بعد ان خاضت الولايات المتحدة الامريكية تجربتها العسكرية في سوريا، بقيادة "التحالف الدولي" المكون من أكثر من (60) دولة غربية وعربية، لضرب التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها "داعش" الإرهابي، جاء دور روسيا في خوض ذات التجربة، والاستعانة بحلفائها في الشرق والغرب، للقيام بعمل عسكري متزامن مع العمل الأمريكي، لكن على طريقتها الخاصة.
الطائرات الروسية خرجت من مرابضها في اللاذقية لتختار أهدافها في عموم مناطق سوريا قبل أيام... بينما تحدثت انباء عن دخول مئات المقاتلين الى سوريا قادمين من إيران، للمشاركة في عملية برية واسعة النطاق، ربما يتم التخطيط والتنفيذ لها بقيادة الخبراء الروس، سيما إذا صدق الكلام عن دخول مئات الجنود الروس مع معداتهم العسكرية المتطورة الى سوريا أيضا.
تركيا حملت راية المعارضة بوجه الروس... باعتبارها او من يمثلها على الأرض السورية، هم أكثر المتضررين من الحملة الروسية، على اعتبار انها ستخلط الأوراق مجددا، وفي بيان جماعي تلت تركيا اعتراضها فيها بالمشاركة مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وحلفاء من دول الخليج واخرين، وأكدت فيه ان الضربات الروسية في (إدلب، حماة، حلب) كانت تستهدف "المدنيين" وليس "الإرهابيين" من تنظيم "داعش"... اما الرد الروسي فكان باردا تجاه هذه التصريحات، حيث اكتفى "بوتين" بالتعليق عليها بانها "هجوم اعلامي".
قبل ان تتدخل روسيا (بصورة مباشرة) في الازمة السورية، سبق هذا الخلاف... خلاف بين الحلفاء، اوربا-امريكا-الخليج، حول ثلاث عقبات لم يستطيعوا التوافق حولها حتى اليوم:
- اسقاط النظام السوري
- البديل السياسي
- كيف سيتم ذلك؟
فكما اختلف بعضهم في ضرورة اسقاط نظام الأسد كمفتاح أساسي للحل في سوريا، كان اخرون، ومنهم الولايات المتحدة الامريكية، لا يريدون الاستعجال بسقوط النظام الذي يمكن ان يتسبب بمزيد من الفوضى وللإنظام.
كثرة النماذج المطروحة، كانت سبب اخر في تعميق الخلاف، سيما وان اغلب هذه النماذج كانت واجهات لأنظمة داعمة تحاول استبدال نظام الأسد القريب من روسيا وإيران بنظام اخر قريب منها، كما ان نماذج (إسلامية متطرفة) كانت ابعد من ان تنال القبول بالنسبة للأطراف الغربية، الا انها دعمت من قبل الدول الخليجية بمساعدة تركيا.
اما... كيف سيتم الامر؟ فقد كان السؤال الأكثر خلافا وتداولا بين هذه الأطراف... وربما كانت طبيعة التعقيدات والتباعد في وجهات النظر... سببا إضافيا في خلق مساحة سياسية وعسكرية مناسبة تمكن الدب الروسي من ولوجها والاستفادة منها... خصوصا وان الولايات المتحدة الامريكية كانت ترغب، منذ البداية، بدور روسي في مكافحة الإرهاب عالميا، الا ان هوة الخلافات والتحركات الجانبية لحلفائها غالبا ما تعرقل مساعي الهدف الأساسي للحملة ضد التنظيمات المتطرفة في الشرق الأوسط... وقد المح قادة الولايات المتحدة الى هذه الحقيقة، ومنهم نائب الرئيس الأمريكي (جو بايدن) عندما سمى دولا خليجية تدعم جهات (إرهابية) في سوريا لتسريع اسقاط النظام السوري.
اغلب الظن سيكون الوضع مختلفا في سوريا مع دخول روسيا الحرب... ستكون الولايات المتحدة الامريكية هي الرابح الأكبر، فمن جهة سيكون التعامل مع روسيا أسهل بكثير من التعامل مع خمس او عشر أطراف متناقضة، ومن جهة أخرى ستتحمل روسيا أعباء الخلافات السياسية والضغوط التي تحملتها أمريكا سابقا، من حلفائها الاوربيين او الخليجيين حول (الملاذ الامن) و(الأسد) وغيرها من الطلبات.
روسيا ستعمل مع الولايات المتحدة بشكل وثيق، بخلاف اوربا (فرنسا وبريطانيا)، والخليج (السعودية وقطر)، إضافة الى تركيا، وستعزز إيران وحزب الله الموقف الروسي في سوريا... اما النظام السوري فسيتم الحفاظ على بنيانه المؤسساتي لكن من دون (الأسد)... ربما سيكون البديل بالتوافق بين أمريكا وروسيا وليس أمريكا واوربا... وقد حدد الرئيس الروسي مدة الحملة العسكرية في سوريا بـ(4) أشهر، ربما ستكون هي المدة التي يحتاج اليها الروس ومن معهم لتغيير بعض المعادلات القائمة الان.
اضف تعليق