لما كان الفساد في العراق، قد تشرعنّ تحت غطاء السياسة، أمسى يتنوع وفق مواقع المفسدين، فالفساد السياسي، والفساد المالي، والفساد الإداري، وبالتالي ظهر الفساد الأخلاقي الذي بنى لمنظومة الفساد خيمة الشرعنة، كالقيام بإعمال مخلّة بالحياء في أماكن العمل، أو أن يجمع بين الوظيفة وأعمال أخرى خارجية دون أذن أدارته، أو أن يستغل السلطة...
لما كان الفساد في العراق، قد تشرعنّ تحت غطاء السياسة، أمسى يتنوع وفق مواقع المفسدين، فالفساد السياسي، والفساد المالي، والفساد الإداري، وبالتالي ظهر الفساد الأخلاقي الذي بنى لمنظومة الفساد خيمة الشرعنة، كالقيام بإعمال مخلّة بالحياء في أماكن العمل، أو أن يجمع بين الوظيفة وأعمال أخرى خارجية دون أذن أدارته، أو أن يستغل السلطة، لتحقيق مآرب شخصية له على حساب المصلحة العامة.
برزت قضية الفساد الإداري والمالي وتجسمت للعيان، حتى أضحتْ عالمية شديدة الانتشار بحيث أخذت أبعاداً واسعة، تتداخل فيها عوامل مختلفة من الصعوبة بمكان التمييز بينها، ولفتت اهتمام الباحثين، لا سيما اختصاص الاقتصاد والقانون، بل وعلم السياسة والاجتماع، وحينما نتحدث عن مشكلة الفساد في العراق، والتي امتدت جذورها أثناء الحصار الاقتصادي في 2/9/1990 وما جرّه من ويلات على الشعب العراقي، وتدني رواتب موظف الدولة، حتى أصبح لا يكفي له مؤونته، إلا لعدة ايام من الشهر، فسادت الرشوة وتزايدت أعداد العاطلين عن العمل وتقلصت فرص المعيشة.
وأُعلنت سياسة التقشف الاقتصادي، ما وضع العراق كله تحت وطأة أحوال جديدة، أشاعت خلال 13 سنة عجاف، ظواهر لم يعرفها العراقيون من قبل، أهمها شيوع الرشوة وتناقص فرص الرفاه وانحدار مستوى العيش بشدة، ومشكلة الفساد هذه أخذت تتعمق وتتضخم وتطفو على السطح بعد سقوط النظام عام 2003م، وتحت غطاء سياسي مشرعن، وكانت آثارها المدمرة والنتائج السلبية لتفشي هذه الظاهرة المقيتة تطال كل مقومات الحياة لعموم أبناء الشعب، فتهدر الأموال والثروات والوقت والطاقات وتعرقل أداء المسؤوليات وإنجاز الوظائف والخدمات.
وبالتالي تشكل منظومة تخريب وإفساد تسبب مزيداً من التأخير في عملية البناء والتقدم، ليس على المستوى الاقتصادي والمالي فقط، بل في الحقل السياسي والاجتماعي والثقافي، ناهيك عن مؤسسات ودوائر الخدمات العامة ذات العلاقة المباشرة واليومية مع حياة الناس.
ويحدث الفساد بطريقتين: الأولى بطريق دفع الرشوة والعمولة المباشرة إلى الموظفين والمسؤولين في الحكومة، وفي القطاعين العام والخاص لتسهيل عقد الصفقات، وتسهيل الأمور لرجال الأعمال والشركات الأجنبية، والطريقة الثانية: وضع اليد على (المال العام) والحصول على مواقع متقدمة للأبناء والأصهار والأقارب في الجهاز الوظيفي.
وهكذا حتى أصبحت صفقات كبرى بالمقاولات وتجارة السلاح، ولهذا أصبحت مناصب الدولة بشقها التنفيذي تُباع بأسعار خيالية وتغلغل الفساد في البرلمان أيضا، نتيجة نظام المحاصصة، الذي انتهجه النظام السياسي بعد سقوط النظام بحجة توازن القوى، استنادا للتقسيم المشؤوم السنة والشيعة والأكراد، ومع الأسف اتخذ هذا التقسيم طرقا غير طبيعية، أي خلاف وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، بحيث احدهم تنقل في مناصب عديدة بعيدة عن أي اختصاص.
وبالتالي تبيَّن أن شهادته تزوير، وظاهرة على السطح ظاهرة التسقيط السياسي، وكُشفتْ عدة أوراق على لسان كبار الساسة، فمثلا تقسيم الكعكة، بل وكشف احدهم انه تقاضى مليار دينار مقابل تمشية صفقة، وهو عضو برلمان، أي إنه من السلطة التشريعية وآخرها صفقة القرن، التي أسدل عليها الستار، ومقترفوها احرار، والظاهر أن الكبار من الساسة داخلين فيها، ولما كان الفساد في العراق، قد تشرعنّ تحت غطاء السياسة، أمسى يتنوع وفق مواقع المفسدين، فالفساد السياسي، والفساد المالي، والفساد الإداري.
وبالتالي ظهر الفساد الأخلاقي الذي بنى لمنظومة الفساد خيمة الشرعنة، كالقيام بإعمال مخلّة بالحياء في أماكن العمل، أو أن يجمع بين الوظيفة وأعمال أخرى خارجية دون أذن أدارته، أو أن يستغل السلطة، لتحقيق مآرب شخصية له على حساب المصلحة العامة، أو أن يمارس المحسوبية بشكلها الاجتماعي، الذي يسمى (المحاباة الشخصية) دون النظر إلى اعتبارات الكفاءة والجدارة، ناهيك عن الانحرافات المالية ومخالفة القواعد والأحكام، التي تنظم سير العمل الإداري والمالي في الدولة ومؤسساتها، ومخالفة التعليمات الخاصة بأجهزة الرقابة المالية، كالجهاز المركزي للرقابة المالية المختص بفحص ومراقبة حسابات وأموال الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة والشركات.
وبما ان الفساد بكل أنواعه آفة اجتماعية وخطرٌ يتهدد المجتمع، فلا بد من محاربة كل أنواعه وظواهره لأجل تطهير المجتمع منه، ومحاولة محاربة «الشطط في استعمال سلطة الموقع العام واستغلالها من اجل الحصول على امتيازات تخدم مصالح خاصة»، وتسخير الإعلام ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان للكشف عنه، وتعرية القائمين عليه مهما كانت مكانتهم السياسية والاجتماعية، وبالتالي تحديث قاعدة الوظيفة العامة، وفق إنتاجية المسؤول ومدى نجاح مهمته في تلك الدائرة، أو المؤسسة وغيرها.
اضف تعليق