كتبت أكثر من مقال عن المرور، أشدت بدورهم، وانتقدت أدائهم، وجميعها كانت بهدف الارتقاء بجانب من حياتنا اليومية التي تعج بالكثير من المنغصات التي تجعلك تكره روحك وتهيج قولونك، وكأنك تناولت رأس بصل على الريق، مثلما تخبرنا الكثير من مقاطع اليوتيوب...
كتبت أكثر من مقال عن المرور، أشدت بدورهم، وانتقدت أدائهم، وجميعها كانت بهدف الارتقاء بجانب من حياتنا اليومية التي تعج بالكثير من المنغصات التي تجعلك تكره روحك وتهيج قولونك، وكأنك تناولت رأس بصل على الريق، مثلما تخبرنا الكثير من مقاطع اليوتيوب عن فوائد بعض الأطعمة والأشربة عند تناولها على الريق، وتتورط بمشاهدة أحدها، فتتوالى عليك المقاطع الواحد بعد الآخر، وسبحان الذي جعل الأجهزة الالكترونية تتحسس حاجتك واهتماماتك أكثر من شعور مؤسساتنا التي يديرها بشر مثلنا لاحتياجاتنا وهمومنا .
لا نختلف على ان الجهات المرورية تعمل من أجل تطبيق النظام، ولا أحلى من النظام، والملتزم به يتسم بوعي عال، والمتشدد في تطبيقه يكشف عن حرص مفرح، وحضوره خطوة باتجاه الرقي وغيابه مظهر للتخلف، والدولة تتلمسها بسيادة القانون الذي به تضيق مساحة الغابة التي بتنا نراها تنمو من حولنا .
كل ذلك معروف، وندرك أهميته ومقدار حاجتنا له، بخاصة ونحن في مرحلة اعادة ترتيب الدولة التي هدمها الجهلة والفاسدون وغير الأكفاء الذين وضعتهم الأحزاب على رأس هرم بعض دوائرنا مع ان الكثير منهم لا يفهمون في مجالهم وليس للوطنية مكان في نفوسهم، ومخافة الله أبعد ما تكون عن عقولهم .
يزداد حرصنا على الالتزام بالنظام عندما يكون تطبيقه منطقيا، وفي منطقيته يتولد ايمان بجوهره وتمسك بإجراءاته ان كان المسؤول عن تطبيقه موجودا او غير موجود، بمعنى تحول النظام الى عقيدة في العقول، وبها يجد الأفراد في أنفسهم مسؤولين عن المحافظة عليه، ولوم الآخرين في حالة انتهاكه، فالالتزام بالنظام يجب أن يكون ثقافة وليس خوفا من المحاسبة او تحسبا من الغرامة .
واللامنطقي في اجراءات المرور شيء كثير، فمن غير المنطقي أن توجه المرور بمحاسبة سائق المركبة لعدم تجديد سنوية سيارته، بينما تغص الشوارع (بالتكاتك) التي يقودها أطفال بأعمار دون سن الرشد ومنهم دون سن العاشرة، يجولون في الشوارع على هواهم، وعلى مرأى من رجال المرور، فالحفاظ على أرواح الناس بضمنهم أرواح سواق التكتك أن يُمنع الأطفال من قيادتها بإجراءات صارمة.
سيبرر رجال المرور عدم الصرامة بغياب القوانين والأنظمة والتوجيهات التي تتيح ذلك، ما يسمح للأطفال حتى بالاعتداء عليهم لكونهم لا يدركون معنى الاعتداء على موظف أثناء الخدمة، ولذلك غالبا ما يتحاشى رجال المرور الاحتكاك بهم. فبعضهم يهمس لنفسه (هي خربانة) .
يعبر رجال المرور عن حرصهم على حياة سائقي المركبات بمحاسبتهم على عدم ارتداء حزام الأمان، ولكن قبل ذلك عليهم بذل ذات الحرص مع دوائر البلدية على ردم التخسفات في الشوارع ونصب العلامات المرورية ورفع بعض الاعلانات الحاجبة للرؤية، لأنها أخطر على حياة السائق وسلامة مركبته من عدم ارتداء حزام الأمان، أليس هذا هو المنطق .
ومن المنطقي أيضا أن تُحاسب الجهات المرورية نفسها في حال تقصيرها، وان لا تُبرىء نفسها وتلقي اللوم على سواق المركبات فقط، فمن التقصير عدم اصلاح الإشارات الضوئية بالرغم من مضي أكثر من شهر على عطلها، وتحدث بسببها حوادث تُزهق فيها أرواح مواطنين، أليست مقصرة عندما فقدت فتاة في العشرين من العمر حياتها بسبب عدم وجودهم لتنظيم السير في منطقة مزدحمة معروفة، وبعد الكارثة تتفتق القريحة عن اقامة مطب ( طسة)، وتضييق الشارع بالمثلثات البلاستيكية ليتضاعف الازدحام.
لكي يقتنع سواق المركبات بتقصيرهم أن يكون رجل المرور عادلا في محاسبة المقصرين، بأن لا يستهدف السيارات القديمة ويتجنب السيارات الحديثة جدا، طبعا توقعاته صحيحة فأصحاب السيارات القديمة فقراء وعلى قدر حالهم وليس لهم ظهر يستنجدون به كما هي حال أصحاب السيارات الحديثة جدا الذين هم من هذه الجهة او تلك، فهؤلاء قد يسببون له مشكلة، في حين (سده أمين) من الفقراء . أتمنى ألا تكون الغرامات بهدف جباية الأموال وليس من أجل تطبيق القانون .
اضف تعليق