من يرغب أن يشكل شرق أوسط جديد، فعليه ان يفكر الف مرة بالعواقب والضحايا، فعسى ان يتخلص كل هؤلاء من هذا الفكر، ويكفي ما كسبوه من دروس في إقامة هذا النظام، بل ينبغي ان يسعى الى ويرفع شعار من شرق اوسط كبير الى شرق اوسط جديد وعلى يد أبناءه...
مثلّت الاحداث الامنية الجارية في فلسطين وما تتعرض له غزة من عدوان إسرائيلي فتك بكل شي حي، نقلة نوعية في تغيير خارطة الاحداث في الشرق الاوسط الجديد وخط المواجهة المحتمل، وهي علامة أخرى على أن الشرق الاوسط لن يعود الى ما كان عليه سابقاً، حيث اجتمعت عوامل مهمة في تغيير الخارطة السياسية، وساهمت في ان يكون العديد من مكونات الشرق الاوسط أضعف مما كان عليه عام 2011، وبقراءة تحليلية من المرجح أن تزداد ضعفاً، فهناك عوامل متعددة هي خارجة عن سيطرة الحكومات الاقليمية جزئياً على الاقل ولكنها ستتطلب تركيزاً متجدداً منها.
باتت حرب الكيان الصهيوني على فلسطين وتحديداً قطاع غزة تمثل اختباراً حقيقي لمفهوم وحدة الجبهات، والذي قد يشهد اتساع رقعتها وانضمام جبهات أخرى الى هذه المواجهة، إذ تشير التقارير الخبرية بأن الخطاب اللافت الذي القاه زعيم أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي في العاشر من الشهر الجاري، والذي أشار فيه بوضوح الى ان اليمنيين مستعدون لأداء واجبهم المقدس في الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني، ما يعني أن رقعة المواجهة مع الولايات المتحدة قد تتسع، وأن واشنطن غير قادرة على الدخول في صراع مباشر مع محور المقاومة، لان ذلك سيكون له تداعيات خطيرة على المصالح الامريكية والصهيونية في المنطقة، الى جانب العراق والذي هو الآخر لعب دوراً مهماً سواءً في الجانب الرسمي او موقف المرجعية الدينية العليا او الموقف الشعبي الرافض، والذي لعب دوراً كبيراً ومهماً في مواجهة عصابات داعش الارهابية وأظهر حماسه الكبير في دعم المقاومة الفلسطينية.
تؤكد التقارير بأن الرئيس الامريكي جو بايدن قد طلب من إسرائيل تأجيل الغزو البري على غزة الى حين إطلاق سراح المحتجزين بوساطة قطرية، وأن بايدن يسعى الى تأخير الغزو البري لغزة من أجل أطلاق سراح هؤلاء لذلك يضغط باتجاه تأجيل هذا الاجتياح، مايعني أن واشنطن بدأت تعني تماماً قواعد اللعبة وأن إسرائيل اليوم ليست إسرائيل الامس، والعكس صحيح فان حماس والمقاومة الفلسطينية ليست هي الامس وأن قواعد التفاهم تغيرت تماماً وأن المتغيرات في المنطقة أصبحت امراً واقعاً لا محال وأصبح هناك عنصراً آخر دخل لعبة التفاوض أسمه (حماس).
إدارة بايدن تحاول حالياً تحقيق اهداف في دعمها لإسرائيل، فهي تسعى لمواجهة التوترات بين تحقيق التقدم في هذه الاهداف وبين إشراك دول الشرق الاوسط بالأهداف الاستراتيجية الامريكية سواءً على الصعيد الدبلوماسي او الامني والذي سيمنع اندلاع حريق اوسع نطاقاً، إذ كان الاسبوع الماضي صعباً بالنسبة لإدارة بايدن مع التصعيد الخطير وارتفاع اعداد القتلى بين صفوف الجيش الاسرائيلي والامريكي على حد سواء.
يرى الكثير من المحللين والمراقبين للمشهد في الساحة الفلسطينية أن الازمة الحالية قد تحدد مستقبل التعامل الامريكي مع المنطقة ككل، وان خيوط اللعبة تغيرت تماماً، بالاضافة الى مناطق الاشتباك أصبحت اكثر توازن بين الكيان الاسرائيلي وما وراءه وبين فلسطين ومن يقف خلفها.
ينبغي على الجميع ان يدرك هذه الحقيقة ويتصرفوا وفق هذه المعطيات، وليس فقط بمعايير الشعوب والدول في الشرق الاوسط، بل لإقامة نظام دولي جديد يحترم كل طرف الطرف الآخر وعلى أساس المصالح المشتركة بين جميع الاطراف، والذي سيوصل الى تحقيق أعلى المكاسب والمصالح الاقتصادية والمالية، وبالتالي الاجتماعية والثقافية، واما فيما يتعلق بالربيع العربي، فمن يرغب أن يشكل شرق أوسط جديد، فعليه ان يفكر الف مرة بالعواقب والضحايا التي ستكون لقاء هذا المخطط، فعسى ان يتخلص كل هؤلاء من هذا الفكر، ويكفي ما كسبوه من دروس في إقامة هذا النظام، بل ينبغي ان يسعى الى ويرفع شعار "من شرق اوسط كبير الى شرق اوسط جديد" وعلى يد أبناءه.
اضف تعليق