عمت عينكم يا حكامنا، هذا ما قالته امرأة ريفية وهي تسمع تكبير الجوامع تضامنا مع أهالي غزة، بعد أن يأس الناس من أن يكون للحكام العرب فعلا يعيدون به للشعب العربي كرامته، مع ان لا مثيل له في الشجاعة والغيرة على وطنه، لكن الحكام وليس غيرهم من يقف حائلا دون التعبير بالأفعال عما يجول في صدور الجماهير...
(عمت عينكم يا حكامنا)، هذا ما قالته امرأة ريفية وهي تسمع تكبير الجوامع تضامنا مع أهالي غزة، بعد أن يأس الناس من أن يكون للحكام العرب فعلا يعيدون به للشعب العربي كرامته، مع ان لا مثيل له في الشجاعة والغيرة على وطنه، لكن الحكام وليس غيرهم من يقف حائلا دون التعبير بالأفعال عما يجول في صدور الجماهير، ولهذا أقول لهم: كونوا على يقين اذا ما انتهت أحداث غزة بالطريقة التي يريدها الصهاينة، فلا تتوقعوا حلا للقضية الفلسطينية اطلاقا، وسيمضي المشروع الصهيوني نحو أهدافه التوسعية التي لن تتوقف عند حد، هذه المرة الأحداث مختلفة تماما، وكأن مخططا مبيتا يُراد للمنطقة أن تكون عليه، والبداية من غزة، معقل آخر من تبقى من التنظيمات العربية للدفاع عن الحق الفلسطيني في استرجاع أرضه والعيش بسلام.
ومع ان الصهاينة يعرفون ان الطريق سالكة لمخططاتهم، ولن يعترض حكامنا عليها بشكل حقيقي، لكنهم مع ذلك اتخذوا من غزة بالون اختبار، يزيدون من وحشية عدوانهم عليها يوما بعد آخر، للتعرف فيما اذا كان هناك موقف لدولة عربية خارج توقعاتهم، لكن للأسف الشديد ما صدر عن حكامنا ضمن التوقع، فلم يتخذوا من المواقف ما يضع حدا لهذه الوحشية برغم الخيارات المتاحة أمامهم.
فاذا كان حال أهالي غزة عصي على الوصف، ابادة جماعية على مرأى ومسمع العالم كله، حصار وصل الى الخبز والماء والدواء ، أطفال يذبحون دون رحمة، آلاف الأسر بلا مأوى، يحتمون بالمشافي ظنا منهم ان العدو لن يتجرأ على قصفها تحسبا من ردود الأفعال الدولية، فاذا بها من أولى أهدافه، هذه هي الحال، فماذا ينتظر الحكام العرب؟
المضحك أن يصف الصهاينة أبطال المقاومة بالدواعش، بينما لم يحدث ان انفجرت سيارة مفخخة في أي بلدة من التي تحت احتلالهم، او انفجار حزام ناسف يرتديه واحد من أصحاب الشعر الأشعث في تجمع للمستوطنين، ألا تذكرون السنوات السود التي مرت بها بغداد ومدن عراقية أخرى، حينها صرنا نستغرب ان فات يوم دون أن تنفجر سيارة مفخخة او انتحاري او عبوة ناسفة، ولو كانت حماس او غيرها من التنظيمات الفلسطينية داعشية، لصارت المدن التي يسكنها الصهاينة جحيما، ولما بقي شخص في مستوطناتهم، ان الصمت الداعشي عن أقدس قضية لدى العرب والمسلمين يؤكد بما لا يقبل الشك ان داعش صنيعة صهيونية أمريكية، ولو اتخذت دولة عربية الآن موقفا صارما ازاء الوجود او المصالح الأمريكية في المنطقة، لوجدت الدواعش على حدودها.
ان وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب الداعشي أمر خطير للغاية، بدايته خلق ذريعة تعلّب اعلاميا بأشكال مقنعة للرأي العام العالمي لتبرير الأفعال الصهيونية الشنيعة ضد الشعب الفلسطيني، وتنتهي بتحالف دولي بحسب مقترح الرئيس الفرنسي ما كرون لتصفية المقاومة التي تثير القضية بين حين وآخر بأعمال مقاومة بسيطة وبحدود امكانياتها، بينما يرغب الصهاينة أن تكون القضية الفلسطينية حدثا هامشيا لا يلفت الأنظار.
السؤال الأهم : ما الذي يمنع الحكام العرب من اتخاذ مواقف شجاعة تعبر عن غضب الجماهير على ما يجري لإخوانهم في غزة، كالتلويح بإلغاء معاهدات السلام، والتهديد بالتنصل من التطبيع، او التخويف بقطع العلاقات الاقتصادية، او ايقاف تصدير النفط للدول الداعمة للكيان الصهيوني، وآخرها التهديد باستخدام القوة في حال لم يوقف الصهاينة عدوانهم، والقبول بحل الدولتين بوصفه مقترحا أجمع عليه المجتمع الدولي.
ان المواقف المضحكة لحكامنا بإدانة العدوان، والمطالبة بفتح المعابر لدخول المساعدات، والدعوة الى هدنة انسانية، لا تعبر عن ضمير الأمة وقدسية القضية، بل تكشف عن خوف واضح على شخوصهم، فصورة الذين سحلتهم أمريكا ومن ورائها الصهاينة ما زالت ماثلة أمام أنظارهم، مع ان خنوعهم هو من هيأ لأمريكا أن تقوم بذلك. يا للهوان.
اضف تعليق