيق مع الجهات الأخرى متمثلة بمديريات هيئة الطاقة الذرية، تمكّنت من إزالة الكثير من الملوثات الإشعاعية وبدعم حكومي مركزي، لافتًا إلى أن هناك مناطق لا تزال تشهد تلوثًا إشعاعيًا والعمل جارٍ فيها لإزالته من خلال إجراءات علمية وتقنية، لإعلان العراق خاليًا من التلوث الإشعاعي.
وكان مدير عام وكالة الطاقة النووية رافائيل غروسي، قد أكد، خلال زيارته الأخيرة إلى العراق على رأس وفد من خبراء الوكالة، قيام الوكالة بتشخيص الاحتياجات والعمل على توفير كل ما تتطلبه الهيئات العراقية المختصة من الدعم لإنجاح عملها.
الطاقة النووية في العراق
يعمل العراق بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إنشاء مفاعل نووي للأغراض السلمية في قطاع الكهرباء.
وقال وزير التعليم العالي والبحث العلمي رئيس هيئة الطاقة الذرية العراقية نعيم العبودي، مؤخرًا، إن العراق كان من الدول المتقدمة لسعيه لامتلاك الطاقة الذرية والآن يسعى لأن يكون من الدول التي تمتلك الطاقة النووية للأغراض السلمية.
من جانبه، قال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي، على هامش زيارته للعراق مؤخرًا، إن الوكالة تعمل على محاور أساسية بالتعاون مع حكومة بغداد؛ منها التوقف عن صفحة الماضي والتحول إلى الاستعمال السلمي للطاقة الذرية، ودعم وإنشاء برنامج نووي سلمي.
وعبّر عن سعادته بإعلان تشكيل وفد عراقي من مختلف التخصصات لزيارة مقر الوكالة في النمسا لوضع خريطة طريق لإنشاء ودعم البرنامج؛ إذ بدأنا بالفعل وضع خريطة طريق للاستعمالات السلمية في الصحة والزراعة والطاقة النظيفة.
وشدّد على أن برنامج تصفية المنشآت والمواقع النووية المدمّرة في العراق، الذي انطلق بإشراف ومتابعة الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمنفّذ من قِبل تشكيلات هيئة الطاقة الذرية وزارة العلوم والتكنولوجيا سابقًا، يُعَد من المشروعات الوطنية المهمة ذات الأثر الكبير في النهوض بالواقع البيئي في العراق؛ لما يمثله بقاء تلك المنشآت من خطورة على صحة المواطنين والبيئة.
استيراد الوقود
على الرغم من أن العراق يُعدّ ثاني أكبر منتج للخام في منظمة أوبك، مع امتلاكه احتياطيات كبيرة من النفط والغاز، فإن الأوضاع الأمنية والسياسية التي تعانيها البلاد أضعفت من إمكان إنتاج الغاز اللازم لتوليد الكهرباء، مما دفع للاعتماد على الوقود المستورد، ونتيجة اعتماده على الوقود المستورد، تعرّض العراق مؤخرًا إلى نقص شديد في إنتاج الكهرباء عندما قررت إيران تخفيض تزويد بغداد بالغاز الطبيعي جراء عدم سداد الأخيرة الديون المستحقة.
وكانت الحكومة العراقية قد تعثّرت في سداد ديون بقيمة 4 مليارات دولار لإيران نهاية يونيو/حزيران الماضي، إذ كان من الصعب دفع هذه الديون في ظل تفشّي جائحة كورونا، بالإضافة للمشكلات الاقتصادية الأخرى.
وبحسب تصريحات سابقة للمتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، نقلاً عن وكالة الأنباء العراقية (واع)، يحتاج العراق لنحو 70 مليون متر مكعب من الغاز لتوليد الكهرباء في فصل الصيف.
وبالنظر إلى الاحتياطيات، كان يجب أن يتمتع العراق بالاكتفاء الذاتي من الطاقة، لكن عقودًا من أضرار الحرب وسوء الإدارة جنبًا إلى جنب مع الاعتماد المفرط على صادرات النفط والغاز، تعني أن البلاد لا تُولّد طاقة كافية لتلبية الطلب المحلي.
معوقات أمام الحل النووي
برز الحلّ النووي أحد الطرق الممكنة التي تساعد العراق في تقليل اعتماده على الغاز الإيراني، وعلى الربط القائم بينهما من خلال 4 خطوط كهربائية، ولكن ما هي الصعوبات التي من المحتمل أن تواجه تطبيق الفكرة؟
وتناول تقرير منشور على موقع نشرة علماء الذرّة (منظمة غير ربحية تهتم بقضايا العلوم والأمن العالمي)، بعض المعوقات والمشكلات التي قد تواجه خطة العراق نحو بناء مفاعلات نووية لمواجهة الانقطاع المستمر للكهرباء وتقليل الاعتماد على الغاز الإيراني.
وجاء في مقدّمة تلك المشكلات -وفقًا لرؤية التقرير- التكلفة المالية لإنشاء وصيانة المنشآت النووية، والتي قد تمثل عبئًا ماليًا كبيرًا على الحكومة العراقية، وسط أزمة اقتصادية تواجه البلاد مع عجز موازنة، من المتوقع أن يسجّل 28.67 تريليون دينار(نحو 20 مليار دولار) بنهاية العام الحالي.
ويرى التقرير أنه من الصعب تبرير مشروع بقيمة 40 مليار دولار، في الوقت الذي تعاني فيه الحكومة من صعوبة في الوفاء بالتزاماتها المالية.
وتسبّب انخفاض أسعار النفط العام الماضي -نتيجة التداعيات السلبية لفيروس كورونا- في اتجاه الحكومة إلى الاحتياطيات الأجنبية والاقتراض لدفع رواتب موظفي القطاع العامّ، بالإضافة إلى إلغاء خطة لإصلاح وتحديث شبكة النقل في البلاد.
المعضلة المالية للحكومة العراقية تتفاقم، مع حقيقة أن نحو ثلث تكلفة الكهرباء المولدة لا يُدفع ثمنها من قبل الأفراد، وذلك بسبب سرقة التيار..
وبالفعل، تدعم الحكومة تكاليف الكهرباء بشكل كبير، إذ يدفع العملاء نحو 10% فقط من التكلفة الفعلية للكهرباء التي يستخدمونها.
ونتيجة ذلك، تحتاج وزارة الكهرباء -بحسب التقرير- إلى 12 مليار دولار سنويًا لموازنة التكلفة، ومن شأن إضافة الطاقة النووية في مزيج الطاقة لتوليد الكهرباء أن يزيد التكلفة بشكل أكبر على الحكومة.
ومن شأن إضافة الطاقة النووية إلى هذا المزيج أن يزيد من التكاليف التي تحتاجها الوزارة، بناءً على حجم التمويل الذي يحتاجه العراق للمشروع.
الهجوم الإرهابي مصدر قلق
يمثّل الهجوم الإرهابي المتكرر الذي تتعرض له أبراج الكهرباء في العراق، مصدر قلق رئيس، بحسب رؤية التقرير، مع حقيقة أن شبكة الكهرباء تجاوزت 35 هجومًا إرهابيًا حتى الآن هذا العام.
ورأى التقرير أن إدخال التكنولوجيا النووية من شأنه أن يزيد من خطر وصول المواد النووية إلى الإرهابيين في العراق، سواء من خلال مسؤول حكومي فاسد، أو عبر الهجوم على منشأة نووية.
كما إن البرنامج النووي سوف يُثير شكّ الدول المجاورة للعراق، خصوصًا أنها تتمتع بمصدر وفير من النفط والغاز، مما سيعيد للأذهان المخاوف من استغلال الاستخدام المدني للمفاعلات الذرّية في التغطية على تطوير أسلحة نووية أكثر خطورة، بحسب ما ذكره التقرير.
ويزيد هذا الخطر من عدم اليقين بشأن ماذا سيحدث حال عدم الوصول لاتفاق حول برنامج إيران النووي أو تجديده.
وخلص التقرير إلى حاجة العراق للكهرباء، لكن الطاقة النووية لن تكون الحل لمواجهة تلك الأزمة، فعلى المدى القصير يتطلب إعادة بناء نظام نقل وتوزيع الكهرباء المعطل، بالإضافة إلى إدخال إصلاحات على منظومة تحصيل فاتورة الكهرباء، وحلّ مشكلة الغاز لتحسين قدرة توليد الكهرباء.
ودعا التقرير كذلك الحكومة العراقية إلى تشجيع استخدام الطاقة المتجددة على المدى المتوسط، وتنويع مزيج الطاقة لديها من خلال توسيع مشاريع الطاقة الشمسية وتجديد مرافق الطاقة الكهرومائية الموجودة حاليًا.
وأكد التقرير أن مشاريع البنية التحتية ستضمن للعراق أن يمتلك مصدرًا موثوقًا لتوليد الكهرباء على المدى الطويل، وبشكل أفضل من التوجه إلى المشروع النووي الذي سيمثل ضغطًا كبيرًا وغير ضروري على موازنة البلاد.
السبق النووي للعراق
حال توصُّل العراق إلى اتفاق بشأن بناء 8 مفاعلات نووية، لن تكون المرة الأولى لها في دخول النادي النووي عالميًا.
وتلقّت البلاد بالفعل أول مفاعل نووي لها من الاتحاد السوفيتي عام 1962، كما حصلت على مفاعلات أخرى على مدى العقدين التاليين لتلك المدة.
ورغم أن هذه المفاعلات جرى تطويرها لأغراض سلمية، فإن البلاد بدأت برنامجًا سريًا للأسلحة النووية أوائل السبعينات، وانتهكت معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية التي وقّعها العراق عام 1968، بحسب التقرير.
كما قام العراق بتخصيب اليورانيوم سرًا، بالإضافة إلى إجراء أبحاث حول تصاميم الأسلحة النووية، نقلًا عن التقرير المنشور على موقع نشرة علماء الذرّة.
وبعد حرب الخليج، وتحديدًا عام 1991، قرر مجلس الأمن الدولي تفكيك برنامج الأسلحة النووية العراقي، وبالفعل أزالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية جميع المواد النووية الصالحة لصنع الأسلحة من العراق، وأوقفت المنشآت النووية في البلاد.
وفي عام 2010، رفع مجلس الأمن الدولي رفع القيود المفروضة على الصناعة النووية في العراق.
اضف تعليق