لايجهد العربي في وصف وطنه فهو غير معقد كما هو الحال في البلدان المحترمة الأوربية منها مثلا، فالمواطن الألماني يحار في الإجابة عن مستقبل بلده، وكيف يصف حال الصناعة والتجارة والتقدم الحاصل وماهي التقنيات العالية التي تغزو العالم وتحتل كل مافيه فلاتترك محلا إلا وتخللته بتقنية جديدة وإبتكار غير مسبوق وإبداع يفوق الإبداع، وكذلك الفرنسي والروسي والبريطاني والأمريكي والياباني والكندي وووووو.

بينما لايحار العربي، وسيقول، والله بصراحة زايدة أقول لكم، إن المستقبل غير واضح والجماعات التكفيرية تشتغل، والإسلام السياسي يصطدم بسهولة مع التيارات المدنية، والصحافة زبالة، بينما التجارة فهي في الحضيض، ولاتوجد آمال بتطوير البنى التحتية كثيرا، بينما الشباب العاطل عن العمل فسيظل يبحث عن فرصة عمل، أو إنه يبحث عن فرصة ليرمي نفسه في قارب مطاطي متجها نحو الشمال في أمل الوصول الى القارة الأوربية، ولعله يحظى بالمنى فيفتح عينيه وهو في النمسا أو فنلندا دون أن يعي إن الهجرة لاتعني بالضرورة النجاح. فالناس في تلك البلدان يسابقون الزمن من أجل ضمان حياة كريمة، وقد لايستطيعون تقبل شركاء جدد خاصة من الذين يأتون محملين بالهموم والآلام والآمال التي لاتتسع لها الدنيا بأسرها وبحجم العقد التي عانوها.

ماهو المستقبل بالنسبة للمصري واليمني والسوري والعراقي واللبناني والفلسطيني؟ تصوروا حال شعب يخرج للتظاهر مطالبا بتخليصه من الزبالة، ويرفع شعار طلعت ريحتكم! أي مستقبل ينتظر شعب لا يعرف سبيلا للتخلص من النفايات، هذا في لبنان، وفي العراق ومصر فالحل واحد، وديان ومنخفضات تملؤ بملايين الأطنان من الأزبال سنويا، ولا سياسة واضحة لتغيير الوسيلة التي يمكن التخلص بها من تلك الأكوام المرعبة التي تتحول رويدا الى جبال مرتفعة يحار المرء في وصفها والناس تشتكي ويأتي الصغار ليعيشوا في المزابل والمقابر، ويعتقدون إن مستقبلهم كله صار في المزبلة، وقد يتزوجون وينجبون فيها ويكبر أبناؤهم ولايعلمون من هذا العالم سوى المزبلة. وحين تسأل أحدهم عن خياراته سيقول لك، أنا عشقت رائحة المزابل وسيظل قلبي يحن إليها ويقودني أنفي هناك حيث الروائح المنبعثة في الليل والنهار تذكرني بالأمس، وترسم لي صورة الغد الأسود.

الناس يسألونني عن وطني فلا أجد صعوبة في إجتراح الجواب، إنه وطن معذب منهك منسي فيه السياسيون ينهبون ويسرقون ويأنفون من الشعب ويهينونه، ويعاملون معاملة السفيه الذي يقال بحقه عادة، ولاتأتوا السفهاء أموالكم.

أي مستقبل ينتظر أمة يسرح ويمرح فيها دعاة الدين المزيفون الذين ينسجون خرافاتهم في المساجد والشوارع، ويقتلون ويذبحون على هواهم، بينما السياسيون منشغلون بمكاسبهم والحروب تستعر بين الطوائف والقوميات، والشبان والمثقفون يهربون الى البعيد؟.. مستقبلنا زبالة في زبالة في زبالة.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق